قام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض أمس بزيارة تفقدية لمشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، الذي تقوم عليه الهيئة حالياً، وقف خلالها على سير العمل في هذا المشروع الحيوي. جاء ذلك في تصريح للمهندس عبد اللطيف بن عبد الملك آل الشيخ عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض رئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة، الذي أوضح أن هذه الزيارة تأتي من منطلق حرص سموه الدائم ومتابعته الحثيثة لكافة المشاريع التي يجري تنفيذها في العاصمة الرياض، حيث اطلع سموه خلالها على المعرض الذي تم تجهيزه لهذه المناسبة والذي يشتمل على معلومات وصور فوتوغرافية عن الأعمال السابقة والحالية لمشروع التأهيل البيئي، كما شاهد سموه على أرض الواقع تطور سير العمل في المرحلة الأولى للمشروع وما تم إنجازه في هذه المرحلة التي تمثل حوالي 70% من إجمالي الأعمال التي تغطي المنطقة الممتدة من شمال طريق العمارية حتى منطقة البحيرات جنوب الحاير بطول 80 كيلو متراً وتكلفة إجمالية مقدارها 360 مليون ريال. مشيراً إلى أن سموه تفضل في ختام الجولة بإعطاء توجيهاته السديدة بشأن العمل في هذا المشروع. وذكر عضو الهيئة ورئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة، أن مشروع التأهيل البيئي لهذا المشروع يهدف إلى إعادة الوادي إلى وضعه البيئي النموذجي بإزالة مظاهر التلوث في جميع أجزائه، وإعادة منسوب الوادي وشعابه إلى وضعها الطبيعي، وتطوير المرافق العامة من طرق وممرات، ومتنزهات في بعض أجزائه وتطوير شبكات البنى التحتية، بما يتناسب مع طبيعة الوادي، وذلك وفق ضوابط المخطط الشامل، منوهاً إلى أن جميع الأعمال التنفيذية لهذا المشروع تندرج تحت عدد من المحاور تشمل إعادة بيئة الوادي العامة كمصرف طبيعي للمياه ومحضن لأنماط متنوعة من الحياة الفطرية تخلو من الملوثات وقدرات تعويضية طبيعية، وتطوير جزء رئيسي من بطن الوادي كمتنزه طبيعي ترويحي تثقيفي مما يسهم في تطوير الرؤية المستقبلية حول النمط الأفضل من المناطق المفتوحة التي تستقطب الزوار وتلائم الوادي، وتطوير الطريق الرئيسي وممرات المشاة والبنى التحتية وفق مرجعية المخطط الشامل بحيث تكون مؤهلة للظروف الخاصة بالوادي كالسيول والأمطار ومتوافقة مع احتياجاته ومحافظة على جماليات مناظره الطبيعية ومؤدية لوظيفتها بكفاءة عالية. وأكد المهندس عبد اللطيف بن عبد الملك آل الشيخ، أن نطاق العمل في هذا المشروع يتضمن تهذيب مجاري السيول وإعادتها لوضعها الطبيعي، وإنشاء قنوات للمياه الدائمة الجريان لضمن عدم تكون المستنقعات في الوادي، وردم الحفر القائمة في الأراضي العامة من الوادي وروافده، وتحسين نوعية المياه دائمة الجريان باستخدام نظم المعالجة الحيوية الطبيعية، وإنشاء طرق محلية لقاصدي الوادي وتحسين حركة المرور فيه وزراعة وتنسيق بطن الوادي وإنشاء ممرات للمشاة للاستفادة من مقومات الوادي البيئية في التنزه والترويح، وتنسيق شبكات الخدمات والمرافق العامة الممتدة في الوادي. منوها إلى أن المشروع سيتيح مجالاً للاستفادة من ناتج معالجة المياه الجارية حالياً في الوادي في العديد من الأغراض الزراعية والحضرية داخل المدينة وخارجها بشكل آمن، إذ تبلغ كمية هذه المياه حالياً حوالي 650 ألف متر مكعب في اليوم، وستصل إلى أكثر من مليون متر مكعب في اليوم عام 1442ه بالإضافة إلى ذلك سوف يوفر المشروع عدداً من المرافق الترويحية وسيتيح فرصاً استثمارية واسعة في مجالات الزراعة والترويح والسياحة. وأشار عضو الهيئة ورئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة، إلى أنه قد تم تقسيم الأعمال الإنشائية لهذا المشروع إلى قسمين، يتضمن القسم الأول أعمال التطوير وتشمل أعمال المرافق العامة للبنية التحتية وأعمال التشجير والتجميل. فيما يشتمل القسم الثاني على برامج تأهيل الوادي التي تمثل القاعدة الأساسية لتهيئته وإعادته لوضعه الطبيعي والاستفادة منه كجزء من النظام الترويحي المفتوح في المدينة، وتتضمن برنامجاً لإعادة التوازن البيئي، وآخر للمناطق المفتوحة ومناطق الترويح. موضحاً أنه قد وضعت ضوابط لجميع الأعمال والمشاريع والخطط التنفيذية التي ستتم في الوادي وفقاً لخصائصه ومتطلباته البيئية، وذلك لكل مناطق الوادي المتميزة بيئياً. وتشتمل هذه الضوابط على التعليمات الضرورية لرفع المستوى البيئي، ونوعية الحياة في الوادي وتحديد طبيعة الأنشطة الملائمة، وحصر للمعلومات البيئية، وبرنامج المراقبة، وتقويم الآثار البيئية للمشاريع في مجال التربة والمياه والهواء وآليات معالجة وترشيد استخدامها وإعادة تدويرها، كما تشمل ضوابط واشتراطات إعادة تأهيل وحماية المحيط الطبيعي وحماية الحياة الفطرية. كما تتضمن الضوابط استعمالات الأراضي والأنشطة المسموح بها في الوادي ومحددات التطوير والتخطيط التي تنطبق على كل حالة من حالات استعمالات الأراضي، واشتملت الضوابط كذلك على سياسات لتوجيه أعمال تمديد خطوط المرافق العامة في الوادي تشمل الأعمال الحالية والمستقبلية لتكون متناسقة من ناحية النوعية والأداء والمظهر، ويدخل ضمن هذه المرافق خدمات الصرف الصحي، وشبكات مياه الشرب، ومياه الري، وتمديدات الكهرباء والهاتف. ونوه المهندس عبد اللطيف بن عبد الملك آل الشيخ إلى أن اكتمال تنفيذ مشروع التأهيل البيئي للوادي، سيتيح الفرصة للبدء في تنفيذ المشاريع الاستراتيجية للقطاعين الحكومي والخاص وصولاً إلى استكمال تطوير الموارد البيئية والتراثية والترويحية والمائية للوادي عن طريق توفير المساحات المفتوحة والحدائق على طول الوادي وتوسيع هذه المرافق باتجاه المناطق السكنية المجاورة، وتطوير الأماكن التاريخية والتراثية بوادي حنيفة خاصة في الدرعية، وحي المصانع والسد القديم وبلدة الحاير القديمة، وإعادة تشكيل المنظر العام الطبيعي في الهضاب المنبسطة وأراضي المراعي بالمنطقة الواقعة أعلى منطقة بطن الوادي بما في ذلك بناء سدود التحكم، وتوفير الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص في المنشآت الترويحية والترفيهية وفي التطوير السياحي. كما يوفر المشروع فرص استثمارية للقطاع الخاص في تطوير أنواع جديدة من الزراعة، بالإضافة إلى الاستفادة من المياه التي ستتم معالجتها مستقبلاً ونحو ذلك، وقد تم في هذا الشأن إعداد الخطوط العريضة للحقائب الاستثمارية التي سيتم طرحها مستقبلاً للقطاع الخاص للمساهمة في الاستثمار في الوادي وروافده. وأوضح عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، أن هذه الأعمال تأتي ضمن الخطة الشاملة لتطوير الوادي التي تشتمل على رؤية ومخطط رئيسي عام للوادي تتضمن خطة استعمال الأراضي وخطة إدارة مصادر المياه ومخطط التصنيف البيئي، بالإضافة إلى برامج وضوابط التأهيل والتطوير. منوها إلى أن الهيئة وافقت مؤخراً على تحديد ثلاث مناطق محمية في منطقة وادي حنيفة، تشمل محمية وادي الحيسية، التي تقع في أعالي وادي الحيسية جنوب منطقة سدوس وتبلغ مساحتها 130 كيلو متر مربع، ومحمية أعالي وادي الحيسية جنوب منطقة سدوس وتبلغ مساحتها 130 كيلو متر مربع. ومحمية أعالي وادي لبن وتقع في الأجزاء العليا من وادي لبن وتبلغ مساحتها 150 كيلو متر مربع، وأقرت إعداد الحقائب الاستثمارية للمشاريع الترويحية في الوادي المزمع طرحها للقطاع الخاص. ويعتبر وادي حنيفة من أبرز المعالم الطبيعية في منطقة الرياض، ويمثل مصرفاً طبيعياً للمياه السطحية لمنطقة واسعة تقدر بنحو 4000كم2 ويمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي بطول 120كم، ويصب فيه العديد من الأودية الفرعية والشعاب التي يصل طول معظمها نحو 25كم. وقد قامت على ضفاف هذا الوادي منذ القدم مراكز سكانية كانت تعتمد في معيشتها على الموارد الطبيعية المتوفرة فيه، التي كان يتم استغلالها في حدود قدراته التعويضية، كما يحتوي الوادي على معظم ما تبقى من مظاهر البيئة التقليدية في المنطقة، والمتمثلة في القرى والبساتين والمزارع المنتشرة فيه، كما يزخر بكثير من المقومات الزراعية والتراثية والترويحية التي تتيح تطويره كمصدر ترويحي وزراعي وتثقيفي لسكان المدينة. وقد حاز وادي حنيفة على جائزة مركز المياه بواشنطن كأفضل خطة لتطوير مصادر المياه على مستوى العالم من بين 75 مشروعا قدمت من 21 دولة، حيث اعتبرت لجنة التحكيم المكونة من عدد من الخبراء يمثلون مختلف دول العالم أن هذا المشروع يمثل بادرة رائدة في المخططات الشاملة، كما وصف المخطط بأنه مشروع عالمي ويضع معايير عالمية جديدة، كما أثني في المؤتمر على الرؤية المستقبلية والدقة المتناهية التي اتسم بها المشروع. وقد طلبت لجنة التنمية المستدامة في الأممالمتحدة عرض المشروع في مقر الأممالمتحدة في نيويورك وقد قام فريق من الهيئة بعرضه في نيويورك.