العلاقات السعودية - الأميركية تعكس خارطة طريق لما يجب أن تكون عليه العلاقات الثنائية بين الدول، ومعادلة الضبط والتوازن داخل تلك العلاقة غير قابلة للنسخ أو التقليد، وغير معروضة للإصابة أو التمزق؛ فهي عميقة ومتأصلة بما فيها من مكونات التكامل والتكافؤ، ويصح أن نقول إن القيم الثابتة في هذه العلاقة إيقاع مركب لا نشاز فيه. الولاياتالمتحدة الأميركية أدركت من بداية تلك الشراكة أن حكام السعودية يملكون القدرة والمكانة والحكمة التي من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار والرفاه الذي ينشده العالم المشتت والمنهك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. ومع تشكل نظام عالمي جديد، كانت المملكة العربية السعودية دولة تحتاج الولاياتالمتحدة صداقتها بوصفها لاعبًا رئيسًا في تشكيل ذلك النظام. ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا الحاضر يجني العالم ثمار رهان الولاياتالمتحدة الأميركية بقيادة فرانكلين روزفلت على قدرة المملكة العربية السعودية على تحقيق الاستقرار. من خلال تلك الشراكة العريقة، عملت المملكة العربية السعودية على توظيف مكانتها في المنطقة وتقوية علاقتها مع الولاياتالمتحدة الأميركية لحل النزاعات الإقليمية والدولية التي كان آخرها المشهد السوري الذي عانى من القتل والدمار لأكثر من عقد. واليوم بعد تدخل القيادة السعودية والأميركية يعود الأمل إلى سوريا ويعم التفاؤل بمستقبل آمن وكريم لهذا الشعب الذي فرّقته الحرب ودمرت مقدراته! كذلك القضية الفلسطينية التي تعد في قلب الدبلوماسية السعودية، تشهد تطورا تاريخيا بعد أن تمكنت القيادة السعودية من دفع الولاياتالمتحدة نحو طرحت مشروع قرار أمام مجلس الأمن، يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية. وتمثل هذه الخطوة سابقة من نوعها، إذ تُدرج للمرة الأولى صياغة صريحة لهذا المبدأ داخل نص القرار نفسه وليس في ملحق منفصل. كما يتضمن المشروع بنوداً تجعل قيام الدولة الفلسطينية التزاماً ملزماً في إطار قرار مجلس الأمن وذلك بحسب وكالة رويترز. اليوم تحت قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان تشهد العلاقة السعودية الأميركية مرحلة ذهبية من عمر تلك الشراكة التاريخية، حيث إن الولاياتالمتحدة بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تعمل على تحقيق إنجازات استراتيجية في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية واسعة وغير مسبوقة ومستدامة بين البلدين تبقى كالنقش في الصخر لا تأكله الرياح ولا يمحوه الزمن. هذا النقش بدأ تشكيله في العاصمة الرياض خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مايو الماضي وسيتم إخراجه في أجمل صورة خلال الزيارة الحالية التي يقوم يها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن . وسائل الإعلام مشغولة بالحديث عن هذه الزيارة ووصفتها بالتاريخية لأن الرئيس دونالد ترمب وجه بأن تكون زيارة دولة، وهي أعلى مستويات الزيارات في الأعراف الدبلوماسية حيث يتخللها حفل عشاء "ربطة العنق السوداء" في البيت الأبيض وهو تقليد لأكثر من مئة وخمسين عامًا يحمل دلالة قوية على حسن النية وقوة تأثير الضيف. هذا الاستقبال والحفاوة من قبل الرئيس دونالد ترمب نتيجة التوافق العميق بين القائدين، وفي هذا السياق أثنى دونالد ترمب على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مناسبات عديدة، وقد وصف القائد الشاب بأنه "أكثر حكمة من عمره". كانت السعودية أول دولة يزورها الرئيس ترمب في تاريخه السياسي وذلك في عام 2017، وكان ولي العهد أول زعيم يتصل به هاتفيًا في يناير 2025 بعد فوزه بفترة رئاسة ثانية. وفي تصريحات له خلال أحد اجتماعاتهما في الرياض في مايو، وصف الرئيس دونالد ترمب العلاقة الاستراتيجية مع القيادة السعودية بأنها: "ركيزة أساسية للأمن والازدهار". من المرجح أن يناقش الزعيمان أثناء اجتماعهما في البيت الأبيض خلال زيارة ولي العهد المقبلة الاتفاقيات الأمنية والصفقات التي أبرمت في مايو، وغيرها من القضايا الملحة في الشرق الأوسط والعالم. عليه يمكن تلخيص هذه الزيارة بالقول: "استعدي يا واشنطن! ولي العهد السعودي قادم.. ليس للأحاديث الجانبية والمجاملات.. بل لصفقات كبيرة، وخطوات جريئة، وتذكير واضح بأن موازين القوى العالمية تتغير.. الرياض تُحدد الوتيرة، والعالم يُلاحظ". لقد أصبحت العلاقات الأميركية السعودية أقوى من أي وقت مضى، مدعومة بالتفاعلات على جميع المستويات بين بلدينا. تلك التفاعلات المدعومة بالثقة والتكامل والتكافؤ تعد سر صمود العلاقات السعودية الأمريكية في وجه الحروب والتحولات الاقتصادية والتغييرات السياسية، وبينما يتطلع البلدان إلى المستقبل، تظل شراكتهما ركيزة أساسية للاستقرار العالمي.