بتنظيم من صالون نبل الثقافية، استضاف مقهى دفعة 89 مدير التحرير الزميل عبدالله الحسني للحديث حول هموم الثقافة وأخلاقيات المثقفين، وسط حضور نخبوي؛ وشهد اللقاء تفاعلاً أثرى اللقاء وفتح عدة مسارات للنقاش أكدت على أهمية الثقافة ودورها المهم في خدمة المجتمع وتوعيته. وقد قدّم الزميل الحسني للقاء بمهاد نظري وتاريخي استعرض فيه نشأة فكرة الثقافة، وكيف تطور هذا المفهوم مؤخراً باعتباره مفهوماً حديثاً لم يتبلور إلا بعد مخاض وأحداث جسام عاشها العالم لتبدأ رحلة التنوير وسعي الشعوب إلى الدخول في عالم متحضر يسوده التسامح والوئام والعيش المشترك. ولفت الحسني إلى تقاطع كلمة الثقافة عربياً مع كلمة cultre الإنجليزية وكيف أنهما تتحدران من جذر لغوي يشير إلى مفردات عديدة تتشابه في مدلولاتها؛ كالفلاحة والتشذيب والتهذيب والصقل، فالثقاف هي الآلة التي تثقف السهام، كما أن مفردة cultre هي حديدة المحراث التي تشحذ في الفلاحة، وهو ما أشار إليه مفكرون وكتاب غربيون من أن الفلاحة والتسميد هي مفردات توحي بتسميد العقول وفلاحتها. وشدد الزميل عبدالله الحسني على أن الثقافة لا تنتعش إلا في الدول المستقرة الآمنة، فالفوضى والتوترات والحروب ببشاعتها تقضي على أي ثقافة أو حركة تنوير. لافتاً إلى ما تعيشه بلادنا -بفضل الله- ثم باهتمام القيادة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- بالثقافة ودعمها وتعزيز حضورها، وأضاف: "وقد كانت الثقافة جزءاً من التحول الوطني الذي شهدته بلادنا في ظل رؤية المملكة 2030 التي جعلت من الثقافة نمط حياة". بعدها استعرض الزميل الحسني أدوار وأخلاقيات المثقف، وكيف أنها تلعب دوراً مجتمعياً مهماً على اعتبار أن المثقف حامل للمعرفة وناقل للأفكار، يتحمل مسؤولية كبيرة تجاه المجتمع، وتتجلى هذه المسؤوليات في العديد من الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية. كما تناول الحسني مسألة الأخلاقيات باختلافها المهنية والسلوكية وبعض التناقضات التي تعتور سلوك البعض، مؤكداً على أن المثقف يجب أن لا نحمّله أكثر مما لا يطيق، إذ يظل إنساناً يعتريه ما يعتري غيره، فهو كائن بشري به من نزوعات الخير والشر ما يتعري أي شخص آخر. بعدها فتح باب المداخلات التي أثرت اللقاء ولفتت إلى أهمية أن تكون أخلاقيات المثقف ومسؤولياته منسجمة مع دوره المفترض في مجتمعه، وما يستتبع ذلك من ضرورة أن يكون قلمه وفكره ومنتجه بناءً ويخدم مصلحة المجتمع، ويساهم في تعزيز القيم الإنسانية؛ ففي النهاية المثقف يقدم الوعي والتنوير في المجتمع، ومسؤوليته تتجاوز حدود العلم والفكر لتشمل العمل الاجتماعي والإنساني. وختم الزميل الحسني اللقاء بشكر مقهى 89 باعتباره حضان لمثل هذه اللقاءات الفكرية والثقافة، كما جدد شكره لصالون نُبل الثقافية والذي يُقدّم لقاءات أسبوعيّة منوعة "ثقافيّة وأدبيّة وفنيّة" تُعنى بمراجعة الكتب ومناقشتها، بهدف الارتقاء بالوعي المجتمعي تجاه الثقافة والأدب والفن والجمال والذوق ويقوم عليه إشرافاً ومتابعة مؤسس الصالون الأديب والمستشار القانوني منصور بن عمر الزغيبي. لقطة جماعية للحضور عقب الأمسية