يأتي الثالث من ديسمبر كل عام ليُذكّرنا -من المؤكد- بأن بناء المجتمعات الشاملة ليس ترفًا اجتماعيًا، بل واجب وطني وإنساني يضع قيمة الإنسان في مقدمة الاهتمام. وفي اليوم العالمي للإعاقة تتجدد الدعوة إلى تمكين هذه الفئة الغالية، وتوسيع مشاركتها في كل مجالات الحياة، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن الإعاقة ليست نهاية القدرة، وإنما بداية لصياغة مختلفة من الإبداع، وبفضل الله ثم بفضل ما توليه المملكة من رعاية متواصلة، أصبح مفهوم «الدمج والتمكين» واقعًا نعيشه، لا مجرد شعارات. فقد قدمت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- نموذجًا فريدًا في العناية بالأشخاص ذوي الإعاقة، عبر منظومة تشريعية شاملة، وبرامج تطويرية متجددة، ومبادرات وطنية ارتقت بالخدمات من مرحلة الرعاية إلى مرحلة التمكين الكامل، ولا شك أن رؤية المملكة 2030 عززت هذا التوجه، فأتاحت لهذه الفئة فرصًا أكبر في التعليم، والعمل، والتأهيل المهني، والخدمات الصحية المتخصصة، وتهيئة المرافق العامة لتكون بيئات صديقة للجميع. ومن المؤكد أن هذا التحول العميق جعل من حضور الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع حضورًا فاعلًا ومؤثرًا، كما لا يمكن إغفال الدور الكبير الذي تقوم به الجمعيات المتخصصة في خدمة ذوي الإعاقة، والتي تبذل جهودًا نوعية في التدريب والدعم النفسي والاجتماعي والتوعية والتمكين. وبفضل الله ثم بجهود هذه الجمعيات - ومنها الجمعيات العاملة في الإعاقات الذهنية والحركية والسمعية والبصرية، وجمعية الفصام وغيرها- أصبحت الخدمات أكثر شمولية، وأصبحت الأسر أكثر وعيًا، وارتفعت جودة الحياة لدى الآلاف ممن تستهدفهم تلك المبادرات، وتكمن رسالة اليوم العالمي للإعاقة في التأكيد على مبادئ التمكين والدمج والوعي، وهي مبادئ لا تتحقق إلا بتكامل الجهود بين الأسرة، والمدرسة، والمؤسسات الحكومية، والجمعيات المتخصصة، والمجتمع بأكمله. ومن المؤكد أن نجاح أي مشروع وطني لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة يبدأ من الإيمان بقدراتهم، ومنحهم الفرصة الحقيقية ليكونوا شركاء في التنمية، وبفضل الله ثم بجهود قيادتنا الرشيدة -حفظها الله- والشراكات بين القطاعين الحكومي وغير الربحي، يتواصل العمل على بناء وطن يحتضن جميع أبنائه، ويوفر لهم الفرص المتكافئة، ويجعل من التنوع قوة ومن الاختلاف مصدر إلهام. وفي هذا اليوم العالمي، تتجدد المسؤولية، ويترسخ الالتزام تجاه هذه الفئة العزيزة، دعمًا وتمكينًا ومشاركة في مسيرة الوطن نحو مستقبل أكثر وعيًا وإنسانية.