جميل أن يتعلم أبناؤنا لغة العصر اللغة الانجليزية، وأجمل من ذلك أن يتعلموا مع اللغة الانجليزية لغة الاقتصاد القادم اللغة الصينية، وجاء قرار مجلس الوزراء مؤخراً للتوسع في تدريس اللغة الانجليزية بالمرحلة الابتدائية للبنين والبنات لكن المشكلة في التفاصيل. فكم حصة ستدرس اسبوعياً؟ وأين الوقت؟ وهل ستقتطع هذه الساعات من البرنامج الدراسي اليومي؟ وأي المواد ستختصر؟ أم ستزاد ساعات الدوام اليومي؟ وهل يتوفر المعلمون والمعلمات المتمكنون من تدريس اللغة؟ ثم إن المملكة قارة وبيئات اجتماعية متنوعة حاضرة وبادية، مدن وأرياف. فهل تلك البيئات تساعد على تعليم اللغة؟ إن أهداف القرار سامية وغاياته نبيلة، وهو المزيد من الانفاق ليتمكن الطلاب والطالبات من إجادة اللغة، لكن هل هذا القرار ممكن التطبيق؟ لا يا سادة. لا يا صنَّاع القرار. إنني بصفتي مسؤولاً سابقاً وقبل ذلك معلماً، أقول وأعيد ما سبق أن قلته منذ سنوات عندما أُقر تعليم اللغة الانجليزية في سادس ابتدائي. إن ذلك هدر مالي كبير وضياع للوقت. فتعلم اللغة الأجنبية يستلزم توفير الوقت، والمعلم، والبيئة. وكل هذه الأمور الثلاثة غير ممكنة التوفير لكل مدارس المملكة المنتشرة في كل البيئات الاجتماعية. إن أبناءنا وبناتنا المبتعثين ضمن برنامج الملك عبدالله للابتعاث لمختلف دول العالم على اختلاف لغاتهم فكوا شفرة اللغة في تلك الدول وتمكنوا من الدراسة، واجتازوا حاجز اللغة في شهور حيث توفرت لهم المقومات الثلاثة: «الوقت، والمعلم، والبيئة». ولهذا أتمنى لو أن وزارة التربية والتعليم ركزت على تطوير تدريس اللغة في المرحلة الثانوية فقط فذلك أقدر على توفير متطلبات النجاح فالعدد محدود والامكانات المادية متوفرة وتستطيع الوزارة أن ترفع من كفاءة تدريس اللغة الانجليزية في المرحلة الثانوية بزيادة عدد الساعات المحددة أو تخصيص فصل دراسي كامل لتعليم اللغة وتستطيع كذلك إعداد برنامج تدريبي في الداخل والخارج للرفع من كفاءة المعلمين والمعلمات. كما أتمنى لو تحول الوزارة المدارس الثانوية إلى مراكز مسائية لتعليم اللغة الانجليزية مجاناً للراغبين وبذلك سيتوفر الوقت، والمعلم، والدافعية الذاتية. وسيلتحق بهذه المراكز كل من يتطلب عمله إجادة اللغة الانجليزية، وستساهم هذه المراكز في تهيئة الكثير من الشباب والشابات لسوق العمل الذي يتطلب مهارة اللغة. إن المال الذي سينفق على المرحلة الابتدائية لو وجه للمرحلة الثانوية في الفترة الصباحية والمسائية فإن العائد سيكون أجدى وأنفع، والله الموفق.