يشهد المجتمع السعودي حالة من التفاؤل والأمل، بأن يكون للمملكة قطاع عقاري مثالي، يتمتع بالتوازن بين العرض والطلب، وقادر على توفير منتجات عقارية متنوعة، تلبي حاجة المواطنين والمستثمرين، والأهم من ذلك أن تكون أسعار تلك المنتجات في متناول الجميع، وهنا يقفز إلى أذهاننا ما شهده القطاع، وتحديداً في العاصمة الرياض، من ارتفاع جنوني في أسعار المنتجات العقارية والإيجارات، بسبب احتكار البعض للمنتجات العقارية، وعدم التفريط فيها إلا بأسعار ترضي غرورهم، في المقابل، لم تقف الدولة صامتة، وقررت أن تتدخل، فجاءت توجيهات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بتعزيز القطاع، وإعادة التوازن المفقود إليه. الإجراءات الخمسة التي وجه بها سمو ولي العهد في مارس الماضي، كان لها مفعول كبير على القطاع، إذ أسهمت في الحد من الارتفاعات الجنونية في أسعار المنتجات العقارية، وشعر المواطن الذي كان يحلم بشراء مسكن بسعر معقول، أن تحقيق حلمه بات وشيكاً، ورجل الأعمال الذي كان يسعى لشراء قطعة أرض بسعر منطقي، يقيم عليها مشروعه، أو استئجار مكتب لشركته، بقيمة إيجارية مناسبة، أدرك أن مسعاه ليس مستحيلاً. وتأتي نتائج الرقم القياسي العام، وأسعار التغير للربع الثاني 2025م، لتؤكد التأثير القوي والمباشر، لتوجيهات سمو ولي العهد على القطاع العقاري، من خلال حدوث تباطؤ ملحوظ للجميع في ارتفاع مؤشر أسعار العقارات بالربع الثاني، هذا المؤشر أظهر أن أسعار العقارات شهدت استقرارا ملحوظا، بزيادة لم تتجاوز 0.1 %، هذا الاستقرار جاء كنتيجة أولية لتوجيهات سموه بضرورة ضبط العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين، وحماية أطراف السوق العقاري. ولأن لغة الأرقام أصدق من غيرها، فإن الرقم القياسي بالربع الثاني سجل ارتفاعاً بسيطاً بنسبة 0.1 % فقط، بارتفاعه من 104.93 إلى 105.0 فقط، وهو ما يعني أن إجراءات سمو ولي العهد نجحت في الحد من الارتفاعات المتتالية لأسعار المنتجات العقارية، وأنها على مقربة من الوصول للاستقرار التام، دون زيادات جديدة، بل لا نستبعد أن تشهد نتائج الربع الثالث من العام نفسه تراجعاً في أسعار المنتجات العقارية، بفعل الزيادة في طرح الأراضي، التوازن بين العرض والطلب. وهنا علينا أن نتذكر أن توجيهات سموه تضمنت توجيهاً صادراً إلى الجهات المعنية بأهمية مراقبة سوق العقار، ورصد التغير في خريطة الأسعار، ومن ثم رفع تقارير دورية، تبين حقيقة هذا التغير، في إشارة إلى أن الدولة -أعزها الله- تعهدت بدفع مسيرة القطاع العقاري، وحمايته من فئة المتلاعبين الذين حاولوا -عبثاً- استغلال ضعف العرض، وبالغوا في أسعارهم، لتحقيق مكاسب ينتزعونها من جيوب المواطنين ورجال الأعمال. ويقيني أن جهود الدولة المبذولة لاستقرار أسعار المنتجات العقارية، سيكون لها تأثير كبير في ضبط القطاع، وجذب المزيد من الاستثمارات إليه، وبالتالي نموه بوتيرة سريعة، تسهم في تحقيق تطلعات رؤية 2030، التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل، بعيداً عن داخل النفط، فضلاً عن توفير فرص عمل لشباب المملكة، وليس هناك أفضل من قطاع العقار لتحقيق هذه الأهداف مجتمعة، خاصة أن هذا القطاع احتل المرتبة الثانية التي تدر دخلاً على خزينة المملكة، بعد قطاع النفط، وهو ما يفسر اهتمام الدولة به، والحفاظ على تاريخه الطويل، باعتباره قطاعاً استثمارياً شبه آمن ومستدام.