- الرأى - بدرية عيسى - جازان : في أرض اختلط فيها عبق التاريخ بصوت البحر وهمس الجبال، نشأ رجال ونساء لم يكونوا عابرين، بل صاروا جزءًا من ذاكرة المكان وروحه. من بينهم الشاعر علي محمد صيقل، الذي وُلد عام 1362ه في جزيرة فرسان بمنطقة جازان، حيث شكّل البحر ملامح وجدانه الأولى، ثم تخرّج في معهد المعلمين بجازان عام 1382ه، وتابع دراسته بحصوله على شهادة الدراسة التكميلية بالطائف عام 1394ه. عمل معلّمًا لسنوات، ومثّل المملكة في مهرجان الشعر العربي لدول الخليج عام 1408ه، وكان عضوًا فاعلًا في نادي جازان الأدبي. نشر صيقل قصائده في عدد من الصحف والمجلات السعودية، وأصدر ديوانين هما: «ترانيم على الشاطئ» (1401ه/1981م) حيث يتجلّى حضور البحر كثيمة مركزية تمنح النصوص شفافية ورقّة، ثم ديوان «أغنية للوطن» (1409ه/1989م) الذي كرّس فيه حسّه الوطني، وتضمّن القصيدة الشهيرة التي لحّنها وغنّاها الفنان محمد عمر، فصارت إحدى العلامات في الأغنية الوطنية السعودية. وقد لاحظ النقّاد أن صيقل استطاع أن يطوّع الشعر الموزون المقفّى لروحٍ حداثيةٍ في الرؤية، مع لغة تركيبية وصور جديدة، و«معجم شعري» منبثق من تضاريس بيئته البحرية والجنوبية؛ فجمع بين الأصالة والتجديد دون أن يخرج عن المألوف. ظلّ شعره انفعالًا صادقًا وإيحاءً متدفّقًا، وأثرى المشهد الثقافي المحلي بمشاركاته وندواته وأدواره في الوسط الأدبي. في يوم الأربعاء 13 شعبان 1443ه (16 مارس 2022م)، رحل علي صيقل عن عمر ناهز 79 عامًا، غير أنّ أثره بقي حيًّا في الذاكرة، وفي قصائده التي ربطت بين البحر والإنسان، وبين الوطن واللغة، فصار واحدًا من الأصوات التي لا تُنسى في تاريخ الأدب الجازاني والسعودي.