«كورونا» اختبار حقيقي للعالم بأسره، وللأنظمة الصحية داخل الدول ولقوتها وحنكتها في تخطي مثل هذا التهديد، فهو كغيره من الأمراض التي يجب الانتباه لها لمنع وصولها لنا، ويكون هذا الأمر بتقصي الحقائق من الجهات الرسمية المعتمدة فقط.. يستمر ارتفاع عدد المصابين والوفيات جراء فيروس كورونا عبر العالم، فيما تخصص وسائل الإعلام صفحاتها وشاشاتها لمناقشة تداعيات انتشار الفيروس على الصحة العامة وعلى الحياة اليومية للأشخاص وعلى الاقتصاديات المحلية والعالمية. مجلة "ذ سبيكتاتور" البريطانية أشارت إلى أن كورونا يتسبّب بما هو أخطر من الإصابة، أي "الهستيريا"، فمنذ انتشار فيروس كورونا (COVID-19) في ديسمبر الماضي في الصين، فإن عدد الإصابات يتزايد حول العالم، إلا أن معدل الوفيات بفيروس كورونا ليس الأعلى مقارنة مع أمراض أخرى! كما تجد بالمقابل حالة من الهلع يتداولها الكثير، منها ما هو موثق، وما هو شائعات غريبة تتمحور حوله وتحليلات غير منطقية أو علمية لهذا الفيروس وربطها بأمور لا أساس لها من الصحة، ومنها ما يصنف تحت خانة الأخبار الكاذبة! حيث توجد أمراض القلب الوعائية وما زالت السبب الأول للوفاة على مستوى العالم، إذ يموت ما يقارب 49041 شخصاً يومياً بسببها، فعلى سبيل المثال توفي ما يقدر بنحو 17.9 مليون شخص بسبب الأمراض القلبية الوعائية في عام 2016م، وهو ما يمثل 31 ٪ من إجمالي الوفيات في العالم ذلك العام، بالمقابل كل سادس وفاة في العالم تحدث بسبب مرض السرطان، الذي يعد السبب الرئيسي الثاني للوفاة حول العالم حيث يتوفى يوميًا ما يقارب 26164 شخصًا! بالمقابل ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يعاني 15 مليون شخص من السكتة الدماغية في جميع أنحاء العالم كل عام، من بينهم ما يتوفى ما يقارب 13698 شخصًا يوميًا، بينما يعاني ما يقارب خمسة ملايين شخص سنويًا من إعاقات بسبب مضاعفات السكتات الدماغية، مع وفاة ما يقارب 4383 شخصًا يومياً بسبب مرض السكري مع ما يقارب 1287 بسبب الإنفلونزا، وعلى مستوى الفيروسات نعود كما تشير التقارير أن ما يقارب 284.500 شخص ماتوا جراء إصابتهم بفيروس إنفلونزا الخنازير حتى عام 2012، وأصاب أكثر من 60 مليون شخص حول العالم. وفي نفس المنعطف، فإن انتشار الشائعات حول "كورونا"، وانتشار فيديوهات ومعلومات مغلوطة في وسائل التواصل الاجتماعي تحديدًا، جعل الناس في حالة رعب كبير، والبعض بالغ كثيراً في التجاوب مع الأخبار حوله، أو ربطها بترهات وأمور لا أساس لها من الصحة وربطها ب "أدلجة" بعض العقول التي تعشق اختلاق القصص وفبركتها! "كورونا" اختبار حقيقي للعالم بأسره، وللأنظمة الصحية داخل الدول ولقوتها وحنكتها في تخطي مثل هذا التهديد، فهو كغيره من الأمراض التي يجب الانتباه لها لمنع وصولها لنا، ويكون هذا الأمر بتقصي الحقائق من الجهات الرسمية المعتمدة فقط وهو أيضًا رأي منظمة الصحة العالمية، لذا علينا مكافحة الشائعات قبل الفيروس. دولتنا الحكيمة قامت بما يلزم لحماية سلامة الحياة على أراضينا، بدءاً من وزارة الصحة التي أكدت في العديد من المناسبات أن الوضع الصحي لدينا مطمئن ولا داعي للخوف، ومنه نحمد الله أن وطننا الكبير لديه نظام صحي قوي وقواعد وانضباط عالٍ في التعامل مع الأزمات وإدارتها، وما جاء أيضًا في بيان وزارة الداخلية من تعليق العمرة للمواطنين السعوديين والمقيمين كإجراء احترازي مؤقت لمنع انتشار فايروس كورونا في المملكة يعد قرارًا حكيمًا يتواءم مع قواعد الشريعة الإسلامية، وينبثق من حرص القيادة الرشيدة على صحة وسلامة وأمن قاصدي الحرمين الشريفين، التي جعلت في مقدمة اهتماماتها حماية النفس وصيانة الأنفس. المملكة وكعادتها لا تألو جهداً ولا تدخر نفيساً في خدمة شعبها والحرمين الشريفين وقاصديهما، وأن المسجد الحرام والمسجد النبوي يحظيان بعناية واهتمام مباشر وعظيم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان –حفظهما الله-. وختاماً، نتضرع إلى الله –العلي القدير- أن يديم على وطننا العامر المجيد المبارك نعمة الأمن والأمان، وأن يحميه من كل شر ومكروه، وأن يبارك في جهود ولاة أمره وشعبه المجيد.