زهرة في طريقها للنمو مؤمنة بداخلها بمفهوم الصدفة وقدرتها على تغيير الأقدار حتي وقعت عليها تلك الصدفة التي غيرت منحني طريقها للأبد. في يومٍ من الأيام أتت إليها بائعة الورد لتقنعها بقطفها لكي تضعها في أكبر باقة ورد في مدخل المتجر وتكون مثالًا يحتذى به لكل الأخريات، فأسقتها سائلًا يزيد من بريق لونها ويضفي لها لمعة. لكنها عثَّرت حياتها ونثرت بتلات عقلها بتلةً بتلة، لم تعد كما كانت عليه في السابق. فاحت منها رائحة العفن وانتشرت بين حبوب اللقاح المحمل بين طيات الرياح حتى وصلت إلى كل ما زُرع في البستان فبدؤوا ملاحظته، فما كان من البستاني إلا نشلها من جذورها المنغرسة داخل التربة ورميها في الشارع ليبعدها عن أقرانها. بقت وحيدة دون رفقة دون أرض تتغذى منها دون بستان كان لها مأوي ودون رائحةً عطرة لم يبق لها سوى ضوء الشمس الحارق وماء المطر في فصل الصيف النادر، ودهسًا مريرًا من أقدام عبرت الطريق دون رأفة بها، وفرمًا من عجلات المراكب ضيع ملامحها الرقيقة. حتى أتت تلك الشاحنة الضخمة برائحتها الملوثة ثم أسقطت السواد من فوقها حتى غطتها بالكامل فأصبح الشارع بحلته الجديدة وبسواده الأملس فلم يبق لها أثر واحد، فكان مصيرها أن تدفن على الطريق السريع. الطريق الذي غير مصيرها حتى صارت عليه وانصب على رأسها لأنها أخطأت الاختيار. لا تكن منجرًا وراء الصدفة مثل الزهرة المسكينة ولا تكرس اعتمادك الكامل عليها، فهنالك أنواع للصدف محبطة مفرحة محزنة مخجلة، وهناك صدفًا أصبحت اکتشافات عظيمة فمن منا لا يعرف تفاحة نيوتن وقانون الجاذبية. وليست كل الصدف صدفًا جميلة وخيرًا من ألف ميعاد کما اعتدنا. لا أعني بقولي أن لا وجود للصدف لكن امضِ متوكلًا على الله فهو كاتب الصدف ومدبر الأقدار.