في الوقت الذي تتسارع فيه المنافسة في سوق المقاهي داخل المملكة، بدأت تنتشر ظاهرة جديدة تتمثل في تسمية الكافيهات بأسماء دول عالمية وعربية وغيرها، ورغم ما يبدو في ظاهر الأمر من لمسة عصرية أو إشارة إلى الطابع العالمي والعربي، فإن خلف هذا الاتجاه تكمن حيلة تهدف إلى جذب وإغراء الباحثين عن عمل. تسميات ترويجية مضللة يرى مختصون في سوق العمل أن بعض ملاك المقاهي باتوا يعتمدون على هذه الأسماء لاستقطاب موظفين، بالإيحاء بأن المكان راقٍ أو «دولي»، ما يعزز من رغبة العامل في الالتحاق به، خاصة في ظل التفاوت الواضح في جودة بيئة العمل بين منشأة وأخرى. تجارب وظيفية محبطة أشار عبدالرحمن القحطاني إلى أنه وجد إعلانًا لكوفي شوب يحمل اسم دولة أجنبية مرفقًا بصور جذابة للمكان، مما دفعه للتقديم، وأضاف أن بعض الإعلانات على مواقع التواصل ترفق صورًا لمقاهٍ تحمل أسماء دول، مع وعود برواتب مغرية، بينما الواقع مختلف تمامًا، وبيّن أن الحيلة تتركز على التأثير النفسي للباحث عن العمل، وجعله يشعر أن المكان عالمي، مما يسهل قبوله بالشروط، حتى وإن كانت مجحفة. من جانبها، قالت جميلة الغامدي، وهي شابة سعودية تقدمت للعمل في مقهى يحمل اسم دولة أجنبية، إنها كانت تعتقد أن المكان مميز، لكن الواقع كان صادمًا؛ فلا تنظيمات واضحة، ولا طاقم كافٍ، وكل شيء كان مخالفًا لتوقعاتها، وأوضحت أن الاسم وحده كان كافيًا لدفعها لقبول العرض، معتقدة أن المقهى عصري ومنظم، لكن الواقع كشف أن الاسم مجرد لافتة لا أكثر. خداع نفسي مشروع أوضح المستشار الاجتماعي، عبدالإله قاسم، أن هذه الظاهرة تعتمد على التأثير النفسي من خلال أسماء لافتة، تُعد من أساليب التسويق النفسي، إلا أن استغلال ذلك في تضليل الباحثين عن العمل يُعد أمرًا غير مقبول من الناحية الأخلاقية والمهنية، وأكد أهمية الرقابة على الإعلانات الوظيفية، والتحقق من مطابقة ما يُروّج له للواقع، خاصة مع تزايد شكاوى العاملين الذين اكتشفوا أن بيئة العمل مخالفة لما وُعدوا به. وشدد على أن اختيار اسم النشاط التجاري عنصر مهم في التسويق، ولكن حين يتحول إلى وسيلة للخداع أو التلاعب، يصبح من الضروري التدخل لضبطه، كما أن اتساع سوق المقاهي وتعدد المنافسين يجعل من الشفافية حجر الزاوية لكسب الثقة وبناء سمعة حقيقية ومستدامة. الحاجة لتشريع واضح بحسب محامين، فإن استخدام اسم جذاب للنشاط التجاري لا يُعد مخالفة صريحة ما لم يتضمن الإعلان تضليلًا أو غشًا في طبيعة العمل أو شروطه، ومع ذلك، يرى بعضهم ضرورة وضع معايير محددة لتسمية المنشآت، لمنع استغلال الأسماء لأغراض الإغراء أو الخداع. وأكد المحامون أنه في حال تعرض العامل لضرر بسبب عدم مطابقة الواقع لما تم الترويج له، فإنه يحق له رفع شكوى لدى وزارة الموارد البشرية، وإن لم تُحل، يتم تحويلها للمحكمة العمالية للنظر في المخالفات والتعويضات المحتملة. أبرز النقاط الداعمة - تسمية المقاهي بأسماء دول تستخدم كأداة جذب وظيفي. - بعض الإعلانات تروّج بيئة عمل مميزة لا تعكس الواقع. - التأثير النفسي للباحثين عن العمل يُستغل أحيانًا بشكل مضلل. - القانون لا يمنع التسمية الجذابة، إلا إذا تضمن الأمر غشًا أو تضليلًا. - الحاجة قائمة لتشريعات تضبط معايير تسمية الأنشطة التجارية.