في 23 سبتمبر من كل عام، يحتفل السعوديون في كافة ربوع المملكة العربية السعودية باليوم الوطني، تلك الذكرى العزيزة والخالدة التي تمثل نقطة تحول تاريخية في مسيرة هذا الوطن المعطاء، حينما وحّد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود –طيب الله ثراه– أرجاء البلاد تحت راية واحدة، راية التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله، وذلك عام 1351ه الموافق 1932م، لتبدأ مسيرة بناء الدولة السعودية الحديثة على أسس متينة من العقيدة والشريعة والعدل والشورى. واليوم، ونحن نحتفي بالذكرى الخامسة والتسعين، يتجدد الولاء والانتماء لوطنٍ استثنائي، وقيادة رشيدة مخلصة، وشعب وفيّ يعتز بقيمه وهويته وانتمائه. فاليوم الوطني ليس مجرد مناسبة احتفالية سنوية، بل هو تعبير صادق عن الوفاء للتضحيات الجليلة، وتجديدٌ للعهد على مواصلة مسيرة التنمية والبناء، وهو في الوقت ذاته محطة لتأمل ما تحقق من مكتسبات ومنجزات، وما ينتظرنا من تطلعات في ظل رؤية المملكة المستقبلية الطموحة 2030، التي يقودها بحزم وعزم الأمير محمد بن سلمان –حفظه الله ورعاه-؛ فهو حفيد المؤسس وابن الملك سلمان، وقائد استثنائي توافرت فيه سمات القيادة منذ وقت مبكر، فمنذ ملازمته والده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله، الذي يُعد مدرسة بل جامعة في الحكم والسياسة والإدارة– اكتسب سموه خبرات ثرية متراكمة، عززها بالعلم والرؤية الاستراتيجية الثاقبة والقدرة والشجاعة على اتخاذ القرارات التاريخية الجريئة غير المسبوقة. وقد أكدت العديد من الدراسات في مراكز الفكر العالمية (مثل: Brookings وChatham House) أن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يمثل نموذجاً للقيادة الشابة الطموحة التي استطاعت أن تحدث تحولاً شاملاً في بنية الاقتصاد والمجتمع السعودي في فترة قياسية، كما وصفته مجلة Time الأميركية بأنه "رجل المستقبل الذي يغير وجه المنطقة"، فيما رأت صحيفة Financial Times أن "رؤية 2030 تعد من أجرأ المشاريع التنموية في القرن الحادي والعشرين". فمنذ إعلان رؤية المملكة المستقبلية الطموحة 2030 عام 2016، شهدت المملكة -ولله الحمد- تحولات نوعية شملت المجالات التالية: * اقتصادياً: تنويع مصادر الدخل وزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي، حتى سجلت المملكة أعلى معدل نمو اقتصادي بين دول مجموعة العشرين عام 2022 وفق صندوق النقد الدولي. * اجتماعياً: تمكين المرأة، حيث ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى أكثر من 35 %، بعدما كانت أقل من 20 % قبل الرؤية. * تنموياً: إطلاق مشروعات كبرى مثل: "نيوم"، و"القدية"، و"البحر الأحمر"، التي وضعت المملكة على خارطة الاستثمار العالمي. * ثقافياً ورياضياً: استضافة أكبر الفعاليات الرياضية والموسيقية والثقافية، مما جعل المملكة وجهة عالمية جاذبة للسياحة والترفيه. فهذه الإنجازات العديدة والمتنوعة التي تحققت في أقل من عقد تعد –بمقاييس الزمن– إعجازاً تنموياً مذهلاً، أكد للعالم بوضوح أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين تمضي بخطى واثقة نحو المستقبل الباهر والمشرق. ففي هذه الذكرى الغالية 95 تتجلى مشاعر السعوديين في أبهى الصور؛ حيث الولاء للقيادة: إذ يردد المواطنون بصدق كلماتهم الدائمة: "نفديك يا وطن، ونفدي قيادتنا الرشيدة بكل ما نملك". وانتماء للوطن؛ فالمواطن يشعر بالفخر والاعتزاز، وهو يرى وطنه يتصدر المؤشرات الدولية في الأمن والاستقرار والتنمية، وكذلك يتجلى في تجديد للعهد على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والوقوف صفاً واحداً خلف قيادتنا الحكيمة لمواصلة مسيرة النهضة. وقد عبر سمو سيدي ولي العهد في تصريحاته المتكررة عن رؤيته العميقة، حين قال: "طموحنا أن نبني وطناً أكثر ازدهاراً، لا يقف عند ما تحقق، بل ينطلق نحو مستقبل أرحب"، وهو وعد صادق يسير السعوديون خلفه بثقة واعتزاز. إن مما يميز شخصية سمو ولي العهد هو الجمع بين الفكر الاستراتيجي والحزم العملي، وبين الحلم الوطني الكبير والقدرة على التنفيذ، حتى أصبح بالفعل نموذجاً يحتذى في القيادة الشابة على مستوى العالم. ولذا، فإن دراسة تجربته القيادية أصبحت محل اهتمام الجامعات ومراكز الأبحاث، بوصفها أنموذجاً سعودياً فريداً في التحول الوطني. في الختام نرفع أكف الضراعة إلى الله العلي القدير أن يحفظ وطننا الغالي، ويُديم عز قيادتنا الرشيدة، ويبارك في شعبنا الوفي، وأن يديم لهذه الأرض الطيبة المباركة أمنها وازدهارها. وكل عام ووطني الحبيب بخير، وكل عام ورايته خفاقة، ودام عزك يا وطن. *أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود وعضو منتدى الخبرة السعودي