من هو (المشهور) بالضبط؟ ولماذا نرغب في الانضمام لقائمة المشاهير؟ وهل الشهرة أمر جيد بصرف النظر عن الإنجاز ذاته؟ ما هي الشهرة على أي حال، وهل يوجد تعريف دقيق لها؟ ... رغم ضبابية التعريف يمكنني القول إن الشهرة هي: (تمييز الإنسان من قبل آلاف الأشخاص الذين لا يعرفهم) أو (صفة وسمعة وموهبة ومنصب غير اعتيادي تجعل الإنسان معروفاً للجميع) أو (انتشار معنوي يعفي الشخص من تعريف نفسه لمعظم الناس).. غير أن هذه التعاريف ليست دقيقة بالكامل خصوصاً في عصر الإنترنت والقنوات الفضائية.. فالشهرة في الماضي كانت تعتمد على الندرة واحتكار الموهبة (وخذ كمثال محمد عبده أو ماجد عبدالله) غير أن وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت هذه الأيام لأي شخص مغمور التفوق عليهما لأسباب أتفه بكثير.. أما لماذا نريد أن نصبح من المشاهير؟.. فقسم من علماء النفس يرون أننا نملك دافعاً فطرياً لاعتراف الآخرين بنا وتأكيد تفوقنا عليهم.. وحين نصبح مشهورين يعني هذا تلقائياً أننا أصبحنا باعتراف الجميع نحظى بمرتبة أعلى ومنزله أكبر من الجميع.. وهناك إحصائية تفيد بأن معظم الأطفال تحت سن الثانية عشرة يريدون أن يصبحوا مشاهير.. وإحصائية أخرى أكدت أن 31% من المراهقات في أميركا يردن أن يصبحن مشهورات كنجمات الغناء أو السينما!! أما كيف يتم قياس «الشهرة» فهذه بالفعل مشكلة حقيقية.. فالشهرة تقدير معنوى وتقييم مطاط يصعب الاتفاق عليه.. غير أن هذا لم يمنع مجلة التايم مثلاً من تقييم شهرة نجوم هوليود من خلال عدد مرات الظهور على أغلفة الصحف، واللقاءات التلفزيونية، والأفلام التي مثلها، والجوائز التي نالها، والدخل الذي تحصل عليه في آخر عام.. ولهذا السبب يختلف سلم الشهرة في مجلة التايم بين عام وآخر ونادراً ما يحتل أي اسم المركز الأول في سلم الشهرة لعامين متتاليين... ورغم أن الإنترنت ساهمت في شهرة أعداد أكبر من الماضي، قدمت أيضاً فرصة قياس شهرتهم من خلال محركات البحث.. إذ يمكنك مثلاً المقارنة بين شهرة الكُتاب السعوديين بإدخال أسمائهم في محرك جوجل ومقارنة النتائج (وأنا شخصياً توقفت لمدة نصف ساعة أثناء كتابتي لهذا المقال للمقارنة بين الأسماء المعروفة في صحافتنا المحلية).. والحقيقة هي أن جميع محركات البحث الكبيرة تملك قوائم بأكثر الأسماء التي يبحث عنها الناس.. وهناك مؤلف سير أميركي يدعى إيريك شومان Eric Schulman حاول قياس مدى الشهرة التي تتمتع بها بعض الأسماء (من خلال نتائج البحث عنهم في محرك التافيستا) فخرج بالترتيب التالي: عيسى المسيح، ثم جون لينين (موسيقى) ثم بيل جيتس، ثم جينفر لوبيز (ممثلة) ثم فرقة البيتلز، ثم الرئيس بيل كلينتون، ثم البرت أنشتاين... وبطبيعة الحال يمكنك تطبيق نفس الطريقة على مجتمعنا المحلي مع الكتّاب والرياضيين والفنانين والسياسيين والمشايخ... المهم أن تكون محايداً ومتوازناً في إدخالك للأسماء التي تنوي المقارنة بينها (فإن قررت مثلاً إدخال الاسم الأول مع اسم العائلة فقط، أو إدخال الاثنين بين علامتي تنصيص، أو إدخال أسماء الكتّاب مع صحفهم، فافعل ذلك مع الجميع كي لا تخفض أو ترفع من نسبة أحد)... المدهش أنك ستجد غالباً حتى اسمك الثلاثي في الإنترنت وهذا دليل على أننا نعيش في عصر وفرت فيه وسائل الإعلام «الجديد» فرصة الشهرة للجميع.. ولكن يبقى الفرق في الترتيب وطبيعة الإنجاز ذاته.