تتجه أنظار عشاق السينما حول العالم إلى مدينة البندقية الإيطالية، حيث تستعد لاحتضان الدورة ال82 من مهرجان البندقية السينمائي الدولي، الذي يعد من أعرق المهرجانات وأقدمها في العالم، وإحدى أبرز المنصات التي تشكل ملامح الموسم السينمائي العالمي كل عام. ومن المقرر أن تنطلق الفعاليات في السابع والعشرين من أغسطس الجاري، لتستمر حتى السادس من سبتمبر المقبل، في أجواء يتوقع أن تجمع بين البريق الفني والسجال الثقافي والسياسي الذي طالما رافق المهرجان عبر تاريخه الممتد. اختارت إدارة المهرجان أن تفتتح فعاليات هذا العام بفيلم "La Grazia" (النعمة) للمخرج الإيطالي باولو سورينتينو، وهو من أكثر الأسماء حضورًا في السينما الأوروبية المعاصرة. الفيلم الذي يشارك في المسابقة الرسمية، يشكل عودة قوية لسورينتينو إلى واجهة المهرجان بعد غياب، ويشارك في بطولته كل من توني سيرفيللو وآنا فرزيتي، حيث يقدم معالجة درامية تعكس تمازج الروح الإيطالية مع الطرح الإنساني العالمي. اختيار هذا العمل لافتتاح المهرجان يعكس رغبة المنظمين في ترسيخ الهوية الإيطالية للمهرجان، مع إبراز قدرته على مخاطبة جمهور عالمي متنوع. من المتوقع أن يشهد الافتتاح حضورًا واسعًا لعدد من أبرز نجوم السينما وصنّاعها، حيث يُنتظر أن يزين السجادة الحمراء أسماء مثل جوليا روبرتس وجورج كلوني وإيما ستون ودواين جونسون، إضافة إلى مخرجين بارزين مثل غويليرمو ديل تورو وكاترين بيغلو ولوكاغوادانينو، وهو ما يمنح المهرجان زخمه المعتاد ويؤكد مكانته كأحد أهم تجمعات صناعة السينما العالمية. يترأس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية المخرج الأمريكي ألكسندر باين، المعروف بأعماله التي توازن بين الحس الإنساني العميق والنقد الاجتماعي، وهو ما يمنح قرارات اللجنة وزنًا خاصًا في هذه الدورة. كما أعلن المهرجان عن منح الأسد الذهبي عن مجمل الإنجاز لكل من المخرج الألماني فيرنر هيرتزوغ، أحد أبرز الأصوات السينمائية في مجال الأفلام الوثائقية والدرامية، والممثلة الأمريكية كيم نوفاك التي تركت بصمة خالدة في السينما الكلاسيكية. إلى جانب ذلك، تُمنح جوائز تقديرية خاصة لكل من المخرج جوليان شنابل والفنان غس فان سانت، تقديرًا لمساهماتهما في إثراء لغة الصورة السينمائية. لا يقتصر اهتمام المهرجان على فيلم الافتتاح، بل يمتد ليشمل قائمة غنية من الأعمال العالمية المنتظرة، التي يتوقع أن تهيمن على سباق الجوائز السينمائية المقبلة. من أبرز هذه الأعمال: "Frankenstein" للمخرج المكسيكي غويليرمو ديل تورو، بطولة أوسكار إسحق وجاكوب إلوردي. "Bugonia" لليوغورغوس لانثيموس، بمشاركة إيما ستون. "After the Hunt" للوكا غوادانينو، من بطولة جوليا روبرتس وآندرو غارفيلد. "Jay Kelly" لنواه بومباخ، بطولة جورج كلوني وآدم ساندلر. "The Smashing Machine" لبيني صدفى، من بطولة دواين جونسون وإميلي بلنت. "A House of Dynamite" لكاثرين بيغلو، التي تعود بعد غياب طويل. كما يتضمن البرنامج وثائقيات مهمة لعدد من الأسماء اللامعة مثل صوفيا كوبولا وفيرنر هيرتزوغ ولوكريسيا مارتيل، ما يعكس تنوعًا في الموضوعات والأساليب الفنية. مع اقتراب موعد انطلاق المهرجان، يترقب النقاد والجمهور على حد سواء ما سيحمله من مفاجآت، إذ يُعتبر كثيرون أن مهرجان البندقية هو البوابة الأولى لسباق الأوسكار، حيث اعتادت أفلامه البارزة أن تشق طريقها نحو جوائز الأكاديمية الأمريكية. ومن المنتظر أن تمنح الدورة الجديدة دفعة قوية للأعمال السينمائية الطموحة، معززة موقع المهرجان كأحد أهم معارض الفن السابع على مستوى العالم. هكذا، وبين الأضواء الإيطالية والتوقعات العالمية، يقف مهرجان البندقية السينمائي على أعتاب دورة جديدة تحمل في طياتها بريق الفن وسجال السياسة، وتؤكد أن هذا الحدث العريق ما زال قادرًا على صياغة ملامح المشهد السينمائي العالمي، محتفظًا بمكانته كأول مهرجان سينمائي دولي وأحد أكثرها تأثيرًا حتى اليوم.