النقد مهمة ليست متاحة للجميع، الثقافة والموضوعية والمصداقية متطلبات مهمة -قبل التخصص– تؤهل من يريد ممارسة النقد في أي مجال. لماذا؟ لأن النقد هو التقييم وهذا يعني إبراز الجوانب الإيجابية أو القوية، ونقاط الضعف أو الجوانب التي تحتاج إلى تطوير، وهذا هو المفهوم المتبع في مجالات مختلفة، ويتضمن التقييم تسليط الضوء على النجاح وعوامل النجاح، ومناقشة الأخطاء ومسبباتها وفق تحليل يعتمد على منهجية معينة، أما النقد السلبي فهو أن يتخذ الناقد موقفًا سلبيًا عدائيًا تجاه عمل معين أو مؤسسة معينة، ثم تكون مهمته في الحياة البحث بشكل مستمر عن أي شيء يدعم هذا الموقف، ليس هذا فحسب بل يجعل هدفه الثابت شيطنة هذا العمل أو المؤسسة وتحويل النجاح إلى فشل! عين الناقد في هذه الحالة تبحث فقط عن الأخطاء والسلبيات –حسب وجهة نظره– فيعمل على تضخيمها، أما الأشياء الجميلة فهي في نظره لا وجود لها! من يفعل ذلك يصدق النظرية التي تقول، اكذب ثم اكذب حتى تتحول الكذبة إلى حقيقة. الواقع أنها لن تتحول إلى حقيقة إلا لدى المتلقي الذي يتفق مع فكر الناقد أو بعبارة أكثر دقة مع توجهاته، الأكاذيب عمرها قصير. النقد السلبي يحول النقد (التقييم) إلى انتقادات شاملة إنشائية حاسمة لا تقبل النقاش، أي أن الحالة هنا هي إصدار الحكم السلبي القاطع ثم البث المتواصل لتأكيد ذلك الحكم حتى لو تطلب الأمر قلب الحقائق وبمعنى آخر ممارسة الكذب. إبداء الرأي حرية شخصية وهو يختلف عن النقد، إبداء الرأي في موضوع معين يأتي معبراً عن شخصية صاحب الرأي وخبراته وميوله ولا يتطلب التخصص، وقد يأتي على شكل تعليق سريع حول أحداث أو أخبار اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، أما النقد فيستند على التخصص وعلى معايير ومنهجية تعتمد أسلوب التحليل والوصول إلى نتائج. إذا كانت الآراء حول عمل أو مؤسسة أو فعالية أو منتج ثقافي عبارة عن انطباعات سلبية ثابتة لا تتغير فإن هذه الآراء لا علاقة لها بعالم النقد. الرأي جزء من النقد إذا كان ينطلق من تخصص وتحليل موضوعي.