اختتمت في الرياض فعاليات "أسبوع المطبخ الإيطالي في العالم" في التاسع من ديسمبر، حيث شهدت الاحتفالات العديد من المبادرات والفعاليات المميزة التي شارك فيها العديد من الأصدقاء من المجتمع السعودي والدبلوماسي والدولي. وقد اختتمت نسخة هذا العام في الرياض بشكل مميز، حيث تم الإعلان في العاشر من ديسمبر عن إدراج المطبخ الإيطالي رسمياً ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي للإنسانية. يُعتبر المطبخ الإيطالي أول مطبخ في العالم يحصل على هذا الاعتراف الكامل. جاء القرار بالإجماع من قبل اللجنة الحكومية الدولية لليونسكو، التي اجتمعت مؤخرًا في نيودلهي، الهند. وفقًا لهذا القرار، يُعتبر المطبخ الإيطالي "مزيجًا ثقافيًا واجتماعيًا من تقاليد الطهي"، "طريقة للاعتناء بالنفس والآخرين، والتعبير عن الحب، وإعادة اكتشاف الجذور الثقافية، مما يوفر للمجتمعات منفذاً لمشاركة تاريخها وتعريف العالم من حولها". المطبخ الإيطالي يمثل بالفعل مزيجاً ثقافيًا واجتماعيًا من عادات الطعام، واستخداماً إبداعياً للمواد الخام، والطرق الحرفية في التحضير حيث أصبحت نموذجًا اجتماعيًا و ثقافيًا. إنها طقوس - تأثرت لعدة قرون - ولا تزال حتى اليوم، بثقافات متنوعة وقدمت مكونات وعادات جديدة، بالإضافة إلى تعبيرات لغوية وطرق جديدة في الطهي. المطبخ الإيطالي ليس مجرد طعام أو كتاب وصفات (سواء كانت بسيطة أو معقدة)، بل هو مجموعة من الممارسات الاجتماعية والعادات التي تجعل من تحضير الطعام واستهلاكه لحظة مشتركة من اللقاء والتواصل. إنه تقليد جماعي يُعتبر فيه الطعام عنصراً ثقافياً يُعبر عن الهوية. التواصل بين الطعام والثقافة، والمطبخ والتقاليد، أصبح أكثر وضوحاً وقبولاً على مستوى العالم. في إيطاليا، يُعتبر الطهي وسيلة للاعتناء بالعائلة والأصدقاء سواء داخل المنزل أو خارج نطاق الأسرة. إنه مزيج من العديد من التأثيرات الإقليمية والمهارات المحلية، يُعبّر عن تقاليد ومعرفة تتنقل عبر الأجيال، وتُحوّل إلى إبداع. كما أن المطبخ الإيطالي يمثل أيضاً شكلاً من أشكال حماية التنوع البيولوجي، حيث يعتمد على مبدأ "عدم إهدار الطعام" واستخدام بقايا الطعام، بالإضافة إلى الإنتاج الموسمي الذي يتيح إعادة استخدام الموارد من مختلف المناطق الإيطالية بفضل مفهوم "الكيلومتر صفر". المطبخ الإيطالي ليس جزءًا من تاريخنا فقط، بل هو جزء من تراث 60 مليون إيطالي يعيشون في إيطاليا و80 مليون إيطالي حول العالم. كما أنه مصدر إلهام للكثيرين من مختلف الجنسيات الذين يحبون الأسلوب الإيطالي في الحياة. في المملكة، عملنا بنجاح مع هيئة فنون الطهي، تحت إشراف الرئيس التنفيذي الأستاذة ميادة بدر، لتعزيز تبادل الثقافات بين التراثين العريقين للمطبخ السعودي والإيطالي. وقد أثمرت هذه الجهود عن نتائج مثيرة وواعدة. لذلك، أعتبر أن إدراج المطبخ الإيطالي في قائمة التراث الثقافي اللامادي للإنسانية خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات بين إيطاليا والمملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج بشكل عام. * سفير إيطاليا في المملكة العربية السعودية