في ظل توتر متصاعد على الساحة الأوكرانية، أثارت تصريحات الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بشأن احتمال نقل الولاياتالمتحدة لصواريخ مجنحة من طراز «توماهوك» إلى كييف عاصفة من الجدل، محذّرا من أن هذه الخطوة قد تدفع الصراع نحو أفق نووي بدلا من تهدئته. ويأتي ذلك عشية لقاء مرتقب بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأمريكي دونالد ترمب في واشنطن. الموقف البيلاروسي وقال لوكاشينكو، المقرب من موسكو، خلال اجتماع حول العلاقات البيلاروسية-الأمريكية، إن «صواريخ توماهوك لن تحل القضية»، وحذر من أنها قد تشعل مواجهة نووية. وأضاف أن ترمب يفهم هذا الأمر أكثر من غيره، وأنه ليس مع تسريع تسليم هذه الأسلحة، مضيفا أن «الرئيس الأوكراني يرغب بضرب عمق روسيا، وهو أمر لن تسمح به واشنطن». وتأتي هذه التصريحات في وقت يتصاعد فيه التوتر بين روسيا والغرب، لا سيما أن الكرملين سبق أن حذر من أن أي توريد لتوماهوك سيتصادف مع تصعيد خطير، بسبب قدرة الصواريخ على بلوغ أعماق الأراضي الروسية. وتبادل سياسيون روس، مثل ديمتري ميدفيديف، تحذيرات مماثلة، مبرزين صعوبة التمييز بين النسخ النووية والتقليدية من هذه الصواريخ أثناء التحليق. الموقف الأوكراني ومن جهتها، تواصل أوكرانيا الضغط على الولاياتالمتحدة لتوفير صواريخ بعيدة المدى لدعم هجماتها الاستراتيجية على البنية التحتية الروسية. وتعهد زيلينسكي بأن استخدام هذه الأسلحة سيكون محصوراً في الأهداف العسكرية، دون استهداف المدنيين. لكن القلق الغربي، لا سيما في واشنطن، يتمحور حول المخاطر المرتبطة بتوريد مثل هذه التقنيات، لا سيما أن مشاركة خبراء أمريكيين غالبا ما تُعتبر لازمة لتشغيل الأنظمة معقدة مثل التوماهوك. كما أن هناك شكوكاً في أوروبا بشأن تبعات الدفع نحو تصعيد عسكري، وسط تراجع ملحوظ في المساعدات العسكرية لأوكرانيا في الشهور الأخيرة. التكهنات والرهانات ومن المنتظر أن يجتمع زيلينسكي مع ترمب، الجمعة، في واشنطن لبحث إمكانات تزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى، لا سيما صواريخ توماهوك. وفي الأثناء، يُتوقع أن يناقش الطرفان: • نطاق التسليم: كم عدد الصواريخ التي ستكون متاحة لقييف؟ وتشير بعض التقارير إلى أن الولاياتالمتحدة قد تمتلك مخزوناً محدوداً من هذه الصواريخ في الوقت الراهن. • ضمانات استخدام: كيف يمكن التفريق بين الاستخدام الدفاعي والهجومي، وتفادي استهداف العمق الروسي؟ • التنسيق مع روسيا: قد يطلب ترمب إجراء مشاورات أولية أو تبليغ مسبق لموسكو لتقليل مخاطر سوء التقدير. • أفق السلام: قد يعرض ترمب وساطة أو التزاماً بتجديد الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية على موسكو في مقابل تنازلات تدريجية. • بدائل التسليح: إذا رفض ترمب تقديم التوماهوك، يمكن بحث خيارات أخرى مثل تزويد أوكرانيا بطائرات مسيّرة بعيدة المدى أو أنظمة دفاع جوي متقدمة. وفي السابق، شهدت العلاقة بين ترمب وزيلينسكي اشتباكات مباشرة؛ فعلى سبيل المثال، في فبراير 2025، انتهت قمة بينهما بجدال علني في المكتب البيضاوي حول شروط الدعم الأمريكي لأوكرانيا. وهذا التاريخ يذكر بأن الجانب السياسي والأجندات الانتخابية قد تلعب دوراً لا يُستهان به في مواقف الإدارة الأمريكية. أبرز السيناريوهات الممكنة: 1. موافقة جزئية على التسليم قد توافق واشنطن على إرسال عدد محدود من الصواريخ، مع شروط صارمة على الاستخدام ومراقبة دقيقة، كمخرج معتدل لتخفيف الضغوط على كييف دون المضي نحو تصعيد مفتوح. 2. رفض التسليم مع تقديم بدائل ترفض الإدارة الأمريكية تسليم التوماهوك، لكنها قد تكتفي بتعزيز قدرات أوكرانيا عبر أنظمة دفاع جوي متطورة، ودعم استخباري للتوجيه الدقيق للضربات. 3. تأجيل القرار إلى مرحلة لاحقةقد يستخدم ترمب هذا الملف كسلاح تفاوضي خلال اللقاء، مؤجلاً القرار إلى ما بعد تقييم الرد الروسي وفرص الوساطة، أو حتى مقابل تنازلات من كييف أو موسكو. 4. تسليمه مع إشراف أمريكي محدودقد يوافق الطرفان على تسليم الصواريخ لكن بوجود ضوابط صارمة أشبه بمشاركة فنية أمريكية، لضمان عدم استخدام الصواريخ من كييف دون تنسيق مسبق. التحديات والفرص • خطر التصعيد النووي: استمر تحذير موسكو من أن أي توغل بهذه الأسلحة قد يُفسر على أنه تهديد استراتيجي، مما يفتح الباب لرد روسي مروع. • مصداقية واشنطن: نجاح ترمب في تلبية مطالبة كييف قد يُنظر إليه على أنه تأكيد للدعم الأمريكي، بينما أي تراجع قد يُفسّر على أنه انقسام في الداخل الأمريكي. • الضغط على موسكو: تقديم توماهوك قد يشكل عامل ضغط دبلوماسي على روسيا لدخول مفاوضات، لكنه في الوقت نفسه قد يواجه رفضاً روسياً قاطعاً.