أصدرت منظمة العفو الدولية و«هيومن رايتس ووتش» سلسلة اتهامات خطيرة ضد قوات الدعم السريع في السودان، مؤكدة أنها ارتكبت جرائم حرب خلال هجوم واسع على مخيم زمزم بولاية شمال دارفور في أبريل الماضي. ويأتي ذلك في سياق حرب مدمرة دخلت عامها الثالث، خلّفت عشرات الآلاف من القتلى، وأكبر أزمة نزوح في العالم، وموجات مجاعة تدفع بالملايين نحو الخطر. هجوم منسق وذكرت «هيومن رايتس ووتش» أن قوات الدعم السريع اقتحمت مخيم زمزم في إطار حصار شامل لمدينة الفاشر، قبل أن تستولي عليها بالكامل في أكتوبر. وشمل الهجوم، وفق تقارير المنظمة، عمليات قتل للمدنيين، واحتجاز رهائن، واغتصابات، واعتداءات جنسية، إضافة إلى تدمير مساجد ومدارس وعيادات صحية. وأكدت أن الانتهاكات التي استمرت لعدة أيام ترقى إلى جرائم حرب انتهاكات منهجية. ويأتي تقرير العفو الدولية ضمن سلسلة تقارير حقوقية دولية تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب فظائع واسعة خلال الحرب المستمرة منذ أبريل 2023. وتشمل الاتهامات عمليات قتل جماعي، وهجمات ضد بلدات وقرى في دارفور. كما وُجهت اتهامات مماثلة للجيش السوداني في مناطق أخرى من البلاد. وتشير التقديرات إلى مقتل نحو 40 ألف شخص على الأقل منذ اندلاع الحرب، في حين تتحدث منظمات حقوقية عن أعداد أعلى من ذلك بكثير. وبحسب الأممالمتحدة، دفع النزاع أكثر من 14 مليون شخص للنزوح، ما يجعل الأزمة الإنسانية في السودان الأسوأ عالميًا، مع بلوغ العديد من المناطق مرحلة المجاعة الفعلية، بما فيها مخيم زمزم الذي تعرض للهجوم. روايات ناجين وأفاد ناجون وعاملون في الإغاثة لوكالة AP بأن قوات الدعم السريع أطلقت النار عشوائيًا على رجال ونساء في شوارع المخيم، واعتدت على آخرين بالضرب والتعذيب، كما أُحرقت منازل وأسواق ومبانٍ واسعة، ما أدى إلى إخلاء المخيم الذي كان يضم ما يقارب 500 ألف نازح قبل الهجوم. وسجلت منظمة العفو الدولية مقتل 47 مدنيًا كانوا يختبئون في منازل وعيادة ومسجد خلال أيام الهجوم. كما وثقت مقتل العديد نتيجة القصف على مناطق مكتظة في 11 و12 أبريل، بما في ذلك قذيفة سقطت قرب مسجد أثناء حفل زفاف. ويروي أحد الناجين أن قوات الدعم السريع اقتحمت مجمعًا سكنيًا وقتلت شقيقه الثمانيني وابن أخيه، قائلًا: «لا أحد يهتم بوضعنا». كما ذكرت متطوعة في منظمات غير حكومية أن القوات تسللت بسيارة إلى حيّها قرب السوق الرئيسي للمخيم، وأطلقت النار بشكل عشوائي على كل من كان في الشارع. دعوات دولية ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجرائم في الفاشر بأنها «مروعة»، داعيًا إلى محاسبة كاملة للمتورطين. كما تتهم الحكومة الأمريكية قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية في دارفور. وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنها تحقق في جرائم حرب محتملة مرتبطة بالحرب الحالية، خصوصًا في الإقليم. ورغم طلبات التعليق المتكررة، لم تستجب قوات الدعم السريع لمنظمة العفو الدولية. كما زعمت عقب الهجوم أن المخيم كان يُستخدم كقاعدة للجيش السوداني، وأن قواتها لم تستهدف المدنيين، وهي رواية تنفيها شهادات الناجين وتقارير المنظمات الحقوقية.