التعليم التقليدي فقد بريقه.. والحل في منصات تدمج المهارة بالهوية البيئة الرقمية المبكرة تصنع جيلًا معزولًا لغويًا واجتماعيًا الطفولة طاقة إبداعية يجب أن تُصان من تسطيح الخطاب الجرائم الإلكترونية تفرض إنشاء منظومة وطنية شاملة لرعاية الطفل غياب الحوار الأسري وتفاقم التنمر الرقمي يهددان توازن الجيل القادم مانجا العربية تقدم محتوى أصيلًا يدمج الترفيه بالقيم الوطنية ندوة «الرياض» توصي بتعزيز حماية الأطفال عبر اتفاقيات مشتركة بين الأسرة والمدرسة وفق تجارب عالمية مطالب بتقنين شبكة الانترنت وقصرها على اوقات محددة للأطفال المؤسسات الرياضية والتعليمية مطالبة برؤية واضحة لتنشئة طفل متوازن سلوكيًا ومعرفيًا الإعلام شريك في رفع الوعي وحماية النشء من مخاطر التقنية بعض الأسر حوّلت أبناءها إلى سلع رقمية.. والحل في حوكمة ظهور الأطفال الجمع بين التعليم والمتعة ضرورة لصناعة طفل متوازن 75 % من شخصية الطفل تصنعها القدوة في المنزل المحتوى العربي لا يتجاوز 1.1 % عالميًا و70 % مما نستهلكه أجنبي.. والمركز الوطني للمحتوى الرقمي هو الحل عقدت صحيفة الرياض ندوة حوارية بعنوان «ثقافة الطفل في العصر الرقمي»؛ لمناقشة واقع الطفل السعودي في ظل التطورات المتسارعة في البيئة الرقمية، وتأثيرها على نموه المعرفي والانفعالي والسلوكي، وسلّطت الندوة الضوء على مبادرة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- لحماية الطفل في الفضاء السيبراني، باعتبارها خطوة استراتيجية لتعزيز الأمن الرقمي للنشء، وبناء بيئة آمنة وغنية تحصّنهم من المخاطر، مع مناقشة أبرز الممارسات المحلية والعالمية في تطوير المحتوى الثقافي والرقمي الموجَّه للأطفال، ودور الأسرة والمدرسة والجهات المعنية في هذا المجال. وشارك في هذه الندوة كل من أستاذ تقنية المعلومات بجامعة الملك سعود الأستاذ الدكتور عبدالرحمن المطرف، واستشاري طب النمو والسلوك الدكتور حسين الشمراني، ومديرة تحرير مجلة مانجا العربية الأستاذة نوف الحسين، وكاتبة الرأي الدكتورة ناديه الشهراني، والمستشار التربوي الأستاذ عبداللطيف الحمادي، والمدربة المهتمة ببرامج الأطفال الثقافية الأستاذة خلود الجريس. وترأس الندوة نيابةً عن رئيس التحرير الأستاذ خالد الربيش، وشارك في إثرائها نخبة من الزملاء في جريدة الرياض، هم: مدير تحرير الشؤون الثقافية الأستاذ عبدالله الحسني، ونائب رئيس القسم الرياضي الأستاذ سليمان العساف، والدكتور مناحي الشيباني، والأستاذ حازم المطيري، والأستاذ ناصر العماش. وفي افتتاحية الندوة، رحّب أ. خالد الربيش بالحضور، مؤكدًا على تاريخها العريق في تناول القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية التي تمس المجتمع، إضافة إلى مناقشة المستجدات الطارئة، بما في ذلك المؤتمرات والفعاليات الكبرى، وأشار إلى أن الندوة تركز هذه المرة على ثقافة الطفل في ظل التحولات السريعة التي تشهدها المملكة منذ انطلاق رؤية 2030، والتي أفرزت فرصًا إيجابية لتعزيز قدرات النشء وصقل مهاراتهم، بما يتوافق مع متطلبات العصر الرقمي.. وأوضح أن المجتمع يواجه اليوم تحديات وتجاوزات متنامية عبر الفضاء الرقمي، مشددًا على أن الضوابط الحكومية -على أهميتها- لا تعفي الأسرة والمدرسة والمسجد والمجتمع من القيام بأدوار فاعلة في الحد من التأثيرات السلبية المحتملة على النشء. وأضاف أن مبادرة سمو ولي العهد لحماية الطفل في الفضاء السيبراني تمثل خطوة جوهرية في هذا الاتجاه، لافتًا إلى أن الندوة ستتناول هذه الجوانب من خلال مداخلات الضيوف.. من جانبها، بيّنت أ. سارة القحطاني أن الثقافة تمثل الأساس الذي يُبنى عليه وعي الأجيال، وتمكّنهم من النمو المستمر، لا سيما في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، حيث تجاوزت الثقافة حدود الكتاب والمجلس التقليدي لتصبح البيئة السيبرانية جزءًا أصيلاً من تكوين الطفل المعرفي والسلوكي. وأشارت إلى أن مبادرة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- لحماية الطفل في الفضاء السيبراني تجسّد التزام الدولة بتوفير بيئة آمنة وغنية للقيم والمعرفة، تعزز التسامح وتحمي النشء من المخاطر الرقمية، وتدعم بناء قدراتهم المعرفية والسلوكية بشكل متوازن. كما أوضحت أن الندوة تسعى إلى استعراض ملامح ثقافة الطفل في المملكة، وتسليط الضوء على الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز أمنه السيبراني، وتوفير فضاء معرفي آمن يواكب التحديات الرقمية ويعكس تطلعات المملكة نحو المستقبل. رؤية استراتيجية للحماية الرقمية وفي بداية الندوة، عبّر الأستاذ الدكتور عبدالرحمن عن شكره وتقديره لاستضافته، مؤكدًا أن هذه الندوة تمثل إحدى المبادرات الضرورية للوصول إلى نتائج إيجابية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بموضوع النقاش، وهو التقنية وعلاقتها بالمجتمع وبالأطفال على وجه الخصوص. وأوضح د. عبدالرحمن أن مبادرة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- لحماية الطفل في الفضاء السيبراني سعت إلى تسليط الضوء على أهمية المحتوى الذي يتعرض له الأبناء والبنات، وهو هاجس يثير القلق، ما دفع سموه -حفظه الله- إلى طرح هذه المبادرة وتقديمها للرأي العام، ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على الصعيد العالمي. وبيّن أن المبادرة انطلقت من عدة محاور، أبرزها تنبيه الرأي العام إلى خطورة ترك الفضاء الرقمي دون رقابة أو تنظيم، حيث يتنقل الأطفال بين محتويات قد تفضي -لا قدر الله- إلى انحرافات سلوكية أو اضطرابات نفسية، ودعت المبادرة إلى القضاء على الظواهر السلبية في المحتوى الموجه للنشء، وإعطاء أولوية قصوى لتربية الطفل تربية صالحة في مختلف المجتمعات. وأضاف أن المبادرة حظيت باهتمام واسع من المجتمع الدولي، إذ استقبلها العالم بترحيب واحتفاء، وسعت منظمات وجهات عالمية إلى تضمينها في تشريعاتها وتنظيماتها، لما تحمله من بعد إنساني ورؤية مستقبلية لحماية الأجيال. المخاطر السلوكية للتقنية وفي محور تأثير بيئة الإنترنت على نمو الطفل، أوضح الدكتور حسين أن التكنولوجيا دخلت إلى الأسرة -صغارًا وكبارًا- بوتيرة سريعة، حتى إن كثيرًا من الأسر لا تدرك تمامًا أبعادها الإيجابية والسلبية، مشيرًا إلى أن ضعف الوعي بالجانب السلبي للتقنية ينعكس في المشكلات التي تعرضها الأسر عند مراجعة المختصين. وبيّن أن الدراسات تشير إلى أن للتقنية إيجابيات عديدة، أبرزها تسهيل الوصول إلى المعرفة، ودورها الكبير في دعم التعليم، كما ظهر جليًا خلال جائحة كورونا عندما أصبح التعليم عن بُعد خيارًا رسميًا، لكن في المقابل، فإن الأطفال غالبًا ما يتعرضون للتقنية بلا رقابة كافية، إذ يُمنح بعضهم الأجهزة في سن مبكرة جدًا، ما يحرمهم من فرص المشاركة الأسرية واللعب مع أقرانهم، ويعزلهم عن التفاعل الاجتماعي الطبيعي. وأضاف أن الإفراط في استخدام الأجهزة لدى الفئة العمرية من الولادة حتى سن الخامسة قد يؤخر النمو الطبيعي للغة، لأن اكتساب اللغة يعتمد على التفاعل المباشر مع الأسرة. كما تضعف لدى الطفل مهارات المشاركة والقدرة على تكوين الصداقات، فضلًا عن تأثيرات سلبية أخرى أشارت إليها الدراسات الحديثة، منها ضعف التركيز، وتشتت الانتباه، وتأثير ذلك على نمو الدماغ في سنواته الأولى، وهي الفترة التي تُبنى خلالها القدرات والمهارات الأساسية. وتطرق إلى أن المحتوى الذي يتعرض له الأطفال لا يخضع غالبًا للمراقبة، ما قد يعرّضهم لألعاب عنيفة أو أفكار وسلوكيات لا تناسب أعمارهم، مثل التحرش الجنسي والتنمر، إضافة إلى الانعزال عن الأسرة، ومنح الثقة لأشخاص مجهولين قد يستغلونهم، وأشار إلى أن بعض المتحرشين باتوا يستخدمون الألعاب والبرامج كوسائل للوصول إلى الأطفال، بدل الطرق التقليدية. وأكد أن حماية الطفل واجبة داخل المنزل كما هي خارجه، وذلك من خلال مراقبة الألعاب، والمحادثات، والبرامج التي قد تحمل مخاطر سلوكية ونفسية، بما في ذلك القلق، والاكتئاب، وتدنّي تقدير الذات، وتأثر معايير الجمال وقبول الذات لدى المراهقين والمراهقات. دور الأسرة في الحماية وفي سياق الحديث عن مسؤوليات الأسرة في التوجيه الثقافي والرقمي للطفل، ثمّن الأستاذ عبداللطيف تنظيم صحيفة الرياض لهذه الندوة، معتبرًا إياها من إسهامات الإعلام في حماية الطفل وتوعية الأسرة في زمن الانفتاح الرقمي وانتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي. وأكد أن أطفال اليوم هم رجال الغد، ورأس المال الحقيقي لخطط التنمية في بلادنا، وهو ما تجسده رؤية المملكة 2030 التي أطلقها سمو ولي العهد -حفظه الله- بتركيزها على استثمار العقول. وشدّد على أهمية تكاتف الجهود بين مؤسسات الدولة واللجان المعنية، مثل لجنة الطفولة التابعة لوزارة التعليم، ووزارتي الثقافة والإعلام، لتحقيق هذه الغاية. وأوضح أن دور الأسرة لا يقل عن دور المدرسة أو وزارة الإعلام في عملية التوعية، فهي الأساس الذي يُبنى عليه سلوك الطفل، والمصدر الأول لغرس القيم النبيلة في نفوس الأبناء، كالصدق، والنزاهة، والتسامح، والانضباط، إضافة إلى ضرورة متابعة المحتوى الرقمي الذي يتعرضون له. وأعرب عن أسفه لغياب الحوار الأسري في كثير من البيوت، حيث أصبح كل فرد منعزلًا في غرفته، ما قلّص فرص اللقاءات اليومية التي يجب أن تُفعل وتُخصص لها أوقات منتظمة، وأكد أن هذا الانفصال الأسري ينعكس على سلوك الأبناء وتوجهاتهم. وأشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أفرزت مشكلات تربوية وتعليمية، أبرزها التنمر الذي تحوّل في بعض التعليقات إلى ظاهرة فكاهية، إضافة إلى التعصب الرياضي، فضلًا عن تراجع المستوى التعليمي للطلاب، واستشهد بدراسة حديثة صادرة عن هيئة تقويم التعليم والتدريب، بيّنت أن من أسباب ضعف أداء الطلاب السعوديين في الاختبارات الدولية انتشار التنمر والتعصب الرياضي. الرقابة الذاتية وفي رد على سؤال حول أبرز التجارب المحلية والعالمية في مجال تطوير المحتوى الموجَّه للأطفال رقميًا وثقافيًا، استهلّت الدكتورة نادية حديثها بالتعقيب على ما طرحه الأستاذ عبداللطيف الحمادي، مؤكدة أن أهم قيمة ينبغي على الأسر والمربين غرسها وتعزيزها لدى الأبناء هي الرقابة الذاتية، خاصة فيما يتعلق بالأمن السيبراني والتعامل مع الأجهزة الذكية التي أصبحت متاحة في كل غرفة. وأوضحت أن تعزيز الرقابة الذاتية لدى الطفل يعني توعيته حول ما يمكن مشاهدته وما يجب تجنبه، وفي حال وقوعه في مشكلة -لا قدّر الله- ينبغي أن يكون أول ملجأ له والديه، بعيدًا عن الخوف أو الحرج من الوالدين أو الإخوة الكبار، لأن الخوف قد يفاقم حجم المشكلة. وأشارت إلى أن بناء الثقة المتبادلة بين الطفل ووالديه يشكل سياج حماية له في عالم رقمي يعرف الأطفال أدواته أكثر مما يعرفه الكبار أنفسهم. ممارسات دولية لحماية الطفل وفي سياق استعراض الممارسات الدولية، ذكرت الشهراني أن المدرسة تمثل الركيزة الثانية بعد الأسرة في تعزيز حماية الطفل من مخاطر الفضاء السيبراني. وأشارت إلى تجارب ناجحة في بريطانيا وأستراليا، حيث يتم إبرام ما يشبه "وثيقة حماية" أو "اتفاقية" بين الأسرة والمدرسة، تتضمن التعريف بالمخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها الطفل عبر الإنترنت -مثل التحرش، والتنمر، وزرع سلوكيات أو توجهات غير مرغوبة، وحتى الاستدراج للتنظيمات الإرهابية- وذلك بعد توعية الوالدين بكافة جوانب المشكلة من خلال المرشد الاجتماعي. وبيّنت أن هذه الوثيقة يوقعها الوالدان والطفل -من الصف الثاني الابتدائي وحتى الصف الأول الثانوي- لإقراره بمعرفته بهذه المخاطر، وإدراكه لضرورة اللجوء إلى والديه أو معلمه في حال التعرض لأي مشكلة. وأوضحت أن هذه الاتفاقيات يتم تجديدها سنويًا، حتى إذا فوّت أحد الوالدين جلسات التوعية في عام معين يمكنه حضورها في العام التالي عند انعقاد مجلس المدرسة. وأكدت الدكتورة نادية أن مضار الفضاء السيبراني تستدعي الحذر، لكن لا يمكن منع الأطفال من التفاعل عبر الإنترنت نظرًا لارتباطه بواجباتهم الدراسية وتواصلهم الاجتماعي، مؤكدة على أن المعالجة تبدأ من بناء رقابة ذاتية واعية تؤهلهم لاستخدام هذه المنصات بسلامة ومسؤولية. الابتكار في التعليم وثمّنت الأستاذة خلود دعوة صحيفة الرياض للمشاركة في هذه الندوة، موجهة شكرها لجميع القائمين عليها، وأكدت أن هذه المرحلة ليست مجرد فترة عمرية، بل تمثل اللبنة الأساسية لبناء المجتمع بأكمله، وأن أي تأخير في تهيئتها وإعدادها سينعكس تأخيرًا على بناء المجتمع لسنوات. وأوضحت أن العالم يشهد تحوّلًا جذريًا وسريعًا في طرق تقديم التعليم، سواء عبر البرامج أو الأفكار أو التطبيقات، ما يتطلب مواكبة عقلية الطفل لهذا التسارع، وأشارت إلى أن ما كان يجذب الأطفال في التعليم التقليدي سابقًا لم يعد مؤثرًا اليوم، وهو ما يفسّر ارتفاع نسب الغياب عن المدارس وضعف تقبّل المعلومات، وانصرافهم عن الكتب. وشدّدت على أن هذا الواقع يفرض ضرورة ابتكار برامج وتطبيقات تعليمية وثقافية تشد الطفل وتنمّي شغفه، مع مراعاة عدة محاور، أبرزها: * أن يكون الابتكار شاملًا لمجالات المهارات الحياتية. * أن يحظى الطفل، خاصة في سن مبكرة، برقابة أبوية فاعلة. * أن تعزز هذه البرامج الهوية الوطنية، وتولي اللغة العربية الأولوية قبل دعم تعلم اللغات الأخرى. * أن تزوّد الطفل بمهارات حل المشكلات، والاعتماد على الذات، والتعرّف على العادات والتقاليد الجميلة التي تحفظ التراث المحلي. وأكدت أن الاستثمار في هذه الابتكارات هو استثمار في بناء مجتمع متماسك وقوي، قادر على التكيف مع التحولات العالمية دون أن يفقد هويته وقيمه. مركز وطني للمحتوى الرقمي وحول أبرز التهديدات التي تواجه الأطفال في البيئة الرقمية وأدوات رصد المحتوى الضار، أكد الأستاذ الدكتور عبدالرحمن أن الوضع خطير وجاد، مشيرًا إلى أن المحتوى الرقمي غير المقنن الذي يتعرض له الأطفال منذ سنوات يُعد من أبرز التحديات، فهو بمثابة "بحر متلاطم الأمواج" يوجه الأطفال في كل اتجاه، دون أن يكون للأهالي والمربّين أي دور في توجيههم أو تقويمهم. وأشار إلى أن بعض الدول العالمية اعتمدت منذ عقود اتفاقيات استخدام الإنترنت مع أولياء الأمور، وقيّدت وصول الأطفال للإنترنت ضمن المدارس، بما يمنحها صلاحية تقنين المحتوى والإشراف عليه، لكن مع سهولة الوصول إلى الإنترنت في المملكة أصبح الأطفال في عمر سنتين قادرين على التصفح بحرية، ما يضاعف المخاطر. وأضاف أن هناك حاجة ملحة لإنشاء مركز وطني لصناعة المحتوى الرقمي في المملكة، لا بهدف المنع، بل لتقديم محتوى بديل آمن وقيّم، يعكس فلسفة تربوية واضحة، ويغرس قيمًا إيجابية في الأطفال. وأوضح أن الهدف من هذا المركز هو: * إنتاج محتوى رقمي يعكس قيمًا ومبادئ مفيدة، بعيدًا عن المحتوى التجاري أو الترفيهي فقط. * استثمار التراث الحضاري الغني للمملكة في صياغة محتوى إبداعي وعالي الجودة. * استقطاب الكفاءات القادرة على التأثير في صناعة محتوى إيجابي ومؤثر على النشء. الشهرة والمال كقيمة عليا وبيّن الأستاذ الدكتور عبدالرحمن أن التأثير السلبي للمحتوى الرقمي يمتد إلى السلوك والقيم، موضحًا أن الأطفال غالبًا ما ينظرون إلى الشهرة والمال كقيمة عليا، ما يعكس تأثير الإعلام الرقمي على تطلعاتهم وسلوكياتهم، كما أشار إلى أن الفرصة متاحة للمملكة للاستفادة من البنية التحتية الرقمية الحالية لبناء محتوى محلي مؤثر، يواكب التحولات العالمية دون أن يتخلى عن الهوية الوطنية. مشيرًا إلى تجربة التعليم عن بعد خلال جائحة كورونا، مؤكدًا أن رغم الجهود في تطبيقات مثل "التميز"، إلا أن الكثير من الأطفال ظلوا منغمسين في الألعاب الرقمية والتطبيقات الترفيهية لساعات طويلة، وهو ما سينعكس لاحقًا على صحتهم وسلوكياتهم، مما يستدعي تحركًا عاجلًا لصناعة محتوى رقمي تربوي وإبداعي موجه للأطفال. مانجا العربية والمحتوى الأصيل وحول دور مانجا العربية في خدمة الطفل في البيئة الرقمية والثقافية، أكدت الأستاذة نوف أن مانجا العربية تمثل بديلًا آمنًا للجيل الجديد الذي يتجه نحو القراءة الترفيهية. وأوضحت أن شركة مانجا العربية جاءت بهدف تهيئة محتوى ملائم ثقافيًا وتربويًا، بعد أن كانت الأعمال اليابانية الأصلية تتضمن سلوكيات غير متوافقة مع قيم المجتمع. وأضافت أن مانجا العربية اعتمدت على المواهب السعودية الشابة بنسبة 100 ٪ في كثير من إداراتها ومشروعاتها، من ذوي التخصصات المختلفة في المجال الإبداعي (الإنتاج، والإخراج الفني)، والتحرير والتدقيق اللغوي والترجمة لتقديم شخصيات وأحداث مستوحاة من البيئة الجغرافية والثقافية للمملكة، مثل شخصية البطل الخارق «الولد الضب»، ومعالجته لموضوعات مهمة مثل التنمر، والاحتفاء بالتراث المحلي كالفُل الجيزاني والورد الطائفي كما ظهر في (دانة والبتلات). البدائل الآمنة وأشارت الحسين إلى أن المجلة تستهدف فئتين عمريتين: مجلة مانجا العربية للصغار من 10 إلى 15 سنة، ومجلة مانجا العربية للشباب لمن هم فوق 15 سنة، مع التركيز على توفير محتوى عربي أصيل، وتقديمه عبر تطبيقين رقميين لضمان بيئة آمنة، بالإضافة للنسخة الورقية لتعزز من قيمة القراءة التقليدية. وأوضحت الأستاذة نوف أن المجلة تعمل بالشراكة مع وزارة التعليم لتوزيع الإصدارات من مجلة مانجا العربية للصغار في المدارس، ومع وزارة الثقافة برعاية الموسم الماضي من مسابقة المهارات الثقافية والتي تضمنت مسارًا خاصًا بالقصص المصورة "المانجا"، بالإضافة للعمل على اكتشاف واستقطاب المواهب المحلية عبر مسابقات متخصصة مثل مسابقة مانجا العربية، الأمر الذي أسهم في رفع معدلات القراءة باللغة العربية للجيل الشاب. كما ذكرت مبادرات إضافية، منها تحويل الروايات السعودية إلى مانجا لتعزيز الاطلاع على الأدب المحلي، وإطلاق شراكات مجتمعية لتوجيه الرسائل التربوية بطريقة جذابة، مثل التوعية بالتبرع بالأعضاء وحفظ النعمة. وأكدت الأستاذة نوف في حديثها على ضرورة تقديم بدائل آمنة للطفل، تحافظ على القيم والمبادئ، مشجعة الأهالي على قراءة المانجا مع أبنائهم لتعزيز الرقابة المشتركة، وتطرقت لآخر المشروعات التي أطلقتها مانجا العربية نشر وترجمة العمل الشهير "جريندايزريو" رسميًا للغة العربية بما يتوافق مع قيمنا وثقافتنا، لتكون منصة ترفيهية وثقافية متكاملة للأجيال الصاعدة. مداخلات وجه الأستاذ خالد الربيش سؤالين: الأول للدكتور حسين، "ذكرت أن هناك علاقة بين استخدام الأجهزة والتطبيقات والنمو السلوكي والمعرفي للطفل، هل توجد دراسات معتمدة عن البيئة السعودية تناولت الطفل السعودي؟" فيما وجه السؤال الثاني للأستاذة نوف، كل ما ذكرته عن المنطلق والقيم وصناعة أبطال من البيئة السعودية جيد، لكن الأساس الذي انطلقت منه هو المانجا ذو الثقافة اليابانية، فلماذا لم يكن أساس المشروع سعوديًا بالكامل، خاصة وأن الشخصيات والقصص مستلهمة من الثقافة السعودية؟ النمو المبكر والأجهزة أجاب د. حسين: في الحقيقة، الدراسات العلمية كثيرة جدًا، وأصبحت تقريبًا حقائق مثبتة، ومن أهم توصيات تلك الدراسات، على سبيل المثال، أن الطفل من ولادته وحتى عمر سنتين لا يستخدم الأجهزة إطلاقًا، حتى لدقيقة واحدة، فالتقنية لم تُصمّم للأطفال الصغار. السبب أن الأطفال في هذه المرحلة يتعلمون التواصل والتفاعل مع محيطهم من خلال وسائل طبيعية، واستخدام الأجهزة يعزلهم عن هذا التفاعل، وقد يؤدي إلى أعراض تشبه طيف التوحد. وقال: من خلال تجربتي في المملكة بعد العودة من كندا، لاحظت مراجعات يومية لأطفال يعانون من تأخر في الكلام أو اشتباه التوحد نتيجة استخدام الآيباد أو الجوال أو التلفزيون منذ سن مبكرة. الطفل يحتاج إلى اللعب كوسيلة لتعلم المهارات، لكن بعض الأطفال يذهبون للمدرسة أو الروضة دون أن يلعبوا مع زملائهم بسبب البيئة الرقمية التي عزلتهم عن التفاعل الاجتماعي. مؤكدًا أن هذا النقص في التفاعل يؤثر على تكوين الصداقات والذكاء الاجتماعي والعاطفي، وقد يؤدي إلى استغلال الأطفال لبراءتهم. على سبيل المثال، هناك طالب عمره 12 سنة كان مهددًا بالفصل بسبب سلوكيات بسيطة نتجت عن استغلال زملائه لبراءته. ومثال آخر، طفل عمره 9 سنوات تعرض لموقف خطير عبر لعبة إلكترونية أونلاين، حيث استغل مجهولون براءته وخدعوه للتواصل معهم، وانتهى الأمر باختطافه والتعدي عليه وإعادته، هذه الأمثلة تؤكد أن غياب الخبرة الحياتية والتفاعل الواقعي يعرض الطفل لمخاطر جسيمة. القالب العالمي بروح محلية فيما أجابت أ. نوف، لا يمكن أن نكون منعزلين عن العالم، فكرة القدم مثلًا عالمية، وهناك نجوم سعوديون يشاركون فيها، والمانجا كذلك رغم أنها فن ياباني، إلا أنها عالمية مثل "الكومكس" الأميركي، الفكرة أننا نستخدم قوالب عالمية لتقديم محتوى عربي أصيل. مشيرة إلى أن المحتوى السعودي يُعرض حاليًا في المدارس اليابانية ويحظى بإعجاب واهتمام واسع، حتى في أسماء الشخصيات مثل "عمشة" "وذيبان"، نحن نستفيد من فن المانجا كقالب لتقديم الثقافة السعودية بطريقة غير مباشرة، من خلال الملابس وطبيعة الحياة والشخصيات واللهجات المحلية، كما أن ترجمة الأعمال اليابانية إلى العربية من خلالنا يُتيح لنا حفظ لغتنا وتقديم الثقافة الأخرى وفق قيمنا ومبادئنا، مع التأكد من ملاءمة المحتوى للطفل. مفهوم الطفولة وتداخل الاستاذ عبدالله الحسني، أشكركم على هذه الندوة المهمة وثرائها في المحاور، فكل محور من محاورها يستحق أن يكون ندوة مستقلة بحد ذاته، عنوان الندوة "ثقافة الطفل في العصر الرقمي" عنوان بالغ الأهمية، خاصة في ظل ما نسميه عصر "السيولة الرقمية"، مع التطورات الحاسوبية المتسارعة وتزايد تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وأضاف، كل مشارك في هذه الندوة سلط الضوء على قضية راهنة تخص الطفولة، لكننا بحاجة لاستيعاب مفهوم الطفولة بشكل أعمق. كثيرًا ما نتعامل مع الأطفال على أنهم كائنات ساذجة وغير واعية، فنجد الإجابات السطحية من الوالدين على أسئلة أبنائهم أو ترحيل الإجابة. في المقابل، أكد علماء النفس والتطور البشري أن الأطفال ليسوا مجرد كائنات بيولوجية عادية، بل يمتازون ب"اللدونة الدماغية" وهي قدرة الدماغ على تكوين اشتباكات عصبية جديدة، ما يولد قدرات إبداعية غير مسبوقة، ولذا يمتلك الطفل خيالًا واسعًا، وما قيل عن الشاعر الجيد أنه يمتلك خيال الطفل وبراءته لم يأت من فراغ. لذلك، مفهوم الطفولة بحاجة لإعادة صياغة وفهم حقيقي، والتعامل معها بما يليق بذكائها وقدراتها. مشيرًا إلى أن الدكتورة نادية أشارت إلى أهمية بناء الثقافة والتواصل بين الأطفال والوالدين، وهو ما ذكرته حين تناولت مسألة ترحيل الإجابة عن أسئلة الأطفال أو ضعف التواصل الأسري. كذلك أشار الدكتور عبداللطيف الحمادي إلى دور الأسرة في الرقابة والمتابعة والتعليم، فيما تحدث الدكتور عبدالرحمن المطرف عن الفضاء السيبراني ومشكلاته المتعلقة بالمحتوى الفوضوي وغياب الرقابة، سواء من المدارس أو الجهات الأخرى. كل هذه النقاط تتضافر لتؤكد حاجتنا لفهم الطفولة بموضوعية واحترام قدرات الطفل وذكائه. وعن تجربة المانجا قال، فهي مثال مهم على ضرورة التعامل مع الأطفال بعيدًا عن الأساليب التقليدية والخطاب الوعظي السابق. فقد واجهنا تحديات تربية الأطفال قبل ظهور الذكاء الاصطناعي، وهذه التحديات ازدادت اليوم مع تعاظم المخاطر الرقمية، ولا بد أن يكون خطابنا موجهًا عالميًا. لذلك، هناك توجه عالمي للتعامل مع الأطفال عبر أخلاقيات عامة، بحيث يحتوي المحتوى على قيم إنسانية نبيلة كالحق والعدل والتسامح، وهي قيم لا تتعلق ببيئة جغرافية معينة، بل بالمواطنة العالمية. واختتم الحسني مداخلته مشيدًا بما قدّم ضيوف "ندوة الرياض" من نقاط ثرية، وقال، أتمنى أن تتوج هذه الجهود بورش عمل عملية تهدف لإعادة صياغة ثقافة الطفل وسلوكياته بما يتناسب مع التحديات الرقمية الحديثة دور المؤسسات الرياضية وفي سؤال وجهه سليمان العساف إلى د. عبدالرحمن حول مدى تأثير المؤسسات الرياضية وبعض البرامج والمراكز المهتمة بالطفل على نواحيه السلوكية والاجتماعية والصحية، أكد الأستاذ الدكتور عبدالرحمن، أن لكل عنصر في المجتمع دورا قياديا ورياديا ينبغي أن يسهم في تحصين القيم وترسيخ المفاهيم التي يقوم عليها توجه المجتمع، وأوضح أن الأمة تبني مستقبلها من خلال مبادراتها وتوجهاتها، مستشهدًا بتجارب دولية مثل الصين التي غلقت حدودها وبنت قوة اقتصادية ورقمية واجتماعية داخلية، وفرنسا التي رفضت وصول القيم الأميركية عبر الوسائط الرقمية، وألمانيا التي اتخذت مواقف لحماية مجتمعها من القيم الدخيلة، مؤكدًا أن هذه التجارب تشير إلى أهمية أن يكون لدى الأندية الرياضية والمدارس وكل من له صلة بالطفل رؤية واضحة وأهداف محددة لتقديم نموذج مثالي للطفل المتوازن سلوكيًا ومعرفيًا وتوعويًا. اختراق العقول وأوضح الأستاذ الدكتور عبدالرحمن أن الاختراق اليوم نوعان: الأول متعلق بالأجهزة وهو أمر معتاد تقوم به الدول أو المنظمات بهدف الإطاحة بالأنظمة أو سرقة البيانات، أما النوع الثاني فهو أخطر وهو اختراق العقول والفكر، حيث يحدث "نار تحت الرماد"، والفوارق بين شرائح المجتمع تتسع باستمرار، وأشار إلى أن الأطفال اليوم يمتلكون ذكاءً عاليًا وقدرة على إدارة الحوار وممارسة المهن الرقمية بحرفية، لكن بعضهم قد يقع ضحية للممارسات غير الأخلاقية. لذلك، شدد على ضرورة أن يكون للمنشآت الرياضية والوسط الرياضي دور فاعل في إعادة تثقيف وتوعية هذا الكنز البشري، مع التركيز على تطوير مهارات الأطفال وحمايتهم بما يتناسب مع التحولات الرقمية والاجتماعية الحديثة. الجرائم الرقمية وفي مداخلة للدكتور مناحي، رحب بضيوف الندوة من النخبة، مشيرًا إلى أهمية موضوع تنمية ثقافة الطفل في العصر الرقمي، وأكد على ما ذكره الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بشأن إنشاء مركز لحماية الطفل في البيئة الرقمية. وأوضح الدكتور مناحي أن جهودًا كبيرة بُذلت في السنوات الأخيرة من خلال قوانين تهتم بالطفل وحمايته، وتتابعها الجهات الأمنية في وزارة الداخلية والنيابة العامة، مضيفًا أن عمليات القبض على من يحاولون التأثير سلبًا على الأطفال تتابع يوميًا، كما أشاد بالدور الإعلامي لجريدة "الرياض" في تسليط الضوء على حقوق الطفل وحمايته من التحرش والثقافة الرقمية، معتبرًا أن هذه الندوة تمثل إضافة مهمة لهذا الجهد، وأشار إلى أن الهدف يجب أن يشمل التركيز على الأطفال الذين هم فعليًا ضحايا، حيث يحتاجون إلى خدمات أفضل، وليس فقط على الفئات المتميزة أو المستهدفة بالإبداع الثقافي. الحماية من استغلال الأسر من جانبها أكدت دكتورة نادية على وجود قضية لم يتم التطرق لها بشكل كافٍ، وهي حماية الطفل من أسرته، مؤكدة ما أشار إليه الدكتور مناحي بشأن نظام حماية الطفل من مخاطر الإنترنت، وأضافت أن هناك أسرًا تجعل من أطفالها محتوى على الإنترنت، حيث تُوثّق تفاصيل حياتهم اليومية من نوم ودخول وخروج وتفاعل مع الآخرين وهم قصّر يتوجب حمايتهم من آثار هذا السلوك غير المقبول التي تنعكس عليهم في المجتمع والمدرسة. ولفتت إلى أن هذا الوضع يبرز الحاجة إلى ما ذكره الدكتور عبدالرحمن بخصوص إنشاء مركز يكون من ضمن مهامه حماية الأطفال من هذه المخاطر. وأوضحت أن الدولة -ولله الحمد- تدير كل قطاع عبر منظومة متكاملة، وما نحتاجه اليوم هو منظومة شاملة لرعاية الطفل من الولادة وحتى سن 18 عامًا، تشمل حوكمة ظهور الأطفال على الإنترنت وتنظيم ما يمكن للأسر أن تعرضه لهم خلال هذه المرحلة. تقنين الاستخدام وأشارت الدكتور نادية إلى تجارب دولية مثل دولة الصين، التي قننت الوقت المسموح للأطفال على الإنترنت، بحيث لا يتجاوز ساعتين في المنزل، معتبرة أن هذا النموذج يمكن أن يكون أحد المكونات ضمن منظومة رعاية الطفل في المملكة، وأكدت أن الوصول إلى التصور الذي تحدث عنه الدكتور عبدالرحمن يتطلب تعاون جهات عدة، مثل مجلس شؤون الأسرة ووزارة التعليم ووزارة الثقافة ووزارة الصحة وسدايا، بحيث يحدد كل ممثل النقاط الخاصة برعاية الطفل ضمن منظومة متكاملة وفعّالة. القدوة الأسرية وحول أهمية توجيه الأسرة للتعامل مع الطفل في البيئة الرقمية، ومدى وجود برامج تكاملية بين الجهات المعنية لضمان أدوار متفاعلة ومتناغمة، تحدث الأستاذ عبداللطيف موضحًا أن الأسرة هي اللبنة الأساسية لتربية الطفل، مشددًا على أهمية فتح الحوار مع الطفل والتعرف على محيطه وما يواجهه من تحديات، مثل الانعزال أو مؤشرات بداية التوحد، مؤكّدًا على غرس المسؤولية والقدوة الحسنة لدى الوالدين، لأن الأطفال أذكياء ويراقبون تصرفاتهم بدقة، وأوضح أن الدراسات التربوية تشير إلى أن تأثير القدوة يصل إلى 75 %، فإذا كان المربي مثقفًا وقادرًا على الحوار والتربية، يكون التأثير أكبر، وهنا يتكامل دور المدرسة مع الأسرة. وبيّن أن للمدرسة والمعلم دورًا محوريًا في هذا الجانب، إذ لم يعد دور المعلم مقتصرًا على نقل المعرفة، بل أصبح مرشدًا يوجّه الأطفال لكيفية التنقل في فضاء المعرفة الرقمية، ويرشدهم إلى مهارات التفكير النقدي والوعي الرقمي، وتعليمهم التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة، وتحليل المحتوى وفهم أهداف من يقف وراءه. وأضاف أن المعلم ينبغي أن يكون قدوة في الاستخدام النافع للتقنية، وأن يشارك طلابه الحوار حول ما يواجهونه من تحديات في العالم الرقمي. مؤكدًا على ضرورة تعاون الجهات المختصة، مثل اللجنة الوطنية للطفل في وزارة التعليم، ومجلس شؤون الأسرة، ووزارة الثقافة، ووزارة الشؤون الاجتماعية، لمتابعة المحتوى الرقمي المنشور للأطفال. وأوضح أن بعض الدول قامت بمراقبة المحتوى الرقمي وإيقاف ألعاب أو تطبيقات ضارة، كما قنّنت وقت الإنترنت في المنزل، بما ينعكس إيجابيًا على انضباطية الطفل في حياته اليومية ومدرسته، مؤكدًا أن الإنترنت المفتوح بلا ضوابط يمثل مشكلة تربوية أساسية للأسرة. الترفيه الموجه وحول كيفية الموازنة بين الترفيه والثقافة في برامج الأطفال. أوضحت الأستاذة خلود أن المملكة قبل رؤية 2030 كانت تستفيد من تجارب الدول المتقدمة، أما اليوم فهي نفسها دولة رائدة، متمسكة بالتقدم التقني مع الحفاظ على القيم الحضارية والأخلاقية التي تُعنى بها المدارس. ولفتت إلى أن البرامج الصيفية المخصصة للطفل شهدت توجيه الجمعيات والمراكز نحو أنشطة تثقيفية، إلا أن معظمها يعتمد على محتوى قديم لا يجذب الطفل الحديث، مشيرة إلى أن البرامج المستقبلية يجب أن تكون مهارية وتدعم تعليم الأطفال مهارات حياتية مثل الإسعافات الأولية والتعاون مع كبار السن. وأكدت أ. خلود أن الطفل يحب الترفيه، وأن الجمع بين الترفيه والتعليم ليس صعبًا لمن يفهم نفسية الطفل، مستشهدة بتجربتها في تصميم مسرحيات تعليمية للفتيات لتطوير مهارات الكتابة والإيقاع وحل المشكلات والتواصل مع الوالدين، كل ذلك خلال نشاط يوم المسرح. وأضافت أن التقنية يمكن استثمارها لتعزيز خيال الطفل وتطوير المحتوى الرقمي، مثل تطبيقات الفضاء التي توسع مدارك الطفل وتتيح له الإبداع، أو محاكاة الحوار مع شخصيات تاريخية، ما يحوّل التعلم الرقمي إلى تجربة تفاعلية وثرية، تساعد على بناء طفل واعٍ ومؤهل لمستقبله. فجوة المحتوى العربي وأشار الأستاذ الدكتور عبدالرحمن إلى أهمية التطرق إلى أرقام وإحصاءات مهمة بشأن المحتوى الرقمي العربي، مستندًا إلى دراسته "واقع المحتوى الرقمي العربي.. مؤسسات وإحصاءات". وأوضح أنه رغم الإنجازات الكبيرة التي حققتها المملكة في التحول الرقمي، فإن المحتوى الرقمي لا يزال الحلقة الأضعف، ويظهر ذلك جليًا عند مقارنة حجم الإنتاج المحلي مع حجم الاستهلاك. وبيّن أن الإحصائيات الدولية تكشف عن فجوة كبيرة في المحتوى الرقمي العربي مقارنة باللغات الأخرى، حيث لا تتجاوز نسبة المحتوى العربي (1.1 %)، وتحتل اللغة العربية المرتبة العاشرة بين اللغات الأكثر استخدامًا على الإنترنت، في حين أن لغات مثل الفارسية والتركية والكورية تحظى بخدمات أكبر رغم قلة عدد متحدثيها. وأشار إلى أن نحو 70 % من المحتوى الرقمي المستهلك في العالم العربي مصدره أجنبي، مع ضعف شديد في المحتوى العربي المتخصص (العلمي والطبي والتقني) إذ لا تتجاوز نسبته (0.02 %). وأوضح المطرف الآثار السلبية لهذا الواقع، ومنها: * تشويش الهوية الثقافية والدينية نتيجة استهلاك محتوى غير عربي وغير محلي، ما يسبب تضارب القيم لدى الأجيال الشابة. * الاختراق الفكري وتسرب الأفكار المنحرفة والمفاهيم المضادة للأمن الوطني والمجتمعي. * الإدمان الرقمي على الألعاب والتطبيقات الأجنبية، والتسبب في اضطرابات نفسية واجتماعية وعزلة. * التبعية المعرفية التي تجعل الجيل الحالي عرضة للتأثير من جهات خارجية، وتقلل من بناء محتوى محلي يعكس الخصوصية السعودية. * الأثر الاقتصادي السلبي، إذ إن الاعتماد على محتوى خارجي يؤدي إلى دفع مبالغ ضخمة تصل إلى مليارات الريالات. واختتم بالإشارة إلى دراسة أخرى تفيد بأن (65 %) من الشباب العربي يعتمدون على المحتوى الأجنبي في تشكيل تصوراتهم الفكرية والثقافية، موضحًا أن الخيال الذي نناقشه اليوم يبنيه ويصنعه صانعو هذه التطبيقات والألعاب التي بين أيديهم. الأسرة خط الدفاع الأول فيما أكد د. حسين على الدور الكبير الذي تضطلع به وسائل الإعلام في تنمية الوعي. وأوضح أن جزءًا مهمًا من تكوين ثقافة الطفل يعتمد على الأسرة، كونها الأساس الذي تنطلق منه عملية تعلم القيم والأخلاق، والدين والعلاقات الأسرية والهوية، وأشار إلى أن انشغال الأطفال بالأجهزة الإلكترونية يجعلهم يتلقون ثقافتهم غالبًا منها أكثر من أسرهم، لذا فإن الرقابة الأسرية والوقت الذي يقضيه الوالدان مع الأبناء يعدان أمرين حاسمين لتوعيتهم بالجانب الإيجابي والسلبي للإنترنت، ولغرس ثقافة ذاتية تمكن الطفل من التمييز بين ما ينفعه وما يضرّه. وأضاف أن المدارس تلعب دورًا مكمّلًا في توعية الطفل بكيفية حماية نفسه من مخاطر الإنترنت، واستغلاله، والتصرف الصحيح عند تعرضه لأي استغلال. كما شدد على ضرورة الانتباه للمخاطر التقنية داخل البيئة المدرسية، مثل التنمر واستخدام التطبيقات التقنية لأغراض خاطئة بين الطلاب. واختتم بالقول: الحمد لله على الوعي الكبير والاهتمام بالرقابة التقنية على مستوى الدولة ومؤسساتها، إلا أن هذا لا يغني عن الدور الأساسي للوالدين، فهما المسؤولان المباشران عن تربية الطفل وتوجيهه. الإعلام كحليف استراتيجي فيما أشار أ. عبداللطيف إلى تجربته في منتدى الإعلام "صديق الطفولة" الذي عقد منذ سبع سنوات واستفاد منه كثيرًا، وأوضح أن الإعلام شريك استراتيجي في رفع مستوى الوعي المجتمعي، من خلال اكتساب الإعلاميين خلفية معرفية عن حقوق الطفل وتثقيف المجتمع بها، وأشار إلى أن المقالات المتخصصة التي يقدمها الدكتور مناحي الشيباني تحفز الجهات المعنية على تضافر الجهود، مؤكّدًا أن الإعلام يسهم في توعية النشء بالسلبيات والمشكلات، ونشر أخلاقيات الذكاء الاصطناعي لضمان حماية الأبناء والبنات. المهارات الحياتية وعلقت د. نادية على ما ذكره الدكتور عبدالرحمن بخصوص المحتوى الرقمي، مركزة على النقطة التي أشار إليها الدكتور حسين حول تخلي الأسرة عن دورها، وأشارت إلى ما لاحظته هذا العام من أنشطة الأندية الصيفية، حيث انقسمت الدعوات إلى تعليم المرجلة للأولاد وتعليم المهارات الأسرية للبنات، معتبرة أن ذلك يعكس تراجع دور الوالدين في تعليم الأبناء القيم والمهارات الحياتية الأساسية في مجتمعنا، وأكدت أن استعادة الأسرة لدورها الطبيعي في منظومة المجتمع، يخفف من هذه الظاهرة، مع ضرورة استيعاب دورها في العصر الرقمي. وختمت بالدعوة لتقييم العلاقة بين الأسرة والعالم الرقمي لضمان نشوء جيل قادر على أن يكون أبا صالحًا في المستقبل، ووجهت طلبًا للدكتورة نوف من مجلة مانجا لتوفير قصص أساطير شعبية للراحل عبدالكريم الجهيمان ضمن المحتوى المقدم للأطفال عبر مانجا. الألعاب الآمنة وقدّمت أ. نوف شكرها لإتاحة الفرصة، ونقلت تحيات المدير العام ورئيس تحرير مانجا العربية الدكتور عصام بخاري، وأوضحت أن مجلة مانجا العربية ما زالت في عمر خمسة أعوام، إلا أن الطموحات كبيرة جدًا، مؤكدةً استفادتها من مداخلات الندوة في التخطيط المستقبلي للأعمال القادمة، وأشارت إلى أن التحديات التي تواجه المجتمع في مجال التقنية ليست سهلة، مؤكدةً ضرورة تقديم بدائل آمنة وموثوقة، مع رفع مستوى وعي المربين بشكل عام. النتائج على أرض الواقع وشددت أ. خلود على أن أي لقاء أو نشاط لا يستحق التصفيق إلا إذا أتى بثماره على أرض الواقع. وأوضحت أن الحضور اليوم، والبالغ عددهم قرابة 12 شخصًا، يمثلون مجالات متعددة كالإعلام والصحة والثقافة والرياضة، وكل واحد منهم يمكن أن يسهم في إحداث تغيير في جهته سواء بالقلم أو الصوت أو الرأي، وأكدت أن التصفيق الحقيقي لهذا الاجتماع سيكون بعد تحقيق مخرجات حقيقية تُحدث فرقًا في المجتمع. التوصيات خلصت الندوة إلى عدد من التوصيات التي تهدف إلى تعزيز حماية الطفل وتطوير المحتوى الرقمي الوطني، من أبرزها: قدّم الدكتور عبدالرحمن المطرف مقترحًا بإنشاء "المركز الوطني للمحتوى الرقمي العربي"، باعتباره ضرورة وطنية تعكس التزام المملكة بحماية هويتها الرقمية، وتعزيز أمنها الثقافي، وتحقيق السيادة المعرفية، ويُتوقع أن يكون هذا المركز الذراع الوطني لصناعة المحتوى الرقمي العربي عبر: -1 رفع نسبة المحتوى العربي على الإنترنت إلى 5 % خلال خمسة أعوام. -2 حماية الهوية والقيم وتعزيز الأمن السيبراني الثقافي. -3 دعم الاقتصاد الرقمي وتوفير فرص عمل نوعية. -4 تمكين الشباب وتأهيلهم لوظائف المستقبل. -5 بناء شراكات وطنية ودولية تعزز تنافسية المحتوى العربي عالميًا. * التوصية بإقرار اتفاقيات مشتركة بين الأسرة والمدرسة لتعزيز حماية الأطفال من التهديدات الرقمية، استنادًا إلى تجارب عالمية ناجحة. * تنفيذ ورش عمل عملية تُعنى بإعادة صياغة ثقافة الطفل وسلوكياته بما يتناسب مع التحديات الرقمية الحديثة. ضيوف الندوة حضور الندوة خالد الربيش عبدالله الحسني سليمان العساف مناحي الشيباني ناصر العماش حازم بن حسين سارة القحطاني