يعمل الناس في وظائف معينة لأسباب عديدة ومختلفة وقليل من الموظفين يلتحقون بالعمل لسبب واحد يسيطر عليهم ويختلف كل منهم عن الآخر في الأسباب التي تدعوه للعمل، من النادر أن يكون المال هو الحافز الوحيد الذي يبحث عنه الناس عن طريق العمل وقد يكون للمال في بعض الحالات أهمية ثانوية ويأتي بعد اعتبارات أخرى كما في حال المتدربين في مجال الإدارة.ومن الممكن أن يتغير ما يسعى اليه العاملون كحافز بمرور الزمن مع التغييرات التي تحدث في مواقف الشخص واهتماماته وميوله فقد يفضل الآباء والأمهات الذين لهم أطفال على سبيل المثال أن تكون أغلب حوافزهم في شكل دخل آني لمقابلة كمبيالات الرهن ومصاريف التعليم فيما يفضل الموظف المتقدم في السن التعويض المؤجل والمزايا التي لا تضاف إلى الراتب.وأخيراً تتحكم الإدارة في مقدار وكيفية توزيع الحوافز بدرجات متفاوتة اعتماداً على طبيعة المكافأة فقد يكون للشركة مثلاً رقابة مباشرة على السياسة التي يتم بموجبها تحديد الحوافز المادية وصرفها.بينما تكون درجة تحكمها في جوانب الوظيفة التي يجدها الموظف مثيرة لاهتماماته محدودة أو منعدمة وقد توصل الباحثون إلى أن عدداً كبيراً من الوظائف مملة بطبيعتها. الشخصية والحاجات المرتبطة بالعمل تؤثر شخصية الفرد على الحاجات التي يسعى لاشباعها عن طريق العمل وبعبارة أخرى يمثل الجزء الأساسي للشخصية مقطعاً جانبياً منفرداً للحاجات المهمة بالنسبة للفرد. يتصف المقطع الجانبي للحاجات مثل الجوانب الأخرى للشخصية بأنه مستديم نسبياً لكنه لا يظهر بكامله في وقت واحد بل يظهر على الأرجح تدريجياً حينما يبلغ الطفل سن الرشد ويدخل في تجربة العمل لأول مرة ساعياً وراء مستقبل وظيفي إذن فهناك أنواع معينة من التجارب التعليمية والعملية للشخص تفضي إلى حاجات معينة متعلقة بالعمل يكتشفها الشخص في أي وقت من الأوقات. تأثير الحوافز على السلوك والأداء يقوم الاعتقاد بأن الحوافز تدفع للأداء وتقلل من معدل دوران العمل والغياب وتجذب العناصر المؤهلة على الافتراض بأن الحوافز في حد ذاتها تؤثر في دافعية الموظف بصورة يمكن التنبؤ بها ويمكننا القول بأن الناس - بوجه عام - يتجهون إلى المسلك الذي تكافئهم عليه المنظمة. فمن الممكن إذن أن يكون توقع المكافآت حافزاً قوياً لإثارة مستوى من السلوك والأداء الوظيفي أو يدفع إلى اختيار منظمة من المنظمات كمكان للعمل زيادة على ذلك فللحوافز أهميتها بالنسبة للأفراد لأنها تسد حاجات تتعلق بالعمل. كما أنها تشبع الحاجات وتؤدي إلى تعلم أنماط جديدة من السلوك وتقوم بتوجيه الفرد في اختياره بين الأنماط السلوكية البديلة فالرضا بالوظيفة هو تفاعل الفرد بالدرجة التي تشبع بها حوافز الوظيفة الحاجات المرتبطة بالعمل. ويستمر السلوك في اتجاه معين أو يتغير اتجاهه أو يتم اكتساب أنماط سلوكية جديدة جزئياً على أساس الرضا الوظيفي فإذا كان هناك موظف ما على سبيل المثال غير راضٍ باستمرار عن الأجر الذي يتقاضاه من صاحب العمل فقد يكون لديه دافع قوي للشروع في البحث عن وظيفة براتب أفضل من تلك التي يشغلها في ظل نظام للحوافز يربط بين الأجر والأداء مباشرة قد يغير نفس الموظف سلوكه عن طريق زيادة نتائج عمله ليزيد اجمالي دخله. إذن فمعرفة الحوافز التي توفرها الوظيفة مع معرفة مدى تقدير الأفراد لتلك الحوافز عامل أساسي ومهم لفهم السلوك الوظيفي والأداء. أسس توزيع الحوافز من الظواهر البارزة في أغلب المنظمات عدم التكافؤ في توزيع الحوافز وأكثر من ذلك قبول هذا كحقيقة وواقع.. وبالرغم من أن ما نورده هنا ينطبق على أغلب الحوافز إلا أن الأجور والرواتب تعطي مثلاً واضحاً لهذه النقطة فنطاق التعويضات المالية في أغلب المؤسسات الكبرى كبير جداً. وهناك اختلافات كثيرة في الرواتب التي يتقاضاها الأفراد من ذوي المؤهلات التعليمية والخبرات العلمية المتقاربة. إذا قدر للإدارة أن تبدأ في توزيع الحوافز المالية في المنظمة من جديد فإن أول واعقد المشكلات التي تواجهها هي تحديد سياسة للتوزيع وتوفر القواعد التالية أساساً لتوزيع الحوافز النقدية من وقت لآخر، المساواة: أن يتقاضى كل الأفراد أنصبة متساوية من الحوافز. القوة: ان يتم توزيع الحوافز وفق قدرة كل شخص أو جماعة على انتزاع جزء من مجموع الحوافز المتوافرة من الآخرين. الحاجة: ان يتم توزيع الحوافز على الأشخاص وفق حاجاتهم وكلما زادت حاجة الفرد للحافز زادت حصته. عدالة التوزيع: أن يتقاضى الأعضاء في منظمة ما نصيباً من الحوافز يعادل جهودهم المبذولة في العمل وتتحقق العدالة في التوزيع وفقاً لمنظري العدالة عندما تتساوى معدلات الحوافز مع الجهود المدخلة بالنسبة لكل أفراد المنظمة فيدفع لكل الناس على أساس الجدارة مثلاً أي على أساس فعالية أدائهم فرادى أو جماعات.غالباً ما تواجه الإدارة في التطبيق العملي بضرورة الوفاء بمطالب تقوم على أساس عدد من هذه القواعد في وقت واحد مما يؤدي إلى التعارض في سياسة الحوافز. شروط استخدام المال كحافز للارتقاء بمستوى الدافعية 1- لا بد من توافر درجة معقولة من الثقة بين الرؤساء والمرؤوسين إذ يحتمل أن يدفع عدم الثقة العاملين إلى الاعتقاد بأن المكافآت تتم بعشوائية أو على أساس التميز بينهم. 2- تتطلب الوظائف الأكثر صعوبة والتي تتحدى قدرات العاملين اهتماماً من حيث تخصيص الحوافز المالية بنسبة أكبر من الوظائف الروتينية إذ إنه من الأيسر التفوق في أداء الأعمال الأقل صعوبة فإذا ما تم توزيع الحوافز النقدية بالتساوي بين العاملين في كل الوظائف فإن ظلماً قد حاق بالوظائف الأكثر صعوبة وربما الأهم منها أيضاً. 3- لا بد أن يستند تقويم أداء الأفراد على بيانات موضوعية بقدر الإمكان فإذا ما كانت هناك صعوبة في قياس أداء الفرد وأن البيانات المتوافرة غير موضوعية فلا بد من التفكير الجاد في عدم استخدام الأجر كحافز. 4- قد يتوقف مقدار الحوافز المالية التي تمنح للموظفين ذوي الأداء المتميز على ما إذا كانت المنظمة تستطيع منح موظفين معينين زيادات أو مكافآت كبيرة فإذا لم يتم ربط الحوافز المالية الكبيرة بالأداء الممتاز فإن أثر الأجر كعامل دافعية سيضعف زيادة على ذلك فإن منح الحوافز المالية الكبيرة للعاملين الذين ينظرون للأجر كعامل مهم للدافعية إهدار لتلك الحوافز. * عن كتاب السلوك التنظيمي والأداء اندرو دي. سيزلاقي - مارك جي والاس. * ترجمة جعفر أبو القاسم أحمد - مطبوعات معهد الإدارة العامة - 1412ه