في عالمٍ تتصارع فيه الأضواء، وتتدافع الألقاب، يظل جوهر القيمة الحقيقية ينبض في صمتِ الكفاءة، وتتراكم حكمةً في ركنِ الخبرة، لكن ماذا لو حجبت سحابةُ الرضا الزائف ضوءَ النجوم الحقيقية؟ ماذا لو أصبحت القناعة بديلاً عن الكفاءة؟ حين تصبح القناعة بديلاً للكفاءة، من يدافع عن الخبرة. في بيئة العمل الحديثة، لا شيء يهدد الاستقرار الوظيفي واستقرار المؤسسة أو الشركة أكثر من غياب العدالة في تقييم الكفاءات وذوي الخبرة، فكم من موظفٍ كان مثالاً في الالتزام والإبداع، وجد نفسه فجأة خارج دائرة التقدير، فقط لأن إدارة جديدة لم تقتنع به، أو لأن رؤيته لم تتوافق مع «ذائقة» المدير الجديد.. لكن، هل يُقاس الأداء بالانطباع الشخصي؟، أم بما يقدمه الموظف فعلا من إنجازات موثقة وأثرٍ ملموس في تطوير العمل واستقرار الشركة؟!. المنشآت الناجحة تدرك أن الكفاءة لا تُعاد قياسها مع كل تغيير إداري، بل تُبنى عليها الخطط وتُصان بها الذاكرة المؤسسية، فالموظف الخبير لا يمثل مجرد رقم وظيفي، بل هو مستودع معرفة وتجربة تراكمت عبر السنوات، عارفًا بجميع تفاصيل العمل ومجرياته، وخسارته تعني خسارة جزء من هوية المؤسسة أو الشركة ذاتها. العدالة الإدارية ليست في منح المكافآت فقط، هذا إن وجدت لهم، بل في صون الجهود والاعتراف بفضل من صنعوا النجاح، فالإدارة الواعية هي التي توازن بين حاجتها للتجديد، وواجبها في الحفاظ على الخبرات التي بُني عليها الكيان. وفي نهاية المطاف، المدراء يأتون ويغادرون، لكن الكفاءات هي التي تبقى شاهدة على تاريخ المنشأة وروحها الحقيقية.. فاحترام الخبرة ليس مجاملة، بل استثمار في المستقبل.