إلى القومجية، الذين طالما عيَّرونا بالصحراء والشاة والبعير، واتهمونا كذبًا وزورًا بالتخلي عن قضايا الأُمَّة، ليتكسبوا مما يحسبونه كفيلًا بوضع العصا في عجلة قافلة خيرنا القاصدة. أولاً: أؤكد لكم اعتزازنا، بل اعتدادنا بما تعيرونا به منذ عقود وفخرنا. ثانيًا: تعالوا اسمعوا ردَّ ولي عهدنا القوي بالله الأمين عليكم، في كلمته المقتضبة، التي ألقاها أمام مجلس الشورى، نيابة عن قائد قافلة خيرنا القاصدة، خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود؛ إذ يقول لكم: هذه الصحراء التي طالما عيَّرتمونا بها: أصبحت اليوم مقرًا إقليميًا لستمائة وستين شركة عالمية، لن تحلم بلدانكم بمجرد التعرف على أسمائها، أو نشاطاتها، ناهيكم عن قدرتكم على إغرائها؛ بأن تتخذ من بلادكم مقرًا إقليميًا لها، كما فعلت عندنا. أصبحت تحصل على أكثر من نصف دخلها القومي من مصادر متنوعة، غير النفط. والوعد أن تسقط ورقة النفط بحلول نهاية (2030) من السياسة للضغط علينا من قِبَل أي كيان كان في الغرب أو الشرق. ولجت باب الذكاء الاصطناعي من أوسع أبوابه. أدان قادتها العدوان الصهيوني على أشقائها في قطر، والإجرام بحق أشقائها الفلسطينيين في غزة والضفة، ويسمون الأشياء بأسمائها الصريحة، بكلمات واضحة، لا لبس فيها ولا التواء، ولغة جادة.. والعالم كله يدرك اليوم معنى أن يضع قادتنا النقاط على الحروف بمثل هذا الوضوح، الذي تعززه لغة الجسد الجادة. ولم يكتفِ ولي العهد بالإدانة، بل أكد على استعداد بلاده للوقوف مع الأشقاء حتى آخر الطريق. عبَّر ولي العهد عن انشغال بلادنا بهموم الأمة في سوريا واليمن والسودان، ودعمها للأشقاء بسخاء، ماديًا ومعنويًا، لتجاوز المحن وحقن الدماء وتحقيق الأمن والاستقرار. وتعالوا اسمعوا هذا: أكد ولي العهد أنه ليس للمحتاجين من شعبه غير جيب الدولة لتحقيق الحياة الكريمة لهم، في ما تؤكد بلدانكم القومجية، أنها لا تملك مصدر دخل غير جيب المواطن الغلبان، لتحقيق رفاهية (زعمائها). وقبل هذا وذاك، أكد اعتزاز بلادنا برسالتها السامية العظيمة في خدمة الحرمين الشريفين، ورعاية ضيوف الرحمن، في ما تفكر كثير من دولكم القومجية في شد الرحال إلى النجف وكربلاء، وحتى إلى بيت المقدس في إسرائيل التي تتهمونا افتراءً بالتواطؤ معها، في الوقت الذي يؤكد قادتنا في كل محفل وقوفهم مع الأشقاء الفلسطينيين فعلاً يسبق القول. وعلى كل حال، لسنا في حاجة لشهادة أحد في ما يتعلق بأداء واجبنا تجاه إخوتنا. وهي المبادئ نفسها الثابتة الراسخة، التي أكد عليها سموه الكريم في القمة العربية الإسلامية، التي عقدت بالعاصمة القطريةالدوحة، يوم الاثنين الخامس عشر من شهر سبتمبر الجاري، أثناء ترؤس سموه الكريم وفد بلاده للمشاركة فيها. وإن كان لي أن أضيف شيئًا على ما تفضَّل به سمو ولي العهد القوي بالله الأمين أمام مجلس الشورى لتذكيركم: هذه الصحراء التي طالما عيرتمونا بها، أصبحت اليوم تضم أكبر حديقة حضارية، ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم كله. وحتى تتقطع أنفاسكم بسبب ما تفيض به نفوسكم المريضة من غل وحقد وحسد، تعالوا نأخذكم في جولة على جامعات بلادنا، ومعاهدها العليا، ومدارسها، ومستشفياتها، ووزاراتها، وفنادقها، وشركاتها، ومؤسساتها، ومطاراتها، ومدنها الطبية، ومدنها الاقتصادية، وشوارعها، وطرقاتها، وحتى كيفية تخلصها من النفايات؛ للمحافظة على صحة مواطنيها والمقيمين فيها، وكل ما فيها من بنية تحتية أذهلت حتى زعماء الدول (العظمى). أو بالأحرى، أقول لكم: أبقوا حيث أنتم، وأكثروا من انغماسكم للتطبيل ل (زعمائكم) الفاسدين، فبلادنا أطهر من أن تدنسها أقدام أمثالكم وأشرف. وأؤكد لكم: إن امتد بكم العمر حتى نهاية (2030) سوف تلقون حتفكم؛ نتيجة صدمتكم بما ستصبح عليه بلاد الصحراء والشاة والبعير، أرض الحرمين الشريفين، مهد الأنبياء ومهبط الوحي.. ديرة السعود من تقدم وازدهار ونماء. وعلى كل حال، موتوا بغيظكم، في ما تستمر بلادنا تحقق مع بزوغ كل فجر جديد مزيدًا من النجاح، الذي تعجز دول القومجية حتى عن التطلع إليه، ناهيكم عن السعي لتحقيقه. فاللهم احفظ علينا نعمك، ولا تغير علينا، وكن عونًا لنا في كل شؤوننا، ووفقنا لشكر هذه النعم العظيمة، التي تفضلت بها علينا من غير حول منَّا ولا قوة، وأعنا على ذكرك وحسن عبادتك.
الأمير اللواء الركن م. الدكتور بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود