في مرحلة الطفولة كنا نندهش عند رؤية طائر بأجنحة، قطة صغيرة تتحرك، قطعة حلوى ذات غلاف جذاب، لعبة جديدة وسماع نباح كلب. أمور بسيطة تتجلى بالدهشة والانبهار. وفي هذه المرحلة تحديدًا يكون الإنسان أشد رغبة في معرفة كل جديد وقدرته على الاندهاش. تتساءل ما هي الدهشة؟ وهل تتشابه مع المفاجأة أم تختلف؟ الدهشة هي شعور الحيرة والارتباك والذهول من حالة ناشئة عن حدوث أمر غير متوقع ومفاجئ، كموقف أو فكرة أو أي شيء ما. وترتبط الدهشة بالحركات اللاإرادية كارتفاع الحواجب وفتح الفم. أما المفاجأة هي الأمر غير المتوقع والذي بإمكانه جعلنا أن ننبهر ونندهش. سؤال: متى آخر مرة أصبت بالدهشة؟ فقد قيل عندما يصل الإنسان لحالة النضج يكون أقل قدرة على الدهشة لكن لماذا يا ترى؟ لأنه بالغالب يرتبط بالروتين والرتابة وعدم خروجه عن المألوف، ولأن عينيه على دراية بكل شيء يدور من حولها. ومن المعروف عند الفلاسفة أن فاقد الدهشة كائن ميت نعم كائن ميت، لأن العادة تقتل الدهشة وتنتزع منه ألفتها لذلك يعرف عن الفيلسوف أنه شخص يعيش على الدهشة ويتنفس بالانبهار ويرفض التعود. مثل الدهشة التي دفعت نيوتن عند سقوط التفاحة على رأسه والنتيجة كانت قانون الجاذبية. تريد أن تصبح فيلسوفًا؟ إذا عليك أن تندهش، لأن الفيلسوف لا تمر عليه الظواهر الطبيعية والفكرية والاجتماعية من أمامه مرور الكرام. تختلف الدهشة الفلسفية عن الدهشة الاعتيادية أو الطبيعية، لأن الدهشة الأخيرة تحصل عند حدوث غير المتوقع فقط، لكن الدهشة الفلسفية تجعلك تلاحظ أمورًا اعتدت على رؤيتها من أمامك لكنها تدفعك لطرح الأسئلة والبحث عن إجابتها والرؤية في معانيها وهذه تكمن بدافع التأمل. وقيل إن السبب وراء الخمول الفكري هو عدم القدرة على الاندهاش، لذلك يجب أن نتعلم كل جديد ونستكشف ونبحث ونعيد تكوين أفكارنا بالدهشة وأن نبتعد عن العادة والوضع الرتيب فنحن بحاجة إلى الفكر كي نثير دهشتنا.