ارتفعت أسعار الذهب والفضة، أمس الأربعاء، لمستويات قياسية، حيث أدى تزايد حالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد الأميركي إلى زيادة الطلب على الأصول الآمنة. كما ارتفعت أسعار المعادن بشكل عام، حيث استفاد البلاتين من الطلب عليه كملاذ آمن، بينما دعمت التوقعات بشأن المزيد من إجراءات التحفيز في الصين، أكبر مستورد للنحاس. ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.8 % إلى 4334.68 دولارًا للأوقية، بينما ارتفعت العقود الآجلة للذهب لشهر فبراير بنسبة 0.8 % إلى 4365.30 دولارًا للأوقية. وبات الذهب الفوري على بُعد حوالي 50 دولارًا من تسجيل مستويات قياسية جديدة. سجلت الفضة مستوى قياسيًا جديدًا مع ارتفاع الطلب عليها كملاذ آمن، مما يُحسّن التوقعات. وارتفع سعر الفضة الفوري بنسبة 3.6 % إلى مستوى قياسي بلغ 66.3135 دولارًا للأوقية، بينما قفزت العقود الآجلة للفضة بنسبة 4.5 % إلى 66.430 دولارًا للأوقية. تستعد الأسواق لنقص محتمل في معروض الفضة عام 2026، وسط تزايد الطلب على هذا المعدن الأبيض. وقد صنّفت الحكومة الأميركية الفضة كمعدن حيوي في وقت سابق من هذا العام، مما زاد من جاذبيتها. أقبل المتداولون الباحثون عن ملاذ آمن بكثافة على شراء الفضة هذا العام، نظرًا لما يوفره هذا المعدن الأبيض من استقرار يُضاهي الذهب، ولكن بتكلفة دخول أقل بكثير. وقد أدى هذا الإقبال إلى ارتفاع أسعار الفضة بأكثر من 100 % حتى الآن في عام 2025. وذكر محللو بنك إيه ان زد، في مذكرة حديثة أن أسعار الذهب والفضة من المرجح أن تواصل مكاسبها في عام 2026، في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد الأميركي دون مؤشرات تُذكر على انحسارها. وقد تعزز الطلب على الملاذ الآمن نتيجةً لمجموعة متباينة من البيانات الاقتصادية الأميركية الصادرة يوم الثلاثاء، ولا سيما بيانات الوظائف غير الزراعية وارتفاع معدل البطالة. وبلغ معدل البطالة في الولاياتالمتحدة أعلى مستوى له في أربع سنوات، مما أثار مخاوف بشأن الاقتصاد. وتعززت مؤشرات تباطؤ الاقتصاد الأميركي بانخفاض مؤشر مديري المشتريات لشهر ديسمبر عن المتوقع، في حين أظهرت بيانات مبيعات التجزئة المتأخرة لشهر أكتوبر أيضًا تباطؤًا في النمو مقارنةً بالشهر السابق. جاءت البيانات الضعيفة وسط مخاوف مستمرة بشأن مستويات السيولة في الأسواق الأميركية، لا سيما بعد استئناف الاحتياطي الفيدرالي لبرنامج شراء سندات الخزانة، المعروف باسم "التيسير الكمي"، في ديسمبر. وقد عزز ذلك الطلب على الملاذات الآمنة كالذهب، كما زاد من التكهنات حول المزيد من خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وهو سيناريو يبشر بالخير للأصول غير المدرة للدخل. وينصب التركيز الآن على بيانات التضخم المتوقعة لمؤشر أسعار المستهلك، والمقرر صدورها يوم الخميس، للحصول على مزيد من المؤشرات حول أكبر اقتصاد في العالم. تأثر الذهب بالأحداث في فنزويلا، حيث أمر الرئيس دونالد ترمب بفرض حصار على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات. ويضغط الرئيس الأميركي أيضًا على نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو وسط حشد عسكري في المنطقة وتهديدات بشنّ هجمات برية. وقال ديفيد ويلسون، كبير استراتيجيي السلع في بنك بي إن بي باريبا: "يبدو أن التوترات تتصاعد تدريجيًا". قال إن جميع العوامل الداعمة للذهب -من الضغوط التضخمية إلى أسواق الأسهم الأميركية وتباطؤ النمو العالمي- تتزامن على ما يبدو، متوقعًا أن يصل سعر المعدن النفيس إلى 5000 دولار في وقت ما من العام المقبل. يقترب سعر الذهب من أعلى مستوى قياسي له فوق 4381 دولارًا للأوقية، والذي سجله في أكتوبر. وقد قفز المعدن النفيس بنحو الثلثين هذا العام، وهو في طريقه لتحقيق أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979. وقد حفز هذا الارتفاع الكبير زيادة مشتريات البنوك المركزية، بالإضافة إلى تراجع المستثمرين عن شراء سندات الخزانة والعملات الرئيسة. كما عززت التوترات الجيوسياسية جاذبيته كملاذ آمن. يراقب المستثمرون عن كثب أي مؤشر على مزيد من التيسير النقدي بعد أن خفض البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي الأسبوع الماضي، وهو ما يُعدّ عاملًا مساعدًا للمعادن النفيسة التي لا تُدرّ فوائد. في الوقت الحالي، يُرجّح المتداولون بنسبة 25 % تقريبًا خفض أسعار الفائدة في يناير. ويتوقع نيكي شيلز، رئيس قسم الأبحاث في شركة تكرير المعادن الثمينة ام كيه اس، أن يبلغ متوسط سعر الذهب 4500 دولار للأونصة في عام 2026، لينضم بذلك إلى مجموعة من التوقعات التي تشير إلى ارتفاعه. وأشار شيلز في مذكرة يوم الثلاثاء إلى أن الذهب سيشهد على الأرجح استقرارًا في المدى القريب "قبل أن يستقر في مسار صعودي أكثر اعتدالًا واستدامة" بعد "الارتفاع الصاروخي" الذي شهده هذا العام. في غضون ذلك، ارتفع سعر البلاتين بنسبة تصل إلى 4.6 % مسجلًا أعلى مستوى له منذ عام 2008، وذلك على خلفية اقتراح الاتحاد الأوروبي لتخفيف قواعد الانبعاثات للسيارات الجديدة، وإلغاء الحظر الفعلي على محركات الاحتراق الداخلي. يُستخدم البلاتين والبلاديوم في المحولات الحفازة التي تقلل من التلوث في المحركات. وأشار ويلسون إلى وجود اهتمام من شركات السيارات بالشراء خلال الأسبوع الماضي تقريبًا. بينما ارتفع سعر البلاديوم بنسبة 1 %. في بورصات الأسهم العالمية، ارتفعت الأسهم الأوروبية يوم الأربعاء مدعومة بمكاسب أسهم القطاع المالي والطاقة التي ساهمت في التعافي من انخفاضات الجلسة السابقة. ارتفع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 0.4 % ليصل إلى 581.81 نقطة، مقترباً من أعلى مستوى قياسي له. وتبعت البورصات الإقليمية الرئيسية هذا الاتجاه الإيجابي، حيث يتجه مؤشر فوتسي 100 البريطاني نحو تحقيق أكبر مكاسبه اليومية منذ أبريل، بارتفاع قدره 1.4 %. وأظهرت البيانات انخفاضاً حاداً غير متوقع في معدل التضخم لأسعار المستهلكين في بريطانيا خلال شهر نوفمبر، مما دفع المستثمرين إلى زيادة رهاناتهم على خفض سعر الفائدة يوم الخميس. كانت أسهم البنوك الداعم الأكبر لمؤشر ستوكس 600، حيث ارتفعت بنسبة 1.2 %، لتتداول بالقرب من مستويات لم تشهدها منذ عام 2008. وقفز سهم بنك اتش اس بي سي، في لندن بنسبة 3.5 % مسجلاً مستوى قياسياً، مع إشارة المتداولين إلى رفع تصنيف السهم من قبل أحد الوسطاء. وقال كيران غانيش، استراتيجي الأصول المتعددة في إدارة الثروات العالمية لدى يو بي إس، إن مجموعة من العوامل، مثل أداء الأسواق المالية الجيد، وزيادة عمليات الاندماج والاستحواذ، وتخفيف القيود التنظيمية في أوروبا والولاياتالمتحدة، تُعدّ محفزات إيجابية لبعض البنوك. كما ارتفعت أسهم الشركات المرتبطة بالسلع، حيث قفز سهم شركات الطاقة بنسبة 1.6 %، متأثراً بارتفاع أسعار النفط بعد أن فرضت الولاياتالمتحدة حصاراً على سفن النفط الخاضعة للعقوبات في فنزويلا. وارتفع سهم كل من شل، وبي بي بنحو 2 %. ارتفعت أسهم شركات التعدين بنسبة 1.7 % بعد أن سجلت أسعار الفضة مستوى قياسياً، كما شهدت أسعار سبائك الذهب ارتفاعاً طفيفاً. وسجلت معظم القطاعات الرئيسية في مؤشر ستوكس 600 ارتفاعاً، بينما تراجعت أسهم قطاعي البناء والمواد والسيارات. ويمثل هذا الزخم الإيجابي تعافياً من الانخفاض الطفيف الذي شهده المؤشر يوم الثلاثاء، بعد أن أبقى تقرير الوظائف غير الزراعية الأميركي، الذي كان مرتقباً بشدة، التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأميركية في عام 2026 قائمة إلى حد كبير. وشهد مؤشر ستوكس 600 ارتفاعاً بنسبة تقارب 15 % هذا العام، مدعوماً بانخفاض أسعار الفائدة في جميع أنحاء القارة، وتنويع المستثمرين العالميين لاستثماراتهم بعيداً عن أسهم التكنولوجيا الأميركية ذات القيمة السوقية المرتفعة. وتُنتظر هذا الأسبوع عدة قرارات تتعلق بالسياسة النقدية، بما في ذلك قرارات البنك المركزي الأوروبي، وبنك ريكسبانك السويدي، وبنك إنجلترا، وبنك النرويج المركزي. من بين الأسهم الفردية، انخفض سهم شركة بونزل، ومقرها لندن، بنسبة 4 % إلى أدنى مستوى له في مؤشر ستوكس 600، بعد أن توقعت الشركة الموزعة لمستلزمات الأعمال انخفاضًا طفيفًا في هامش ربحها التشغيلي لعام 2026 مقارنةً بالعام الماضي. ارتفاع الأسهم الأوروبية مع قيادة أسهم البنوك والسلع لمكاسب أوسع نطاقاً