«ليلى مُنَرْفِزةٌ وقيسٌ غاضبُ/ ولعلَّ حرباً بعد حينٍ تَنشبُ/ تتطاير الأطباقُ في عَرَصَاتِها/ والطاولاتُ على قَفَاها تُقْلَبُ». ترى ما أسباب ذلك الخلاف بين قيس وليلى؟. جزء كبير من منغصات التعايش ناجم عن عدم قدرتنا على إدراك أننا مختلفون؛ الاختلاف الذي يجعلنا نرى الأشياء بصورة مختلفة. فالفهم، وحده، سبيل إلى الألفة. لقد كُتِبت حول الفروق النفسية والسلوكية بين الرجل والمرأة مئات الكتب، لكني سأشير في هذه العجالة إلى بعض المقارنات الطريفة، وعلى غرار مقال لي سابق عنوانه «في امتناع أن يكون 1+1=1» وخلاصته أن من العبث التفكير في أن يصبح الآخر نسخة منا. يخاطب الشاعر الهندي بهار تريهاري حبيبته فيقول: «ظننَّا معاً قبل اليوم أنّكِ كنتِ إيايَ، وكنتُ أنا إيَّاكِ، فكيف حدث الآن أنْ أصبحتِ أنتِ هو أنتِ، وأنا هو أنا». وحتى لا يُظَن بي التحيز، فأُتهم بمناهضة (النِّسويّة)، سأستعين ببعض الطرائف، وعلى قاعدة «ناقل الكفر ليس بكافر». يزعم بعضهم أن المرأة لغز محيّر، لذلك قام الدكتور ألان فرانسيس، وهو طبيب نفسي كندي بنشر كتاب عنوانه (كل شيء يعرفه الرجال عن النساء). وهو كتاب من 128 صفحة فارغة، ربما ليقول إن الرجال لا يعرفون شيئا عن النساء، أو ليقول إنك مهما قرأت حول هذا الموضوع لن تدرك شيئا. حقق الكتاب نجاحا طيلة 25 عاما. ومتوفر للشراء عبر أمازون. وأستطيع أن أخمن بأن الرجال أكثر اقتناء لهذا الكتاب، ولو من قبيل التندر. وفي سياق المقارنة بين الرجل والمرأة يلاحظ، والعهدة على الباحثين، أن الفوضى طَبعٌ ذكوري. وغالبا ما تتذمر النساء من الفوضى التي يحدثها الأزواج في البيت بعد تنظيفه وترتيبه. وفي لقطة من مسلسل أمريكي تقوم الزوجة بإعداد شطيرة (ساندويتش)، فتفتح كيس خبز (التوست) بعناية وتأخذ منه شريحتين ثم تعيد إغلاق الكيس بعناية فائقة، وتحرص على أن تفرغ الكيس من الهواء. بعد ذلك يتناول الزوج الكيس ليأخذ شريحتين، وبدلا من أن يفتحه من رباط العنق، يفضّه من الوسط. عندئذ تنظر الزوجة لهذا التصرف الفوضوي بإحباط. وعلاوة على الفوضى التي يحدثها الرجل، فهو، وبخلاف المرأة، لا يدقق في التفاصيل. وفوق عدم اهتمامه بالتفاصيل، فهو غير قادر على التركيز في أكثر من شأن في وقت واحد. لذلك يقسم مارك جونجر بأسلوب كوميدي عقل الرجل وعقل المرأة إلى مجموعة صناديق، فيرى أن صندوق (اللا شيء) هو المفضل لدى الرجل. ولذلك يستطيع الرجل القيام بشيء لا يتطلب التفكير لساعات متواصلة. ويقول: إن جامعة في بنسلفانيا أجرت دراسة واكتشفت أنه يمكن للرجال أن يفكروا في (لا شيء) تماما. لكن النساء لا يستطعن فهم نظرية (الصندوق الفارغ). ويوضح جونجر الاختلاف في كيفية تعامل الرجل والمرأة مع الضغط العصبي. فعندما يصاب الرجل بالإجهاد فإن كل ما يريده هو الذهاب إلى (صندوق اللا شيء)، وعدم التحدث عن الموضوع، وعلى العكس من ذلك عندما تصاب المرأة بالإجهاد، فإنها تود التحدث في الأمر وإلا سينفجر عقلها. ولذلك تتوقع من الرجل أن يصغي إليها. لكن الرجل يصغي ولا يصغي. كل ما يسمعه هو «بلا بلا بلا بلا» لقد التجأ إلى (صندوق اللا شيء) واختبأ فيه. ترى ما المراد من هذه المقارنات بين الرجل والمرأة؟ إن الهدف من ذلك لا يختلف عما أراده جون غراي مؤلف كتاب (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة) وهو أن هنالك اختلافات في الطباع والأمزجة ينبغي فهمها. وفي غياب هذا الفهم يصبح التعايش صعبا. ولكل قاعدة أكثر من استثناء.