تركز قمة حلف شمال الأطلسي "ناتو"، المقررة في لاهاي بهولندا، غد الثلاثاء، على هدف جديد مقترح لزيادة الإنفاق على الأمن، إلى 5% من إجمالي الناتج المحلي، بحلول عام 2032، وهو ما يعكس التهديد الذي تشكله روسيا، وأيضا مطالب أميركا من الحلفاء الأوروبيين. وسوف يقترح الأمين العام للحلف مارك روته هذا الهدف رسميا، والذي يشمل 5ر3 % من إجمالي الناتج المحلي للإنفاق الدفاعي الأساسي، و5ر1 % للاستثمارات المتعلقة بالدفاع والأمن في مجالات مثل البنية التحتية والصناعة. ويبلغ هدف الإنفاق الدفاعي الحالي للحلفاء داخل الناتو (32 دولة عضو)، 2 % من إجمالي الناتج المحلي لكل دولة. وفي الوقت الذي تعزز فيه العديد من الدول الأوروبية ميزانياتها العسكرية بالفعل، ليست جميعا توافق على مثل هذه الزيادة الكبيرة - رغم الارتفاع الحاد في الصراعات المسلحة على مستوى العالم. وشهد العام الماضي أعلى عدد من الصراعات المسلحة التي شملت حكومات أو قوات رسمية منذ أكثر من سبعة عقود، بحسب تقرير صادر عن "معهد أبحاث السلام في أوسلو". وتأتي قمة الناتو وسط تصاعد النشاط العسكري بين إيران وإسرائيل، ناهيك عن مطالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن تنفق الدول الأوروبية المزيد من الأموال على الدفاع. وأشار وزير المالية الألماني لارس كلينجبايل إلى الاستعداد لرفع الإنفاق الدفاعي لبلاده إلى 5ر3 %، خلال السنوات المقبلة. وأوضح كلينجبايل إن برلين ستنفق مبدئيا 2 % من إجمالي الناتج المحلي على الدفاع هذا العام، مضيفا أن الرقم سوف يرتفع. ومع ذلك، حذر الوزير، الاشتراكي الديمقراطي، من تركيز النقاش على الإنفاق فحسب. الهدف الجديد الزيادة إلى 5 % بحلول 2032 وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشهر الماضي عن شعوره بالإحباط إزاء مناقشات الناتو بشأن الإنفاق الدفاعي، وأكد في الوقت نفسه أن باريس لديها هدف 5ر3 % للإنفاق على الدفاع "للسنوات المقبلة". وأضاف: "اقول بوضوح شديد: هدف ال5ر3 % من إجمالي الناتج المحلي هدف جيد للسنوات المقبلة، لكنه لن يتحقق في ستة أشهر، ويجب أن يتم ذلك بشكل جوهري ومتسق." وتخصص فرنسا حاليا حوالي 2 % من إجمالي الناتج المحلي على الإنفاق العسكري. وأعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن التزامه بإنفاق 5ر2 % من إجمالي الناتج المحلي على الدفاع بداية من أبريل عام 2027، مع هدف زيادة ذلك إلى 3 % مع البرلمان المقبل - وهو جدول زمني قد يمتد إلى عام 2034، وفقا لما ذكرته وكالة برس أسوسيشن. وقال المتحدث باسم ستارمر أوائل يونيو إن بريطانيا، المسلحة نووياً، تأتي في المركز الثالث في الإنفاق على الدفاع بين أعضاء الناتو بعد أميركا وألمانيا، كما أنها واحدة من 22 دولة في الحلف تتجاوز هدف 2 %. واجتمع الأسبوع الماضي وزراء خارجية إيطالياوفرنسا وألمانيا وبريطانيا وبولندا وإسبانيا وأوكرانيا، والاتحاد الأوروبي مع الأمين العام للحلف في محادثات استضافها وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني. وتنفق إيطاليا حالياً 5ر1 % من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وقال تاجاني: "نؤيد إنفاق المزيد على الأمن، ولكن السؤال بالنسبة لنا هو التوقيت.. قلنا إن هناك حاجة إلى 10 سنوات على الأقل لتحقيق الأهداف الجديدة." وأخطر رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز الأمين العام للناتو بمعارضة مدريد للهدف الجديد، وذلك في رسالة يوم الخميس الماضي، ووصف الزيادة المقترحة بأنها "ليست فقط غير معقولة، بل ستؤدي إلى نتائج عكسية" لبلاده، وأعرب عن قلقه من أنها لا تتوافق مع الحفاظ على دولة رفاهية قوية. وتُعد إسبانيا واحدة من دول الناتو الأقل استثمارا على الدفاع، رغم التزام حكومة سانشيز بزيادة الإنفاق العسكري إلى 2 % من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. ويواجه سانشيز عملية موازنة بين الاصطفاف مع الحلفاء في الناتو، وإقناع شريكه الأصغر في الائتلاف اليساري المتطرف، تحالف سومار الانتخابي، الذي يرفض زيادة الإنفاق العسكري. ولطالما كانت البرتغال أقل استثمارا في مجال الدفاع مقارنة بأعضاء الناتو الآخرين. وتمتلك البلاد قاعدة صناعية تعد متأخرة للغاية، ومعدات عسكرية قديمة، وشهدت هجرة جماعية للأفراد العسكريين. واقترح رئيس الوزراء لويس مونتينيجرو مؤخرا تحقيق هدف الإنفاق الدفاعي بنسبة 2 % من 2025 وحتى 2023 وسط ضغوط دولية. ويقر المسؤولون في البرتغال بأن الوصول إلى هدف 5 % لا يزال طموحاً طويل الأجل. ويوافق البرلمان الهولندي إلى حد كبير على هدف الإنفاق الدفاعي الجديد، ولكن هناك خلافات تتعلق بكيفية تمويله. وتشهد هولندا انتخابات برلمانية في أكتوبر المقبل بعد انهيار الحكومة الائتلافية الحالية. وسوف تترك حكومة تصريف الأعمال الأمر للحكومة الجديدة لتقرر كيفية تمويل الإنفاق الدفاعي الجديد. أما في السويد، فإن الأحزاب الثمانية الممثلة في البرلمان متحدة على دعم الإنفاق الدفاعي. وسيتم إنفاق حوالي 300 مليار كرونة سويدية (6ر31 مليار دولار) على تحقيق الهدف الجديد للناتو. وسيتم تمويل إعادة التسلح من خلال القروض. وعززت السويد بالفعل الدفاع بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، حيث زادت الإنفاق بأكثر من الضعف منذ منتصف عام 2010. وحققت الدنمارك، التي كانت يوما ما واحدة من أقل الدول في الإنفاق العسكري داخل الناتو، تحولا سريعاً. وأشارت رئيسة الوزراء ميت فريدريكسن إلى أن الإنفاق الدفاعي كان 3ر1 % من الناتج المحلي الإجمالي عندما تولت منصبها في عام 2019. واليوم، تسير الدنمارك على الطريق الصحيح لتتجاوز 3% هذا العام، وقد التزمت بتحقيق هدف 5 %. وتعد جمهورية التشيك من الدول الداعمة لزيادة الإنفاق الدفاعي المقترح، حيث ترى براغ أن روسيا هي التهديد المباشر الأكثر خطورة على المنطقة الأوروبية الأطلسية. وفي الوقت الذي تفرك فيه الشركات المصنعة للأسلحة أيديها من فرط السعادة وتتحدث أوروبا عن الحرب، سوف يناسب الحياد سلوفاكيا تماما، بحسب رئيس الوزراء روبرت فيكو. وأكد البرلمان السلوفيني مؤخرا خطة لزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 2 % من إجمالي الناتج المحلي هذا العام، مع زيادة تدريجية للوصول إلى 3 % بحلول عام 2030. ووصل إنفاق بلغاريا على الدفاع إلى نسبة 2 % المستهدفة في عام 2024. ومع ذلك، أكد وزير الدفاع أتاناس زابريانوف أن الموارد الحالية غير كافية ليس فحسب لإعادة التسلح والتحديث، ولكن أيضا لحل مشكلة عدم تجنيد عدد كافٍ من الجنود. وبعد أن وصلت كرواتيا مؤخرا إلى نسبة 2 %، تهدف البلاد إلى إنفاق 3 % من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول عام 2030. وبلغت ميزانية الدفاع في مقدونيا الشمالية، التي انضمت إلى الناتو في 2020، هذا العام 329 مليون يورو (379 مليون دولار)، أي أكثر من 5ر2 %، مع تخصيص أكثر من 32 % منها للتحديث والمعدات.