لم يكن عام 2025 عاماً عادياً، عشنا من خلاله تحولا نوعيا في بنية النظام الدولي، مع صعود المملكة العربية السعودية بوصفها فاعلاً مركزياً في إدارة الأزمات وصناعة التوازنات الدولية حيث انتقلت المملكة من دور التأثير الإقليمي إلى موقع الوسيط الدولي الموثوق القادر على جمع القوى الكبرى على طاولة واحدة وإعادة توجيه مسارات الصراع نحو التهدئة والحلول السياسية. هذا التحول لم يكن وليد لحظة طارئة بل نتاج سياسة خارجية متماسكة قادها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- مستندة إلى رؤية استراتيجية جعلت من الاستقرار أولوية ومن الحوار أداة ومن الشراكات المتوازنة ركيزة أساسية. الشراكة السعودية الأميركية تعززت المكانة الدولية للمملكة خلال عام 2025 عبر مسار غير مسبوق من التنسيق مع الولاياتالمتحدة توج بزيارتين تاريخيتين الأولى في مايو بزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الرياض والثانية في نوفمبر بزيارة سمو ولي العهد إلى واشنطن حيث عكست القمتان العلاقة التاريخية بين الدولتين، وبناء إطار استراتيجي جديد للعلاقات الثنائية. وخلال هذه اللقاءات برز توصيف واشنطن للرياض باعتبارها قلب العالم ومركز ثقله السياسي والاقتصادي وهو ما ترجم عملياً بإعلان تصنيف المملكة حليفاً رئيساً خارج حلف الناتو إلى جانب توقيع اتفاقية الدفاع الاستراتيجي التي شملت التعاون العسكري والطاقة النووية السلمية والذكاء الاصطناعي وتأمين سلاسل إمداد المعادن الاستراتيجية. قطب إسلامي جديد في سبتمبر 2025 وقعت المملكة وباكستان اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك في خطوة اعتبرت تحولا لافتا في معادلات الأمن الدولي حيث نصت الاتفاقية على مبدأ الدفاع المتبادل ما أوجد ما وصفه مراقبون بقطب إسلامي جديد يجمع الثقل السياسي والديني للمملكة مع القدرات النووية الباكستانية ضمن إطار ردعي دفاعي. ولم يقتصر الدور السعودي على بناء التحالفات بل امتد إلى احتواء التوتر النووي في جنوب آسيا عبر وساطة مباشرة أسفرت عن وقف إطلاق النار بين باكستان والهند في مايو بما جنب المنطقة مخاطر تصعيد واسع. دعم الاستقرار العربي في الملف السوري قادت المملكة تحركا دبلوماسيا واقتصاديا لإعادة دمج سوريا في محيطها العربي والدولي ودعمت الاعتراف بالقيادة الجديدة برئاسة أحمد الشرع وطالبت برفع العقوبات الدولية وقدمت دعما ماليا شمل تسديد ديون دمشق للبنك الدولي والمساهمة في استقرار مؤسسات الدولة. أما في القضية الفلسطينية فقد ثبتت المملكة موقفها التاريخي الرافض لأي تسوية تنتقص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني حيث صدر بيان الفجر السعودي في فبراير مؤكدا عدم إقامة أي علاقات مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية مستقلة وتوج هذا المسار في سبتمبر برئاسة سعودية فرنسية مشتركة للمؤتمر الدولي للتسوية السلمية الذي أفضى إلى اعلان نيويورك لتنفيذ حل الدولتين. منصة الوساطة الدولية تحولت المملكة خلال عام 2025 إلى ساحة رئيسة للدبلوماسية العالمية حيث استضافت الدرعية في فبراير محادثات رفيعة المستوى بين روسياوالولاياتالمتحدة لتحسين العلاقات بين القوتين العظميين كما احتضنت جدة في مارس مباحثات أميركية أوكرانية وضعت العالم على مسافة قريبة من وقف إطلاق النار وفي الملفات الإقليمية واصلت الرياض دورها الميداني في اليمن لخفض التصعيد خصوصا في حضرموت والمهرة إلى جانب تحرك سياسي نشط لإقناع واشنطن بزيادة انخراطها لوقف الحرب في السودان أثبتت السياسة الخارجية السعودية في عام 2025 أنها سياسة مبادرة لا رد فعل قائمة على بناء الجسور لا إدارة الأزمات فقط وهو ما جعل من الرياض مرجعية دولية ووجهة أولى لكل من يسعى إلى التهدئة وصناعة السلام. سمو ولي العهد في زيارته لأميركا لتوقيع اتفاقيات اقتصادية وعسكرية ولي العهد ورئيس الوزراء الباكستاني يشهدان توقيع اتفاقية الدفاع الاستراتيجي السعودية تقدم دعماً استراتيجياً واقتصادياً لسورية وتسهم في رفع العقوبات عنها دعم سعودي لدولة قطر في مواجهة الضربات الإسرائيلية