مع كل منشط ثقافي في وطننا الحبيب، تحضر مؤسسة التراث غير الربحية عضوًا مشاركًا مُحتفى بها، لتبرز بوضوح عن أهم وسائلها في التجسير التراثي وصناعة الإبداع، وتبرهن سلامة منهجها في إعادة الاعتبار للفعل التراثي والتاريخي، كأحد مقومات القوّة الناعمة للدول والشعوب. نصرح بذلك، ونحن شاهدنا باعتزاز وفخر جناح المؤسسة في أروقة «معرض الرياض الدولي للكتاب»، احتفاءً بالرياض الباسمة تحت شعار «الرياض تقرأ»، تقديراً لجهودها في مد جسور التواصل في مجال الأبحاث والدراسات، وحفظ الوثائق التاريخية للوطن، وتقديمها مثالًا حضاريًا متميزًا في المملكة والوطن العربي لبناء مجتمع التراث، والاستثمار في الكتاب باعثًا للتنمية ومرتكزًا رئيسيًا للنهضة الشاملة. فقد راهن الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين مؤسس ورئيس مجلس أمناء مؤسسة التراث غير الربحية، على الثقافة والتراث مكوّنًا أساسيًا وجوهريًا لمشروعه التراثي، بمحتواه الإنساني والإبداعي، ونظرته الشمولية، فلم يقتصر أثره على تراث المملكة العربية السعودية فقط، بل امتد مداه في الإطار العربي والإسلامي، كونه في الأساس مشروعًا حضاري المضمون، قدّم للمكتبة العديد من المبادرات النوعية والرؤى الخلاقة للنهوض بالحراك الثقافي والمعرفي. ويدرك المتابع أن هذه المؤسسة قدمت فصلًا كاملًا من التميز والإبداع والجودة، والبحث الدقيق الشامل، وأضافت الكثير لفاعلية خطاب المملكة التراثي، وزاد من وتيرة تأثير قوتها الناعمة، مؤسسة تؤمن بشرعية النشر، وأحقية التاريخ، وقوة التفاعل. شكرًا «سلطان التراث» أن وضعت التراث والثقافة والحضارة العربيّة والإسلاميّة تحت أنظار النخب من المثقفين في العالم، وأنرت بجهودك على تاريخنا المجيد والحافل بالمنجز الحضاري والإنساني والثقافي. شكرًا لأنك وضعت تاريخ المملكة وتراثها في أكثر الصفحات تأثيرًا، وجعلت أحداثها مسموعة ومقروءة ومرئية. شكرًا لأنك أضفت نوعية وكبيرة من الإصدارات القيمة لخزانة المعرفة المحلية والعربية، وحفرت لوطنك منزلة متميزة في خريطة التراث العالمية، فكانت مؤسسة التراث غير الربحية ضيفًا مُحتفى به، في جميع أعراس الثقافة والكتاب في الرياض، وجعلت منها مركزًا مناسبًا للدارسين والمهتمين والباحثين. دمت سلطان التراث، كما أنت دائمًا، سلطان القلوب.