تتأهب أسواق النفط لارتفاعات متوقعة لأسعار الخامين القياسيين برنت والأمريكي في افتتاح تداولات الأسبوع اليوم الاثنين لاسيما بعد تجدد العقوبات على صادرات النفط الروسي التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والتي عززت مكاسب النفط الأسبوع الماضي وسط مخاوف تعثر الإمدادات من ثالث أكبر منتجي النفط في العالم، روسيا، ليغلق خام برنت مرتفعاً 7% على أساس أسبوعي وملامساً 66 دولارا للبرميل، وهو أكبر ارتفاع أسبوعي في أكثر من أربعة أشهر، وتجاوز الخام الأمريكي مستوى 61 دولارا للبرميل. أدرجت الولايات المتحدة شركتي "روسنفت" و"لوك أويل" الروسيتين على القائمة السوداء، في محاولة لقطع الإيرادات التي تحتاجها موسكو لحربها في أوكرانيا. تُمثل الشركتان معًا أكثر من 5% من إنتاج النفط العالمي، وكانت روسيا ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم في عام 2024 بعد الولايات المتحدة. كما من المتوقع أن تنخفض تدفقات النفط الروسي إلى الهند، المشتري الرئيس، بينما ألغت الشركات الصينية المملوكة للدولة بعض المشتريات. وأفادت مصادر تجارية أن العقوبات دفعت شركات النفط الحكومية الصينية الكبرى إلى تعليق مشترياتها من النفط الروسي على المدى القصير. وذكرت مصادر في القطاع أن مصافي التكرير في الهند، أكبر مشترٍ للنفط الروسي المنقول بحرًا، من المقرر أن تُخفّض وارداتها من الخام الروسي بشكل حاد. في الوقت نفسه، زاد الاتحاد الأوروبي الضغط على الكرملين بحزمة جديدة من العقوبات استهدفت البنية التحتية لقطاع الطاقة الروسي، تضمنت حظرًا كاملًا على التعاملات مع شركتي "روسنفت" و"غازبروم نفط". وتأتي الإجراءات في وقت تترقب سوق النفط فائضًا كبيرًا في المعروض، مع وصول الكميات المنقولة بحرًا إلى مستوى قياسي، فيما تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتجاوز الإنتاج العالمي الطلب بنحو 4 ملايين برميل يوميًا العام المقبل. وقال يانيف شاه، نائب رئيس شركة "ريستاد إنرجي": "نقدّر أن ما بين 500 ألف برميل يوميًا و600 ألف برميل يوميًا من إنتاج النفط الروسي معرض لخطر التوقف". في وقت تبتعد مصافي نفط حكومية في الصين عن النفط الروسي وسط العقوبات الأمريكية. وألغت شركات صينية مملوكة للدولة، من بينها شركة "سينوبك"، جزءًا من مشترياتها من النفط الخام الروسي المنقول بحرًا، بعدما أدرجت الولايات المتحدة شركتي "روسنفت"، و"لوك أويل" على قائمتها السوداء، في خطوة تزيد من مؤشرات الاضطراب داخل سوق النفط. وبدأت شركات النفط الكبرى في تقييم القيود الأمريكية، إلى جانب إجراءات مماثلة اتخذها الاتحاد الأوروبي، بحسب مصادر أوضحت أن الشركات أوقفت شراء بعض الشحنات الفورية، معظمها من خام "إسبو" القادم من أقصى شرق روسيا. تأتي هذه التطورات في صالح اتساع رقعة إمدادات النفط من الشرق الأوسط والخليج العربي حيث أن الدول المتأثرة بأحدث حملة من العقوبات ضد أكبر شركات النفط الروسية توجّه طلبها حاليًا نحو المنتجين في الخليج والمنطقة الأوسع، بينما من المتوقع أن تؤدي العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة الروسي إلى ارتفاع الأسعار. في تطورات أسواق الطاقة، في العراق، تقترب البلاد من الاكتفاء الذاتي والتوقف عن استيراد البنزين، مع المضي قدمًا في المشاريع الاستراتيجية لإنتاج المشتقات النفطية، بحسب رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني والذي جاءت تصريحاته تزامنًا مع افتتاح مشروع وحدة التكسير بالعامل المساعد في مصفاة الشعيبة بمحافظة البصرة، بطاقة 107 آلاف برميل يوميًا. وأضاف رئيس الوزراء أن المشروع سيعمل إلى جانب باقي مشاريع توسعة المصافي، "على تأهيل العراق لتصدير المشتقات بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي". وتوقع حسين طالب، مدير عام شركة توزيع المنتجات النفطية العراقية، أن يتوقف العراق عن استيراد البنزين نهاية العام الجاري أو مطلع 2026، وذلك بعد تحقيقه الاكتفاء الذاتي من زيت الغاز (الديزل) والنفط الأبيض (الكيروسين) كنتيجة لخطة وضعتها وزارة النفط بتطوير وإعادة تشغيل المصافي الوطنية. وقال وزير النفط حيان عبدالغني، يوم الجمعة، إن مشروع التكسير بالعامل المساعد "يُعد من أكبر المشاريع الاستراتيجية في قطاع التكرير، وتبلغ قيمته حوالي 3.75 مليارات دولار، ويجري تمويله من اليابان عبر قرض ميسر بفوائد منخفضة جدًا، على أن يبدأ تسديده بعد 10 سنوات من إنجاز المشروع، ويمتد السداد على مدى ثلاثين عامًا، ما يجعله من أفضل القروض الميسرة التي حصل عليها العراق". وأوضح عبدالغني، على هامش زيارته إلى البصرة، أن المشروع سينتج البنزين عالي الأوكتان 95، و"يعتمد على تحويل النفط الأسود إلى منتجات نفطية عالية القيمة، مثل إنتاج 4200 متر مكعب يوميًا من البنزين عالي الأوكتان، وأكثر من 2000 متر مكعب يوميًا من وقود الغاز، وما يزيد على 750 طنًا يوميًا من الغاز والسائل والمنتجات البيضاء الخفيفة مثل النافتا وغيرها". في الولايات المتحدة، يؤسس البيت الأبيض صندوق معادن حرجة مع "أوريون" و"القابضة" أبوظبي ب5 مليارات دولار. ويمثل استثمار مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية خطوة جديدة في مساعي إدارة ترمب لتأمين اتفاقيات عالمية خاصة بالمعادن. ووفقًا لبيان، قدّم الشركاء الثلاثة التزامات رأسمالية أولية تبلغ 1.8 مليار دولار، ويستهدفون الوصول إلى حجم إجمالي يبلغ 5 مليارات دولار. وقال بن بلاك، الرئيس التنفيذي لمؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية، في البيان إن "تأمين المعادن الحيوية مسألة بالغة الأهمية للمصالح الاستراتيجية والازدهار الاقتصادي للولايات المتحدة"، مضيفًا أن الصندوق أُنشئ "لبناء محفظة قوية من الاستثمارات الآمنة في المعادن الحيوية، التي تُعدّ ضرورية لتعزيز الازدهار الاقتصادي الأمريكي". في أوروبا، تبحث رئيسة المفوضية الأوروبية سبل الرد على تهديد الصين بالمعادن النادرة، وخلال كلمتها في منتدى برلين للحوار العالمي يوم السبت، أوضحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أن "الصين شددت في الأسابيع والأشهر الأخيرة بشكل ملحوظ ضوابطها على تصدير المعادن النادرة ومواد البطاريات". وأضافت أن هذا يشكل "خطرًا كبيرًا". في ماليزيا، تتفاوض البلاد مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لإعفاء الرقائق من الرسوم الجمركية التي فرضها الاخير، في وقت تستعد فيه لإبرام اتفاق تجاري مع واشنطن. وأوضح وزير الاستثمار والتجارة والصناعة الماليزي زفرول عزيز، بأن "النسبة حاليًا صفر، وآمل أن تبقى كذلك". وأضاف أن السوق الأمريكية "ذات أهمية بالغة لماليزيا". كانت ماليزيا قد فُرضت عليها رسوم جمركية بنسبة 19% على صادراتها إلى الولايات المتحدة، في حين يدرس ترمب فرض رسوم تصل إلى 300% على أشباه الموصلات، وهي خطوة ترى ماليزيا، سادس أكبر مصدر للرقائق في العالم، أنها مثيرة للقلق. وتُعدّ الولايات المتحدة ثالث أكبر سوق لصادرات ماليزيا من أشباه الموصلات. وألمح عزيز إلى إمكانية إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن المعادن الحيوية، تزامنًا مع زيارة ترامب إلى كوالالمبور للمشاركة في القمة السنوية لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان). فيما يسعى ترمب لتوقيع اتفاقيات في آسيا لتكثيف الضغط على الصين، وصفقات تتعلق بالمعادن الحيوية مع عدد من الشركاء التجاريين خلال زيارته إلى آسيا، في إطار مساعيه لتكثيف الضغط على الصين قبيل اجتماع مرتقب مع الرئيس شي جين بينغ. وأوضح المسئولون خلال إحاطة صحفية يوم الجمعة قبل مغادرة ترامب، أن الرئيس الأمريكي يتطلع إلى إبرام صفقات تتيح استغلال موارد المنطقة بما يُسهم في بناء سلاسل توريد أكثر موثوقية للصناعات، ودعم النمو العالمي، وجذب استثمارات أكثر إلى الولايات المتحدة. وتتحرك إدارة ترامب لتسريع ربط الذكاء الاصطناعي بشبكات الكهرباء، إذ حث وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت، لجنة تنظيم الطاقة الفيدرالية على منح مراجعات عاجلة لطلبات ربط مراكز البيانات بالشبكة. وبموجب مشروع القاعدة الذي أرسله رايت إلى اللجنة، تُقيّد فترة المراجعة ب60 يومًا فقط، في تحول جذري مُقارنةً بالإجراءات الحالية التي قد تستمر لسنوات. وسيسهم تسريع الموافقات في تمكين الرئيس ترمب من تحقيق طموحاته في مجال الذكاء الاصطناعي، وتوسيع نطاق القطاع الذي يعتبره حيويًا لمنافسة الصين. كما سيكون خطوةً إيجابية لما يُسمى ب"هايبرسكايلرز" -هي شركات التكنولوجيا العملاقة التي تسعى لبناء مراكز بيانات جديدة كثيفة الاستهلاك للطاقة- والتي تواجه تزايد القلق بشأن تأثير طلبها الكبير على الكهرباء في فواتير المستهلكين بالمناطق السكنية المجاورة. وصعدت أمريكا المواجهة التجارية مع الصين قبيل قمة ترامب وشي، حيث أطلقت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تحقيقًا تجاريًا جديدًا يمهّد لفرض رسوم جمركية جديدة على السلع الصينية، في خطوة تُنذر بتصاعد التوترات قبل القمة المرتقبة بين زعيمي البلدين هذا الأسبوع. وأعلن الممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير، يوم الجمعة، فتح تحقيق حول مدى التزام الصين باتفاق التجارة المحدود الذي تم التوصل إليه عام 2020 خلال ولاية ترمب الأولى. وقالت الوكالة في بيان: إن التحقيق "سيدرس ما إذا كانت الصين قد نفّذت التزاماتها بالكامل بموجب اتفاق المرحلة الأولى، والأعباء أو القيود التي يتعرض لها النشاط التجاري الأمريكي نتيجة أي إخلال صيني بهذه الالتزامات، والإجراءات التي ينبغي اتخاذها استجابة لذلك إن وُجدت". تهدد هذه الخطوة بتأجيج العلاقات المتوترة أصلًا بين واشنطن وبكين، وقد تمثل ورقة ضغط إضافية في لقاء ترمب المقرر يوم الخميس المقبل مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية. ويُجرى التحقيق بموجب المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974، التي تتيح للإدارة الأمريكية تعديل الواردات من الدول التي تتخذ ممارسات تجارية ضارة. وغالبًا ما تستغرق هذه التحقيقات عدة أشهر أو أكثر، لكنها تشكّل الأساس القانوني الذي يتيح للرئيس فرض رسوم جمركية بشكل أحادي.