شاهد إيان سْوِيلز، عضو البرلمان في المملكة المتحدة، أحد مصانع الفولاذ وهو يغلق أبوابه، وهو لا يريد أن يرى مثل ذلك مرة أخرى أبداً. وقال سْوِيلز: إن المشهد كان شبيهاً بمراسيم جنازة عندما رأيت مصنع صهر الفولاذ ريدير في شمال إنجلترا وهو يغلق أبوابه في عام 2010، بسبب تهاوي الطلب على منتجاته، دفع ما تذكره سْوِيلز إلى التساؤل حول موقف حزبه ضد مشكلة الاحتباس الحراري، في وقت تهدد فيه السياسة الأوروبية حول المناخ بلدات الفولاذ عبر أوروبا. من المتوقع أن يتوصل قادة الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق في شهر تشرين الأول (أكتوبر) حول المناخ وأهداف الطاقة التي يجب تحقيقها بحلول عام 2030، ويقوم المنظمون بالتوصية بتخفيض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 40 في المائة، وتقول شركات تصنيع الفولاذ إن ذلك سيزيد من كلفة الصناعات الثقيلة، ويهدد ما يقارب قرنين من صناعة الفولاذ في المنطقة وكذلك350,000 وظيفة مرتبطة بهذه الصناعة. قال سْوِيلز المنتمي إلى حزب الديموقراطيين الأحرار، والذي طالب حزبه حكومات الاتحاد الأوروبي بمساندة تقليص الانبعاث: «أنا قلق من أن هذه الأنظمة ثقيلة الوطأة سوف تجعل الكثير من مصانع الفولاذ تقف وظهرها مدفوع للحائط، وأنا أفهم موقف المدافعين عن البيئة (سياسة استخدام موارد الطاقة المستدامة)، وأدعمها كثيراً، ولكننا بحاجة للحقن بجرعة من الواقعية لكي نفهم عواقب ذلك». وبالرغم من أن أوروبا تتقدم إلى الأمام في جهودها للحد من ظاهرة تغير المناخ، إلا أن جهات أخرى كبيرة مسببة للانبعاث، خاصة الصين، ما تزال متأخرة في هذا المجال؛ ولذلك يقول فولفغانغ إيدر الرئيس التنفيذي لشركة فويستالباين، أكبر صانعة للفولاذ في النمسا: إن ذلك سوف يجعل الفولاذ الأوروبي أقل تنافسية مع غيره، وسوف يدفع بالزبائن نحو منافسين آخرين في آسيا وأسواق ناشئة أخرى تتميز بتنظيمات أضعف من مثيلاتها في أوروبا، وقال إيدر: «سيكون على الجزء الأكبر من صناعة الفولاذ الأوروبية في ال 15 عاماً القادمة أن تغلق أبوابها». تكاليف أعلى وعلى الرغم من أن سياسات انبعاث الغازات سوف ترفع من كلفة صناعة الفولاذ، إلا أن المجموعات المدافعة عن البيئة تقول إن هذه السياسات لازمة لمكافحة ارتفاع درجة الأرض، وأن على أوروبا أن تكون رائدة في تقليل التلوث الصناعي. قال أليستير هاربر في مقابلة أجريت معه، وهو رئيس وضع السياسات في التحالف الأخضر في المملكة المتحدة، وهي إحدى المجموعات المدافعة عن البيئة: «نحن لا نستطيع تجنب هذه الطلقة الموجهة إلينا، ولكننا مجبرون على تجرع ألمها، والحقيقة هي أنه سيكون علينا المخاطرة بكل اقتصاداتنا إن لم نكن مستعدين لأخذ التحدي». والجدير بالذكر، أن رؤساء دول الاتحاد الأوروبي والحكومات وضعت شهر أكتوبر موعداً نهائياً لعقد صفقة حول سياسة المناخ والطاقة، ولكن الكتلة المكونة من 28 دولة منقسمة حول اقتراح من المفوضية الأوروبية، الذراع المختصة بالقوانين التنظيمية في الاتحاد الأوروبي، بالتسريع من خطوات تخفيض انبعاثات الكربون، وقد طالبت ألمانيا بتخفيضات عميقة، بينما أبدت بولندا الحذر وهي تشير إلى غياب اتفاق عالمي. والأمم المتحدة تنظم محادثات حول مناخ العالم يُتوقع لها أن تؤدي إلى معاهدة مُلزمة حول الانبعاث في العام القادم. قال سانجيف كومار، مؤسس اللوبي البيئي، المسمى تغير الشراكة في بروكسيل: «على إنتاج الفولاذ أن يتقدم في المستقبل إلى الأمام باتجاه منتجات متخصصة تكون أكثر جاذبية وتطوراً بالنسبة للزبائن، وبحيث يأتي أكثرها من نمو ناتج عن انبعاث منخفض للكربون، وسيكون الفشل في الاتفاق على إطار عمل قوي حول الطاقة أسوأ سيناريو لإنتاج الفولاذ الأوروبي.» أذون الكربون ستكون الأداة الأساسية للاتحاد الاوروبي هي تطبيق سياسة نظام حصص ومخصصات الحد الأعلى لإنتاج الكربون، (وهي أداة لتنفيذ سياسات بيئية تقدم نتائج مع فرض حد أقصى ملزم للانبعاثات وتوفير مرونة في الموارد للالتزام بها) على حوالي12,000 مرفق ومصنع ومنتج آخر للانبعاث، وسوف يقاس التقليص حسب مستويات عام 1990، وتحت هذا النظام سوف يسمح لمسببي التلوث بتغطية انبعاثات حقيقية، ومثال على ذلك سيسمح لمنتجي الفولاذ والألومنيوم بتلقي مقادير معينة من الأذونات لمساعدتهم في المنافسة مع آخرين في الدول التي تفرض قيوداً أضعف. سوف تضرب حدود التلوث المتشددة صناعة الفولاذ التي تعاني أصلاً من التراجع، فقد انخفض الإنتاج إلى 165 مليون طن، بعد أن كان 210 ملايين طن في عام 2007، حيث تحولت المبيعات إلى مناطق أرخص، والمصانع في أوروبا أصبحت مغلقة، كما أصبح هذا يشكل تهديداً للبلدات التي اعتمدت على صناعة الفولاذ طوال أكثر من قرن من الزمان. أغلقت شركة أرسلور ميتال، وهي أكبر مُنتج للفولاذ في المنطقة، مصانعها في بلجيكا وفرنسا، وأوقفت عن العمل مصاهرها في ألمانيا ولوكسمبورج وبولندا وإسبانيا، كما أشعلت التخفيضات أعمال شغب وإضرابات عمالية وحتى عمليات خطف، وقال إيدر الذي كان سابقاً رئيساً لمجموعة لوبي الفولاذ الأوروبي، إيرووفير، إنه إذا أجبرت صناعة الفولاذ على ترك أوروبا فسيتبع ذلك شركات صناعة السيارات وورش صناعة الآلات، وهو الأمر الذي سيعرض للخطر 20 مليون وظيفة في أوروبا. وأضاف إيدر: «الفولاذ مُنتج إستراتيجي، وإذا لم يُنتج الفولاذ في أوروبا بدرجة كافية، فلن يعود من الممكن في المدى البعيد إنتاج السيارات فيها».