ازدحام

نوافذ

الفعاليات الثقافية والعلمية وأيضا الاحتفائية تؤسس لملامح المدينة الحديثة وترسخ بعدها الحضاري، وهي بالتأكيد تغدو مؤشراً إلى سكان قادرين على تفعيل الأدوار المتطلبة للوجود العمراني بشكل يتخلص من جمود وتشنج الأسمنت إلى تجليات الإبداع الإنساني. والحراك الثقافي بداخل المدينة الحديثة هو الذي يضمن انسياب الدم في عروقها، وبقاء ذلك النبض الذي ينأى بها عن كونها ورشة للعمل أو مركزاً للبنوك، إلى مكان متكامل الخصائص المدنية والحضارية مقارنة بالمقياس العالمي. وكم أشعر بالبهجة والفخر وأنا ألمح المناشط المتعددة التي باتت تزركش فضاء مدينة الرياض حولنا.
ولكن الأنشطة والفعاليات في مدينة الرياض على الغالب تنحصر في موسم محدد استجابة لطبيعة الطقس والمناخ، وهو في الغالب ينحصر ما بين شهر أكتوبر حيث يعتدل الطقس انتهاء بشهر أبريل، هذه الأشهر قد يتخللها الكثير من المواسم الدينية والعطل، وبالتالي تصبح الفترة المتاحة لبقية الأنشطة محدودة، مما يخلق ركما وازدواجية، ومن الممكن أن يقلص الكثير من المجهودات الكبيرة التي تقام في هذا المجال.
فعلى سبيل المثال في المجال الثقافي بينما فعاليات الأيام الثقافية السعودية في مصر كانت لا تزال قائمة، ابتدأت الفعاليات الثقافية التونسية في الرياض، وهي في الأسبوع نفسه الذي بدأت فيه فعاليات كلية اليمامة الثقافية، وأيضا ستصادف أيام الحوار الوطني الذي يحظى عادة بالكثير من المتابعة والاهتمام على المستوى المحلي والأوساط الثقافية. تماما كما هو الحال في العام الماضي عندما تزامنت فعاليات مهرجان الجنادرية مع معرض الرياض الدولي للكتاب.
هذا الاحتشاد في المناسبات والفعاليات بات يتطلب حاجة ملحة إلى التنسيق المسبق الذي يتيح لكل فعالية أن تأخذ مداها ووهجها، وتتمكن من تحقيق أهدافها سواء على مستوى الحضور أو التغطيات الإعلامية المرافقة.
وأنا أقترح أن يكون هناك لدى إدارة العلاقات العامة في أمانة مدينة الرياض جدولا سنوياً خاصا بجميع الفعاليات الخاصة وتوقيتها ومدتها، بهدف حصر التقاطع والتزامن إلى حده الأدنى، وكي يتاح لكل فعالية حظها من المتابعة والتغطية الإعلامية، بحيث يمثل هذا الجدول مرجعية لكل جهة ترغب في إقامة أنشطة ثقافية أو احتفالية، أو مؤتمرات ذات طابع علمي، ولعل هذا سيقلص بالتأكيد تلك الشكوى الدائمة التي نسمعها من منظمي تلك الأنشطة من غياب الحضور وعزوفهم عن المشاركة أو الاهتمام بما يقدم فيها.