تعتبر الصناعات الحرفية إحدى القطاعات الهامة في الاقتصاد الفلسطيني، إضافة إلى أنها جزء من الهوية الوطنية الثقافية الاجتماعية، التي يحاول الاحتلال الإسرائيلي طمسها. غير أن هذه الصناعات (الفخار، الزجاج، الخيزران، التطريز، حفر خشب...) تواجه خطر الانقراض مع تصاعد حدة مشاكلها، وتراجع عدد العاملين بها وهو الأمر الذي يتطلب جهودا تتعدى النطاق الفلسطيني لإنقاذ هذا التراث الذي يمثل أحد أدوات مقاومة المحتل. وتسعى السطور القادمة للتعريف بهذه الصناعات الحرفية، والخروج باقتراحات تساعد على إنقاذ هذه الصناعات من الانقراض، فلقد تبوأت فلسطين المراكز الأولى في الصناعات الحرفية منذ فجر التاريخ، فعرف أهلها الفخار منذ مطلع الألف الرابعة قبل الميلاد، وابتكروا الفخار الأحمر والأسود والملون. كما ظهر فيها أيضا تشكيل وتلوين الزجاج وتطريز المنتجات الصوفية والحرير، والتي ظلت رائجة على مدار التاريخ الفلسطيني حتى نهاية الانتداب البريطاني وبداية الاحتلال الإسرائيلي في عام 1948 الذي يحارب هذه الصناعات ويسرق بعضها ويروجه على أنه تراث للإسرائيليين، ومن أبرز الصناعات الحرفية في فلسطين الزجاج، الذي يعود اكتشاف الزجاج في فلسطين إلى نحو عام 2500 قبل الميلاد، حيث يروي المؤرخ الروماني بليني أن إحدى السفن الفينيقية المحملة بمادة الصودا اضطرت للجنوح إلى شواطئ مدينة عكا، وعندما أوقد البحارة النار للتدفئة وضعوا أوعية الطبخ فوق الصودا لعدم وجود ما يرتكز عليه من حجارة، وعند انتهاء النار وجدوا مادة شفافة قد تكونت بسبب انصهار الرمل والصودا، وهي ما تعرف اليوم بمادة الزجاج، اضافة الى النسيج والسجاد اليدوي حيث دلت الحفريات التي جرت في فلسطين على أن الأنوال التي استُخدمت في غزل النسيج في فلسطين قد ظهرت منذ 5000 سنة، وأهم المدن الفلسطينية التي اشتُهرت بحرفة النسيج والسجاد مدينة المجدل الفلسطينيةالمحتلة منذ العام 1948. وفي ذات السياق فهناك قلة يجيدون العمل اليدوي ويعود تاريخ الفخار في فلسطين إلى أكثر من 4000 سنة قبل الميلاد، حيث كان المزارعون الفلسطينيون يستخدمون الفخار لتخزين محاصيلهم، وكأوانٍ للطعام. وقد ارتبط الفخار بعمليات التنقيب عن الآثار في فلسطين، وخاصة في تل العجول بالقرب من وادي غزة، حيث عثر على قبور مصنوعة من الفخار على النمط المصري، ويعود تاريخها إلى 1200 سنة قبل الميلاد. هذه الحرف اضافة الى العديد من الاعمال اليدوية كالنحت والنحاسيات غابت عن الاقتصاد الفلسطيني بالرغم من انها لعبت ولفترات طويلة العنصر الهام في الحياة الفلسطينية.