الكركديه من مشروب تراثي إلى ترند في مقاهي جدة

تشهد مدينة جدة هذه الأيام موجة جديدة من الإقبال على مشروب الكركديه، الذي لم يعد مقتصرًا على البيوت أو المناسبات الشعبية، بل تحوّل إلى ظاهرة معاصرة تغزو المقاهي والمطاعم، وحتى عربات القهوة المتنقلة. الكركديه، بمذاقه الحامض ولونه الأحمر الجذاب، عاد إلى الواجهة بقوة، لكنه هذه المرة بقالب عصري، يتلاءم مع الذوق الشبابي ويواكب موجة المشروبات الصحية التي يفضلها جيل اليوم.
ابتكارات المقاهي
يقول عبيد الغازي، صاحب أحد المقاهي، إن الكركديه أصبح يُقدّم بأشكال مبتكرة، كأن يُقدَّم باردًا مع الثلج، أو يُمزج بنكهات مثل الفراولة، والنعناع، والليمون، وأحيانًا مع مشروبات الطاقة. هذه التوليفات أضفت على المشروب لمسة حداثية دون أن تفقده أصالته. كما لم تقتصر الابتكارات على المذاق فحسب، بل شملت طريقة التقديم أيضًا، حيث أصبح يُعبأ في زجاجات أنيقة أو يُقدّم في أكواب شفافة تُبرز لونه اللافت. وأكد الغازي أن الكركديه لم يكن يحظى بإقبال في السابق، لكنه بات اليوم أحد أكثر المشروبات طلبًا في مقاهي جدة؛ بعد أن تنافست الكوفيهات في تطويره وإضافة لمسات خاصة عليه.
ارتفاع الطلب
أشار منصور الشريف، وهو عامل في مقهى آخر، إلى أن الإقبال الكبير فاجأهم، خاصة من فئة الشباب، وقال: «كان الكركديه خيارًا جانبيًا، لكن الآن أصبح من المشروبات الرئيسية، وتفوق في بعض الأيام على المثلجات والمشروبات الغازية». وأضاف أن إدخال نكهات مثل التوت الأزرق، والليمون، والزنجبيل لاقى استحسانًا كبيرًا، خصوصًا في الطلبات الخارجية، حيث يُقدَّم الكوب بسعر 10 ريالات، وقد يصل إلى 15 ريالًا مع الإضافات.
رأي العملاء
ترى خلود العتيبي، مديرة فرع لأحد المقاهي المتخصصة بالمشروبات، أن الكركديه أعاد التوازن لقائمة المشروبات لديهم. تقول: «هو مشروب تقليدي لكنه يملك مقومات المنافسة: لونه الجذاب، طعمه الفريد، وفوائده الصحية». وتضيف أن العديد من الزبائن أصبحوا يطلبونه بالاسم، وبعضهم يفضلوه دون سكر كجزء من نظامهم الصحي. وانتشاره الواسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي ساعد في تثبيته ضمن قائمة المشروبات الأساسية، وأدى إلى ارتفاع سعر الكوب أحيانًا إلى 20 ريالًا.
مشروب مفيد بامتياز
أكد الدكتور أحمد السيد، أخصائي تغذية، أن الكركديه ليس مجرد مشروب منعش، بل يحمل فوائد صحية متعددة، منها خفض ضغط الدم، وتنقية الجسم من السموم، والمساهمة في تحسين الهضم. كما أشار إلى احتوائه على مضادات أكسدة، مما يجعله خيارًا مثاليًا لمن يبحثون عن بدائل طبيعية للمشروبات السكرية. لكنه نبّه إلى أهمية الحذر من إضافة كميات كبيرة من السكر، حتى لا يفقد قيمته الصحية. وأضاف أن الكركديه يُعرف بأسماء متعددة، مثل «زوبو» في غرب أفريقيا، و«شاي كجرات» و«الشاي الحامض» في ثقافات أخرى، بسبب مذاقه اللاذع.
إقبال على المادة الخام
من جانب آخر، أوضح عدد من العطارين أن هناك ارتفاعًا ملحوظًا في الطلب على أكياس الكركديه المجفف، سواء في الأسواق التقليدية أو المتاجر الإلكترونية. كما ظهرت مشاريع صغيرة بدأت تبيع خلاصة الكركديه المركّزة ضمن توجه عام نحو المنتجات الطبيعية. وأشار بعضهم إلى تضاعف الطلب خلال الأشهر الثلاثة الماضية، خاصة على الكركديه العضوي، مما يدل على وعي متزايد لدى المستهلكين بأهمية الجودة والمصدر.
من التراث إلى السوشال ميديا
ساهمت منصات التواصل الاجتماعي بشكل كبير في إعادة إحياء شعبية الكركديه، إذ انتشرت مقاطع فيديو تعليمية عن طرق تحضيره ونصائح لتقديمه بطرق مبتكرة، بل وتحديات حول أفضل وصفة. هذا التفاعل الرقمي جعله جزءًا من الهوية العصرية، ووسيلة للتعبير عن الذوق والوعي الصحي لجيل الشباب، الذي أعاد اكتشاف هذا المشروب التراثي ضمن منظومة جديدة من القيم الجمالية والغذائية. وبين الطابع التراثي والمظهر العصري، وبين الفائدة الصحية والجاذبية البصرية، استطاع الكركديه أن يجد لنفسه موقعًا ثابتًا في حياة سكان جدة، ليتحوّل من مشروب موسمي إلى رمز متجدد يعكس وعي المستهلك واتجاهاته الجديدة.
فوائده الصحية:
•يساهم في خفض ضغط الدم.
•ينقّي الجسم من السموم.
•يُحسّن الهضم.
•غني بمضادات الأكسدة.
•تحذير: الإفراط في السكر يُفقده قيمته الصحية.