في كل الأحوال يجب أن تخضع الرياضة خاصة لدينا -وباعتبارنا دولة نامية- لمبدأ الأولويات. إذ يجب أن لا يطغى الاهتمام بها، والإنفاق عليها، على ما ينفق على الصحة والتعليم ومكافحة الفقر. ويجب أن نعي بأن الدول المتقدمة أصبحت تغدق الإنفاق على الرياضة بعد أن بلغت مرحلة النمو و»التقدم» في بقية المجالات الأساسية. ومن البديهي أن اهتمامنا بالرياضة يجب أن يتلازم والاهتمام بالشباب، ونشاطه في جميع المجالات الشبابية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية… إلخ. فالاهتمام يحب أن ينصب على العقل والجسم معاً، لا على الجسم وحسب. وأعتقد أن المراجعة الشاملة لوضع الرياضة في بلادنا ستنبئ بضرورة إنشاء وزارة مستقلة ل»الشباب والرياضة». طرح هذا الموضوع للنقاش -أكثر من مرة- في عدة منتديات، وفي مجلس الشورى، وعارضته الأغلبية.. ولكن بناء على «مبررات» غير وجيهة – كما أعتقد- فأغلب من عارض إنشاء «وزارة « أقام حجته بناء على «عدم قيام الرئاسة العامة لرعاية الشباب بدورها.. فكيف تكافأ بالتحول إلى وزارة؟!». هذه حجة غير صحيحة، وغير منطقية، فالرئاسة قامت بدور محدود، وفي حدود إمكاناتها، وإن لم تنجح كثيراً. وحتى لو افترضنا أنها لم تقم بالدور المطلوب منها، هل يبرر ذلك معارضة تحويل «الرئاسة» إلى وزارة.. تتحمل مسؤولية أكبر وأشمل، وتحظى بإمكانات أكثر وأشمل؟! إن قيام هذه الوزارة أصبح مطلباً ملحاً -في رأيي- لا سيما وأن أكثر من 60% من مواطني المملكة هم من الشباب، ويجب أن يتلازم مع ذلك وضع استراتيجية شاملة للنهوض بالرياضة والشباب في هذه البلاد، لما لذلك من أهمية وطنية واضحة. ويجب أن تشمل هذه الاستراتيجية: فتح الأندية الرياضية والاجتماعية لكل الشباب، وإتاحة الفرص للجميع لممارسة رياضاتهم المفضلة، والتركيز على كل الألعاب الرياضية، وليس على لعبة أو اثنتين. كما يجب تخفيف وتقنين مشاركة الأجانب في مسابقاتنا الرياضية، لإتاحة الفرصة أمام أكبر عدد ممكن من المواطنين للانخراط في الرياضة. وينبغي أن يعاد النظر في قضية «التمويل»، ودور المال في النشاط الرياضي في البلاد.. وبحيث نضمن عدم طغيان التنافس المادي -فيما بين رأسماليين- على النشاط الرياضي، لما له من انعكاسات سلبية كبرى على هذا النشاط.. لمسها كل من يتابع المسابقات الرياضية السعودية. فالمال يمكن أن يفسد الرياضة، وغيرها، عندما ينفق في غير مواضعه الإيجابية. إن دخول بعض الأثرياء للهيمنة على بعض الأندية -بأموالهم- قد يؤدى إلى انحراف تلك الأندية عن المسار الإيجابي المفترض لها. وهذا ما يدعو إلى: ضرورة دراسة تحويل الأندية الرياضية الكبرى لدينا إلى شركات مساهمة غير محتكرة. فقد يكون ذلك هو الإجراء الأنجع للخروج من مأزق التمويل المذكور. *** وإتاحة ممارسة الرياضة لجميع الراغبين في ممارستها -من الجنسين- هو واجب على وزارة الشباب والرياضة يجب أن تقوم به، عبر تسهيل هذه الممارسة، وجعلها في متناول الناس، من الجنسين ومن كل الأعمار. فمثلاً، بدل أن يضطر رجال ونساء وشباب وشيوخ لممارسة رياضة المشي أو الجري، في الشوارع والأزقة، وحول الأسوار الواسعة (مثل ما يسمى ب «سور الحوامل» في جدة، وسور غير الحوامل في جدة وغيرهما.. إلخ) لابد من توفير مماشي ومضامير مشي وجري مناسبة، في مختلف الأحياء، وخاصة في كل الحدائق العامة. وبما أن المسابقات الرياضية هي الميدان الذي تمارس في إطاره الرياضة المنظمة، فيجب أن نعمل على تفعيل دوري نشط للمدارس والجامعات بالمملكة، كدوري المدارس الثانوية، والجامعات، وفي مختلف الألعاب الرياضة، وليس في لعبة واحدة. وستفرخ هذه المسابقات -دون شك- رياضيين مبرزين في الألعاب الرياضية المختلفة، بالإضافة إلى ما تحققه من مزايا اجتماعية وثقافية وتربوية معروفة. تلك هي -باختصار شديد- أهم مرئياتي بشأن الشروع في تنمية رياضية سليمة ومتكاملة، تسهم في دعم وإكمال التنمية الشاملة التي نتطلع جميعاً لتواصلها واستمرارها، وتطورها، كخيار استراتيجي.. لا مناص منه لمن يريد العيش في هذا العصر بعز وكرامة.