ها قد وصلنا إلى الختام.. بعد سنة طويلة من الذهاب والإياب والاجتماعات الطويلة والمكثفة مع مدربين أعطونا أقصى ما يستطيعون كي يطوروا ليس فقط طريقة الكتابة للسينما، وطريقة إنتاج فيلم، بل حتى طريقة التعامل مع الحياة. في الاجتماع الختامي الذي حاولنا فيه أن نعبر عما نشعر قبل الوداع، لم تستطع صوفيا، الكاتبة الإندونيسية أن تتحدث، كانت دموعها على وشك الجريان، هذا في الحقيقة ما شعرنا به كلنا، ولذا كانت كلماتنا القليلة، وشكرنا الخجول، لا تكشف عما أردنا قوله، وهو كثير. لأبدأ الحكاية من البداية، مهرجان البحر الأحمر لديه برنامج الأفلام الطويلة الذي يدعو كل من لديه مشروع فيلم طويل من التقديم، في البداية يستقبل مجموعة من الأفلام السعودية ويجمعها بعدد من المخرجين والمنتجين لمدة أسبوع، لتطوير هذه المشاريع، تقرر بعدها اللجنة مَن مِن هذه الأفلام سيدخل المعمل الفترة الكاملة، وهي فترة تمتد لسنة كاملة، تبدأ من يناير وتنتهي في ديسمبر، خلال أيام المهرجان. اختار برنامج الأفلام الطويلة بقيادة ريان عاشور معمل تورينو لتطوير الأفلام للإشراف على هذا البرنامج الرائع، واختار المعمل عدد من الأسماء المهمة والقوية والرائعة لقيادتنا وتعليمنا كيف نطور كتابتنا، تفكيرنا، رؤيتنا. الفيلم، جزء من الحياة، والذين اختاروا هذه الطريقة للتعبير عن وجهة نظرهم، عليهم أن يعرفوا أنفسهم من الداخل قبل أن يخوضوا هذه التجربة، هذه الخلاصة التي خرجت بها، وعلى قدر شفافيتك وتقبلك للتغيير والاستفادة من الفرص المتاحة، هو القدر الذي تستطيع أن تتطور به. وتمنح فنك أفقا جديدا. كنت محظوظة أنني عشت هذه التجربة، تم اختيار أربعة أفلام سعودية، تشارك مشاريع أفلام قادمة من آسيا، أفريقيا والعالم العربي، وهكذا من خلال البرنامج تعرفت على الفن والمجتمع والإنسان في إندونيسيا ونيجيريا وتونس والسودان وكينيا والصين والنرويج والدنمارك وكونت صداقات ستبقى مدى العمر. هناك مدربون ومعلمون ومرشدون من كل الجنسيات، ومنظمون سعوديون وغير سعوديين، كل شخص قابلته أثر فيّ وتعلمت منه، اكتشفت عوالم لم أكن أعرفها، حتى في بلدي. في الختام، لا أعرف كيف أشكر كل الأشخاص المذهلين في هذا البرنامج. كلهم، أستطيع أن أكتب مقالا كاملا عن كل شخصية وكيف جعلت قلبي أكبر وإدراكي للحياة أعمق. شكرا لمهرجان البحر الأحمر على التجربة الرائعة، شكرا من القلب، بقدر الجمال الذي دخل قلبي وروحي على مدار السنة، شكرا لأن بلدي تحمل هذه الشعلة وتنير بها كل المشاريع الآتية من بلاد العالم.. أنا فخورة.