سرد تنموي    فيصل بن مشعل: المذنب تشهد تطوراً تنموياً وتنوعاً في الفرص الاستثمارية    محمد بن عبدالرحمن: تطور نوعي في منظومة "الداخلية"    الذهب يرتفع.. ورهانات على خفض «الفائدة»    قطاع عقاري مستقر    أرامكو تحقق أرباحاً رغم التحديات الجيوسياسية وانخفاض أسعار النفط    جريمة مقتل الطالب السعودي تهز مشاعر البريطانيين    إنسان: إيداع أكثر من 10 ملايين ريال في حسابات المستفيدين    احذروا الثعابين والعقارب ليلاً في الأماكن المفتوحة    سعود بن نايف يشدد على الالتزام بأنظمة المرور    "الإسلامية" تنفذ برنامجاً تدريبياً للخُطباء في عسير    صحن المطاف مخصص للطواف    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دوراً كبيراً في تعزيز قيم التسامح    الرياح الموسمية والرواتب ترفعان أسعار الأسماك 48% في جازان    85.9% من المنشآت تعتمد على الدفع الإلكتروني    مُؤتمر حل الدولتين يدْفع لإِقامة الدولة الفِلسطينية    الصمت في الأزمات الإعلامية    النقد السلبي    اتحاد المنطاد يشارك في بطولة فرنسا    الأخضر تحت 15 عاماً يخسر أمام أميركا    الانضباط تغرم الهلال وتحرمه من المشاركة في السوبر المقبل    تقليل ضربات الشمس بين عمال نظافة الأحساء    لجنة الانتخابات تعتمد قائمة نواف بن سعد لرئاسة الهلال    أسماء المقاهي العالمية حيلة تسويقية تستهدف الباحثين عن عمل    "الانضباط" تحرم الهلال من السوبر السعودي للموسم القادم وتغرمه 500 ألف ريال    الخليج يستقبل الجدد    مجلس الوزراء: إقرار نظام الفصلين لمدراس التعليم العام    وزارة التعليم تثمن قرار مجلس الوزراء باعتماد فصلين دراسيين لمدراس التعليم العام    الراحل تركي السرحاني    دواء من الشوكولاتة يواجه فيروسات الإنفلونزا    اعتماد قواعد غرفة التحكيم المختصة بمنازعات الرقابة المالية برابطة الدوري السعودي للمحترفين    الأمن العام : الصلاة في صحن المطاف تعيق حركة المعتمرين    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة هروب    الشؤون الإسلامية تختتم البرنامج التدريبي المتخصص للمراقبين ومنسوبي المساجد في جازان    الاتفاق يواصل تحضيراته وديمبيلي يقترب من العودة    أمير جازان يُقلّد مدير مكافحة المخدرات بالمنطقة رتبته الجديدة    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    أغسطس.. شهر المناعة العالمي لحماية الأجيال    إطلاق نظام الملف الطبي الإلكتروني الموحد "أركس إير"    12 نائبا ديمقراطيا يطالبون ترمب بالاعتراف بفلسطين    3 سيناريوهات إسرائيلية أخطرها الاجتياح الشامل لقطاع غزة    الدعم السريع منح مخيم لاجئين إلى مرتزقة    بعد الانكسار    خطوة يومية!    مشيداً بخطط الاستثمار والنهج الاستباقي.. صندوق النقد يؤكد قوة السعودية في مواجهة التحديات الاقتصادية    ضمن كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. Team Falcons يمنح السعودية أول ألقابها    موجز    أم تخفي طفلتها بحقيبة سفر تحت حافلة    الدقيسي    رحب بالجهود الأمريكية للتسوية في أوكرانيا.. الكرملين يحذر من التصعيد النووي    أكد أنه لا تدخلات سياسية.. وزير العدل اللبناني: تحقيقات مرفأ بيروت في مراحل متقدمة    البريد يصدر طابعًا تذكاريًا لأمير مكة تقديرًا لإسهاماته في تعزيز التنمية الثقافية والاجتماعية    المنتخب السعودي ينافس 14 دولة في«أولمبياد النووية»    إصدار معماري يوثق تطور المسجد النبوي عبر العصور    الحراثة التقليدية    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    أمير تبوك يبارك حصول مجمع مباسم الطبي على شهادة "سباهي"    وكيل إمارة جازان يرأس اجتماع الاستعدادات للاحتفال باليوم الوطني ال 95    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإقصاء وثقافة التطرف

الإقصاء والتطرف بجميع أشكالهما من وجهة نظري مرفوضان شكلاً ومضموناً، حيث أن منهج الإقصاء والتطرف مهما كان شكلهما وطريقتهما لهما الأثر السلبي الكبير على الفرد والمجتمع.
ولو أوجدنا تعريفاً للإقصاء فقد عرفه البعض بأنه تجاهل الآخر وتهميشه، وعدم النظر إليه مهما كانت صحة مواقفه وآرائه وأقواله، والمقصود بالإقصاء هو الإبعاد، وعكسه التقريب.
ومن مسببات الإقصاء عقلية الأنا وأحادية الرأي لدى الإنسان، وهو ما يعرف بالأنانية وحب الذات، حيث أن هذه العقلية لا تسمح بتعدد الآراء ولا بقبول الآخر، ولا يعترف بالاختلاف لأنه لا يعترف بغير ذاته، ولا يرى إلا من خلال ذاته فقط.
ويتشكل الموقف الإقصائي لدى الشخصيات والذهنيات التي تدعي احتكار الحقيقة وامتلاك الفهم المنفرد، ومن خلال ذلك تجعل هذه الشخصيات من كل مواقفها وقناعاتها حقائق تاريخية لا تقبل النقاش أو النقد ويكون الطرف الآخر هو الملزم بالتنازل عن رأيه ووجهة نظره لصالح الرأي الأول.
وقد تعددت أساليب الإقصاء، فهناك الإقصاء الاجتماعي والإقصاء الفكري، أما ما يخص الإقصاء الاجتماعي فقد يكون هناك إقصاء يستخدم في المنزل من قبل ولي الأمر فيكون مستبداً ونفوذه قوياً فلا يسمح لأحد من أبنائه أن يتحدث معه أو يعرض عليه فكرة أو مشورة، حتى ولو كانت في مصلحته، وبهذا الأسلوب ينعدم الحوار في المنزل بسبب ممارسة الإقصاء.
أما النموذج الآخر وهو الإقصاء المستخدم في المدرسة بين المعلم والتلاميذ، حيث لا يسمح في بعض المدارس للتلاميذ بإبداء آرائهم وطرح أفكارهم عبر الحوارات الهادئة البنائة.
وبهذه الممارسات الإقصائية الخاطئة التي تمارس على الأبناء في المنزل والمدرسة يكون ضررها قوياً ومؤثراً عليهم في المستقبل، فقد يصبحون من أصحاب الإقصاء لأنهم تدربوا عليه وشاهدوه.
أما النموذج الأخير وهو الإقصاء بين المسؤول والموظف، فكم من مسؤول تجاهل أفكاراً وآراء نيرة وهادفة؟ بسبب تعسفه وعدم قبوله بتعدد الآراء والأفكار المخالفة لرأيه وعدم اعترافه بالحوار والمناقشة مع موظفيه، ويصبح الموظفون تنفيذيون لأوامره ويقتل الإبداع والتطوير فيهم بسبب ممارسته للإقصاء عليهم.
أما الإقصاء الفكري فيقصد به تهميش واستبعاد الآراء ووجهات النظر بين أصحاب التيارات المتنوعة فيما بينهم, وهذا الاختلاف من وجهة نظري اختلاف له تأثير سلبي على مستوى الحراك الثقافي بين الأطياف المختلفة، وقد يكون الإقصاء الفكري على وجهتين، الوجه الأولى: إقصاء الفكرة دون التعرض لصاحبها أو المساس به وهذا الإقصاء قد يكون مقبول بسبب نقد الفكرة لا نقد صاحبها.
أما الوجه الآخر: فهو إقصاء الشخص ومحاولة تقزيمه واتهامه بالتكفير أو بالتخوين، أو شتمه، أو سبه، أو المساس بحياته الشخصية، وهذا النوع من الإقصاء مرفوض تماماً لأنه يتنافى مع آداب الاختلاف، ويتنافى أيضاً مع عاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية التي رسخت فينا حب الآخرين واحترامهم جميعاً بمختلف ميولهم الفكرية والطائفية، وكذلك يتنافى أيضاً مع مبدأ الحوار وتطبيقاته وقيمه الهادفة والبنائة.
وتتمثل خطورة الذهنية الإقصائية أيضاً أنها مع الوقت تسهم في إنتاج مواقف ومشاريع منغلقة غير قابلة للنقد أو التعايش وربما تساهم في إيجاد منابر تروج وتنمي لهذه الايدلوجيا التصادمية.
أما التطرف والمقصود به التشدد وعكسه التسامح، فهو الخروج عن السلوكيات والمفاهيم المألوفة، وعدم الالتزام بالأعراف والتقاليد السائدة.
والمتطرف دائما يرفض المرونة والسماحة، وقبول الآخر، وأصحاب الأفكار المتطرفة لا يؤمنون بالحوار بسبب نظرتهم الأحادية، وجنوحهم للعناد.
والتطرف والغلو من السلوكيات الضارة بأصحابها،حيث يتقوقع المتطرفون على أنفسهم ولا يريدون التفاهم مع أحد، وينظرون للأغلبية أنهم ضدهم وليسوا معهم، وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى عن التطرف والغلو في كل شيء في الملبس والمأكل والمشرب وفي التعامل حتى في الدين أيضاً نهانا عن التطرف فيه، حيث يقول الله في كتابه الكريم:(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقّ).. النساء (الآية 171), وقد قال الله سبحانه وتعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا).. البقرة (143)، وديننا الإسلامي يحث على الوسطية والاعتدال وعدم التشدد، ولذا يستوجب علينا أن نكون معتدلين نتقبل الرأي الآخر بكل رحابة صدر، ولا نحقد على أحد بسبب أنه لم يسمعنا أو يقبل فكرتنا بل نستخدم لغة الحوار الهادئة البنائة التي توصلنا دائماً إلى نتائج طيبة ومرضية.
وإذا ما أردنا إيجاد حلول لمعالجة الإقصاء والتطرف فربما يكون ذلك عبر إشاعة مفهوم الحوار وثقافته وقيمه وترسيخ مفهوم الوسطية والاعتدال بين أفراد المجتمع كافه في المنزل والمدرسة والعمل، وكذلك قبول الآخر بغض النظر عن فكره أو مذهبه فلا بد من احترامه واحترام أفكاره حتى ولو لم نتفق معه عليها.
وللمؤسسات الحكومية والثقافية ومؤسسات المجتمع المدني دور كبير في معالجة الإقصاء والتطرف عبر تنفيذ الدورات التدريبية المتخصصة في معالجة الإقصاء والتطرف وكذلك عقد اللقاءات الحوارية والندوات الثقافية بين أصحاب التيارات المختلفة وجمعهم على طاولة الحوار لإذابة التشنجات والخلافات الفكرية فيما بينهم، لنصبح مجتمعاً واعياً ومتحضراً فكرياً وثقافياً.
وختاماً لدينا رهان وتحدٍ كبير تجاه مواجهة هذه الأفكار من خلال منهجية الحوار والتسامح وقبول الآخر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.