استُضفت مؤخراً في إحدى زوايا الصفحة الرياضية في صحيفتين محليتين، لأتحدث عن الرياضة البدنية من وجهة نظر مواطن من خارج الوسط الرياضي. وفي كل من هذين اللقاءين انكشف جهلي بما يجري في ساحتنا الرياضية على الملأ، رغم أننى وجدتها فرصة لأوضح بعض مرئياتي المتواضعة تجاه الرياضة السعودية عموماً. لست رياضياً، ولا أفقه في شؤون الرياضة، إلا نذراً محدوداً جداً من المعلومات. وأقصى علمي أن «المشي هو خير رياضة، وأجمل وأفضل تدريب جسماني ونفساني، لكل الأعمار». ورغم ذلك، فإنني ومن منطلق إيماني العميق بأن العقل السليم في الجسم السليم، وأن من أفضل وسائل الحفاظ على الجسم السليم هي الرياضة، أجد نفسي مهتماً –تلقائياً– بهذه الأداة، وأجد لدي تصوراً مبدئياً عمّا يجب أن تكون الرياضة عليه في مجتمعنا. وأغتنم فرصة حديثي هذا عن الرياضة لتلخيص هذه الرؤية.. لعل المعنيين يجدون فيها ما قد يفيد. ••• كثيراً ما أفكر في طبيعة ودور الرياضة في مجتمعنا، وخاصة في مجال «كرة القدم»، وما عليه الآن هذه اللعبة ذات الشعبية الأولى في معظم بلاد العالم. فلاشك أن من الممكن أن يكون لها دور مجتمعي (إيجابي وسلبي) كبير. ويمكن تبين ذلك من تحديد أهداف وتأثير ممارستها، أو مشاهدتها، أو الانخراط في شؤونها المختلفة والمتعددة. فهي عبارة عن كرة مستديرة.. ولكن شؤنها وشجونها كثيرة. وفي ظني أن أهم أهداف هذه اللعبة الإيجابية يمكن إيجازها فيما يلي: -1 رعاية صحة الأبدان. -2 التسلية والترفيه البريء. -3 إتاحة فرصة للشباب لتنمية إمكانات بدنية وذهنية فيهم. -4 إيجاد أجواء للتعارف والتعريف. ••• لعل هذه هي أهم الأهداف الإيجابية من هذه اللعبة الجماعية الأولى في العالم. وبما أن كل شيء –تقريباً- يمكن استخدامه بالإيجاب أو السلب، كذلك كرة القدم والرياضة عموماً.. يمكن أن تستخدم إيجاباً لتحقيق أهدافها الإيجابية، ويمكن أن تستخدم سلباً.. لتحقيق «أهداف» غير نبيلة، منها: طلب الوجاهة، والمقامرة، أو التفاخر، أو التعنصر، أو إشغال الناس عمّا هو أهم… إلخ. ومن يقوم بذلك يرتكب –في رأيي- جرماً كبيراً في حق مجتمعه. أدرك أن هذه اللعبة الشعبية الأولى أدخلت إلى بلادنا منذ حوالي سبعين عاماً، وأنها ازدهرت وانتشرت كثيراً في العقود الأربعة الأخيرة. وقد لاحظت أننا اختزلنا معظم الرياضة البدنية في هذه اللعبة. وفي ذلك جناية على ألعاب رياضية أخرى أمتع وأنفع. ولعل من أسوأ ما يلاحظ هو: أن معظم الأندية الرياضية في بلادنا تعدّ كرة القدم هي الأهم على الإطلاق، بل اللعبة التي غالباً ما تمثل قرابة 90% من كامل وجود ونشاط أغلب أنديتنا. ثم تختزل كرة القدم نفسها في شيء اسمه «الفوز»، و»الفوز» فقط. حتى يبدو لي أن هناك مراهنات تقام من أجل الاحتفاء بهذا الانتصار الوهمي الساذج. عندما يفوز فريق أي نادي –ولو صدفة، أو بسبب بؤس الطرف الآخر– يكال له وللاعبيه وإدارييه المديح المبالغ فيه، ويكاد البعض يطالب لهم بأوسمة وعطايا وهدايا… إلخ. أما «الهزيمة» فإنها كثيراً ما تعدّ كارثة، من قِبل الأنصار. على أثرها تقام المآتم، ويقال المدرب، وربما الإدارة أيضاً. لقد أصبح الفوز هدفاً ووسيلة.. وتم، في كثير من الحالات، تجاهل الأهداف الأخرى السامية لهدف اللعبة، وللرياضة عموماً. وفي سبيل تحقيق «الفوز» -على من يسوى ومن لا يسوى- كثيراً ما تستخدم كل «الوسائل»، وكثيراً ما تحول هذه اللعبة إلى مجرد أداة للمراهنة والتفاخر بين المعنيين، وتتوارى الأهداف الإيجابية منها، وينتهي الأمر بمشاهدة «مصارعة» من نوع خاص، بين مستثمرين -لمالهم ووقتهم- لا يبتغون، كما يبدو، تحقيق الأهداف الطيبة لهذه اللعبة، وللرياضة بعامة، بقدر ما يسعون لإدخال كرتهم بين الخشبات الثلاث.. بزعم تحقيق «أمجاد» ومتع شخصية و»انتصارات» وهمية، على منافسين من ذات النوعية. ونكمل في المقال التالي.