الاستقرار والازدهار.. الخطاب الملكي يعزز ثقة العالم بالمملكة    من عمارة الصحراء إلى آفاق الفضاء    السعودية.. قصّة مجد    3.2% زيادة بمتوسط أجور القطاع الخاص    60 جهة مشاركة في معرض التوظيف بجامعة البترول    تداول يخسر 1.58% في أسبوع    غرامة 5000 ريال لصيد «الكروان» دون ترخيص    أمير القصيم يكرم «الرياض» ويشيد بتميزها في تغطية كرنفال تمور بريدة    ناتو يعزز دفاعاته على الجناح الشرقي إثر تصاعد التوتر مع روسيا    روبيو : الغارة في قطر لن تغيّر طبيعة علاقة أميركا بإسرائيل    300 حالة عنف بدوافع سياسية من مختلف الأطياف الأيديولوجية في أميركا    الهلال يتعثر بالتعادل أمام القادسية    12 مدرباً أوروبياً يسيطرون على دوري يلو    القبض على (4) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (260) كجم "قات"    موسم الخريف: اعتدال الأجواء واقتران القمر بالثريا    الإسعاف الجوي .. استجابة سريعة    ليلة من «أحلام» الفن الجميل تصدح في موسم جدة    الثقافة.. استثمار المستقبل    المملكة ترأس الدورة غير العادية ال(8) للمؤتمر العام لمنظمة "الألكسو" في تونس    450 ألف طفل يعانون صدمات نفسية    الكشف عن تفاصيل إصابة نواف العقيدي    نائب أمير منطقة مكة يقدم التعازي للفريق محمد الحربي في وفاة والدته    العدوان والسيادة بين الحق والوعي    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر اغسطس 2025    الهلال الاحمر السعودي بنجران يحتفي باليوم العالمي للاسعافات الاولية    في رثاء عبدالعزيز أبو ملحه    أرتيتا: أرسنال يمتلك الآن عمق التشكيلة المناسب للمنافسة على كل الجبهات    ديناميكية العقل والعاطفة    المرء أسير الإحسان    المملكة تدين الهجوم الإرهابي شمال غرب باكستان    العناية بشؤون الحرمين: 121 دقيقة متوسط زمن أداء العمرة    الإرث بين الحق والتحدي    يامال يغيب عن برشلونة بسبب إصابة في منطقة العانة    المركزي الروسي يرفع سعر صرف الروبل أمام العملات الرئيسة    تحت رعاية سمو ولي العهد.. سمو نائب أمير منطقة مكة يتوج الفائزين في مهرجان ولي العهد للهجن بالطائف    الشهري: التعادل أمام الأهلي إيجابي.. والإرهاق أثر على فاعلية الاتفاق    أحياء على الشاشات أموات في الواقع    الأثر المعرفي والاقتصادي للشهادات الوهمية    المعلمون والمعلمات بين حضوري وتحديات العام الدراسي الجديد    تحميل الركاب وتوصيل الطلبات    موسم الرياض 2027 يستضيف WrestleMania ® 43 الأضخم في تاريخ المصارعة الحرة    والدة الزميل إبراهيم القصادي في ذمة الله    ثقافة العافية الرقمية تهدد الصحة بالهامشية    الرياض الأكثر تبرعا بالدم    بلدية القطيف تنظم ورشة "السلامة المهنية والحماية من الحرائق"    إجتماعاً تنسيقياً لبحث أولويات مشاريع الطرق في حاضرة الدمام    جامعة الإمام عبدالرحمن توقّع مذكرة تفاهم مع الجمعية السعودية للصيدلة الإكلينيكية    150 مستفيدا من مبادرة إشراقة عين بالشقيق    أبحاث أسترالية تؤكد دور تعديل نمط الحياة في خفض معدلات الإصابة بالخرف والزهايمر    مجلس الشورى.. منبر الحكمة وتاريخ مضيء    هبات تورث خصاماً صامتاً    سِيميَائِيَّةُ الأَضْوَاءِ وَتَدَاوُلِيَّتُهَا    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُعيد قدرة المشي لستينية بإجراء جراحة دقيقة لاستبدال مفصلي الركبة    كشف مبكر لمؤشرات ألزهايمر    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الخطاب الملكي يؤكِّد على المبادئ الراسخة لهذه الدولة المباركة    وزير الدفاع لرئيس وزراء قطر: نقف معكم وندين الهجوم الإجرامي السافر    بولندا تدعو لاجتماع عاجل.. أزمة المسيرات تشعل التوتر بين موسكو والناتو    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدوان والسيادة بين الحق والوعي
نشر في الوطن يوم 13 - 09 - 2025

الاعتداء الذي طال «الدوحة»، منتصف الأسبوع الماضي، لم يكن حدثًا عابرًا في سياق صراع طويل، بل شكلًا سافرًا من أشكال انتهاك سيادة الدول، وتجاوزًا لكل ما استقر عليه القانون الدولي والأعراف المرعية بين الشعوب؛ وما صدر عن المملكة العربية السعودية من إدانة حازمة، وتأكيد على الوقوف الكامل مع دولة قطر، يعبّر عن بوصلة قيمية واضحة، تؤكد أن السيادة ليست مجرد مصطلح دبلوماسي، بل حقٌّ أصيل لا يجوز المساس به تحت أي ذريعة.
سيدي ولي العهد الأمين، الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله ورعاه، أجرى اتصالا هاتفيا، بأخيه الشيخ تميم أمير قطر، وأكد له وقوف المملكة التام مع قطر وإدانتها للهجوم الإسرائيلي السافر عليها، وأن المملكة تضع كل إمكاناتها لمساندة ما تتخذه قطر من إجراءات لحماية أمنها والمحافظة على سيادتها، ولم يقف الأمر على الاتصال، بل امتد إلى بيان صريح اللهجة باسم وزارة الخارجية نصه: «تدين المملكة العربية السعودية وتستنكر بأشد العبارات الاعتداء الإسرائيلي الغاشم والانتهاك السافر لسيادة دولة قطر الشقيقة.. وتحذر من العواقب الوخيمة جراء إمعان الاحتلال الإسرائيلي في تعدياته الإجرامية وخروجه الصارخ على مبادئ القانون الدولي وجميع الأعراف الدولية، وتطالب المجتمع الدولي بإدانة هذا الاعتداء الآثم ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية التي تقوض أمن واستقرار المنطقة»، وهذا الموقف السعودي ليس مجرد تفاعل سياسي آنٍ، بل امتداد لنهج راسخ يجعل من العدل أساسًا، والسيادة مبدأً، وحماية الجوار التزامًا، ويعيد إلى الأذهان أن الأمة لا تُقاس بقوتها العسكرية فحسب، بل بقدرتها على تثبيت معايير الحق، وحراسة القيم الجامعة التي تحفظ للإنسان مكانته وللأوطان حرمتها.
البعد الأعمق، في الاعتداء الأخير وما سبقه ومن اعتداءات، أجزم أنه يكاد ينحصر ويتجلى بالدرجة الأولى في تعوّد الجيل الجديد على مشاهد الدم وكأنها طبيعية، وأن تنقلب المعايير حتى يُظن أن الاعتداء لا مفر أو لا بد منه، وعندها تخفو الحساسية تجاه صور الدمار والقتل، وتزداد ثقافة اللا مبالاة إلى النفوس، مما يجعل مسؤولية التربية والوعي في غرس قيمة الكرامة وربطها بالعدل والحق، عظيمة وجليلة؛ وليس البعد التربوي منفصلًا عن الواقع القانوني، فالتربية على احترام الحقوق تبدأ من غرس قيمة السيادة نفسها، فحين يرى الناشئة أن انتهاك حدود الدول أصبح أمرًا مألوفًا، فإن معنى «الحرمة» يتلاشى من عقولهم، ويحل محله منطق القوة وحده، مما يستوجب استحضار المبدأ القرآني الجليل: ﴿وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾، باعتباره تأسيسا لوعي حضاري يعيد ضبط العلاقة بين الدول على ميزان الحق لا ميزان السلاح.
أختم بأن البيانات الرسمية السعودية الصريحة، وما تبعته من مواقف عربية، أعادت ضبط اللغة على معيارها الصحيح، من حيث تسمية العدوان باسمه، والتحذير من جرائمه، وإبراز التضامن باعتباره واجبًا أخلاقيًا قبل أن يكون موقفًا سياسيًا، وما جرى في «الدوحة» ليس شأنًا قطريًا فحسب، بل رسالة إلى المنطقة والعالم، ولفت نظر إلى أنه إذا لم تُصن حرمة المدن الآمنة، فماذا يبقى من معنى السيادة الدولية؟، ومن يضمن غدًا ألا تمتد يد العدوان إلى بلدان أخرى؟، لا سيما وقد ثبت أن التساهل في حماية حقٍ مشروع مهدد لمنظومة الأمن والأمان بأكملها، وهذا هو الذي يجب أن تقوم به الأصوات الحرة والأقلام الصادقة؛ فهي دروع في معركة الوعي وإعادة الضمير الغائب للعالم، وفي النهاية ستبقى سنّة الله تعالى ماضية: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾، فمهما تعاظم الباطل فمآله إلى اضمحلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.