قاضية أمريكية تمنع مؤقتا إدارة ترامب من نشر الحرس الوطني في بورتلاند    «الرياض» تستعرض التجارب العالمية في التمويل العقاري    توازن السوق العقاري    معرض الصقور.. يجذب الأنظار    بدء انتخابات مجلس النواب المصري 7 نوفمبر المقبل    كارينيو: الهلال يستطيع اللعب في أي دوري عالمي    «أخضر الناشئات» يستعد في الدمام    فيريرا: فيليكس يلعب بثقة    المرور: السير ببطء مخالفة    الوفاء لأهل العطاء    «الدراسات العسكرية» إضافة تثري القارئ عبر «الرياض»    "الإنتربول السعودي" يشارك ضمن جناح وزارة الداخلية في "معرض الصقور'    ربع مليون ريال.. بيع صقرين من منغوليا لأول مرة في معرض الصقور    رئيس إنستغرام ينفي التجسس على«الهواتف»    بهدف تطوير ورفع كفاءة منظومة العمل بالعاصمة.. إطلاق برنامج «تحول الرياض البلدي»    تحديثات جوهرية بخصوص شروط التقديم.. تعديل اللائحة التنفيذية لتنظيم الدعم السكني    اليوم.. آل الشيخ يكشف تفاصيل موسم الرياض 2025    قمة الدوري الفرنسي تجمع باريس وليل    الأخضر يكثف تحضيراته لمواجهة نظيره الإندونيسي    إنزاغي والهلال.. حين يتحول النقد إلى سطحية    «سكوتر» الدوريات يلفت الأنظار بمعرض الصقور    1568 مرشحاً يتنافسون على 140 مقعداً.. انطلاق الانتخابات البرلمانية في المحافظات السورية    الدوسري يحتفل بزواج جمعان    مجاهد يستقبل نهى    والدة الشنقيطي في ذمة الله    نماء الأهلية تحتفي باليوم الوطني    غوتيريش: الفرصة سانحة لوضع حد للمأساة الإنسانية في غزة.. ترحيب دولي واسع بموافقة حماس على خطة ترمب    أكد أن مشروعه يركز على إعادة البناء.. رئيس الوزراء اللبناني: درء الفتنة يبدأ بتطبيق القانون والمساواة أمام الدولة    الجاسر يشارك في الغردقة السينمائي    وسم الثقافي يكرم البازعي وآل سليمان    ركن لمنتقيات الصحف الورقية ب«كتاب الرياض»    وزير الأوقاف السوري يزور مجمع طباعة المصحف    افتتاح مقبرة فرعونية بعد 226 عاما    تحديث أنظمة Windows 11    غفوة سائق تقتل 4 ركاب    منع سلاف فواخرجي يجدد الجدل    شاهين فرخ    إعادة تصميم وخياطة البخنق الحساوي يدويا    العنقري يشارك في اجتماع مجلس إدارة المعهد الدولي للمراجعين الداخليين في السلفادور    خطيب المسجد الحرام: تجديد الإيمان يزكّي النفوس    توابل شهيرة تقلل فعالية الأدوية    الأخضر يرفع استعداده لمواجهة إندونيسيا في ملحق المونديال    ابن عيّاف يطلق برنامج «تحوّل الرياض البلدي»    أمير القصيم يتفقد مستشفى الملك سلمان    "التخصصي" المدينة ينجح في زراعة الخلايا الجذعية    أنت الأفضل    القبض على (3) إثيوبيين لتهريبهم (280) كجم "قات" في جازان    وزير الأوقاف السوري ينوه بجهود المملكة في خدمة القرآن الكريم    ترحيل 11544 مخالفا خلال أسبوع    بلدية ضرية تحتفي باليوم الوطني 95 بفعاليات وطنية منوعة    419 شخصا الحصيلة الأسبوعية لمخالفي نشاط نقل الركاب    تدشين مشروع بصيرة ب 150 عملية مياه بيضاء في صبيا    900 شركة ناشئة من 70 دولة في بيبان 2025    العمل رسالة وأمانة    ابدأ يومك بهذه الكلمات    قواعد بسيطة تحمي قلبك    اللجنة المنظمة لدورة ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025 تطلق شعار "أمة واحدة"    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025 يقدّم "السفاري"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيد الفرو
نشر في الحياة يوم 03 - 09 - 2013

تباهى أحد الكباش أمام عياله الصغار بقرنيه وأظلافه الصلبة المعقوفة، وراح يحدثهم عن الخطوب التي قارعها في حياته خصوصاً مع الذئاب، ثم انهال عليهم بالأسئلة التي يحتفظ وحده بأجوبتها:
الأب: أولادي الصغار، لماذا يجبن الذئب من مهاجمة الكبش من الأمام؟
الأطفال: لا ندري يا أبانا، الصغار لا يعرفون شيئاً.
الأب: لأنه يخشى أن ينطحه بقرنيه القويتين فيقتله.
الأطفال: ما معنى ينطحه يا أبانا الأقرن؟
الأب: أي يضربه بمقدمة رأسه.
الأطفال: فهمنا، فهمنا.
الأب: لماذا يخشى الذئب مهاجمة الكبش من أسفله؟
الأطفال: لا نعلم يا أبانا الأقرن، الصغار لا يعلمون شيئاً.
الأب: لأنه يعلم أنه سيقتله بأظلافه الصلبة لو تجرأ على هذا الفعل.
الأطفال: إذاً، لا بد أن تكون أظلافنا صلبة لنقتل بها الذئب إن هاجمنا من أسفل.
الأب: لا بد من ذلك يا صغاري. أتعلمون من أين يهاجم الذئب الخراف؟
الأطفال: أنى لنا أن نعلم بذلك يا أبانا الأقرن، الصغار لا يعرفون شيئاً.
الأب: يهاجمها من الخلف دائماً، أتدرون لماذا؟
الأطفال: كلا، لماذا يا أبانا العظيم؟
الأب: لأنه غدار، لأنه حيوان جبل على الغدر واللؤم، ولو كان شجاعاً، كما يدعي، لقابلنا وجهاً لوجه. الأطفال بصوت واحد: غدار، غدار.
الأب: غداً، عندما يظهر أمامنا أي ذئب سأريكم كيف تدافعون عن أنفسكم، فقط انتظروا، تعلموا مني كل شيء قبل أن تكبروا.
الأطفال: ولكن ما معنى ذئب يا أبانا الأقرن؟
شعر الأب بالحرج والخوف لما سمع هذا السؤال الغريب. أيعقل أن يحدّث أطفاله الصغار عن العدو الأول للقطيع في الصحراء، فيما هم يجهلونه تماماً، بل لم يروا في حياتهم الصغيرة ما يدل على أن هذا الحيوان القاتل موجود معهم في البراري.
لو حدث ذلك، فمن المحتمل أن يحسبوه واحداً من القطيع فيرتع بعضهم بالقرب منه أو كلهم، وفي هذه الحال ستكون نهايتهم حتمية. لقد ربى فيهم الخوف من شيء لم يروه ولم يواجهوه من قبل.
علم أنه أخطأ في هذا الأمر، فهو ذاته لم يخف من الذئب إلا عندما رآه مراراً يهاجم القطيع ويفترس القصي منه، وكان خوفه على هذه الصفة سبباً في يقظته الدائمة، وكان سبباً في تأهبه المتواصل للركض حالما يشم رائحته أو يباغت بوجوده قريباً من المرعى.
وبينه وبين نفسه، أرخى قرنيه إلى الأرض، وأغمض عينيه من فرط الخجل، فيما أولاده من حوله تتثاغى فيهم الأسئلة التي تجهل حتى نفسها، يجب أن يعترف بأنه كبش تافه لا قيمة له على هذه الصورة التي يتباهى بها أمام أولاده.
متى كان الكبش نداً للذئب في أي وقت؟ لقد حاول في الماضي، ولمرة واحدة، أن يواجهه بقرنيه لكنه لم يستطع تثبيت أظلافه على الأرض، فقد كان جسده كله يرتجف رغماً عنه، وكانت رائحته الوحشية الحادة تحرق أنفه، ولما كاد أن يتلف سمعه بهريره المتوعد لوى رأسه وفر هارباً. يجب أن يعترف لأولاده بأن الذئب حين يهاجم واحداً من القطيع فإنه يطبق فكيه على حلقه أسرع مما تتخيل الفريسة، وأن القرون مهما كبرت وصلبت ليس بمقدورها إيذاء جسمه الرشيق البارع في تحاشي الضربات والنطحات. غير أن اعترافه على هذا النحو المخزي لا ريب سيحطم صورته أمام أولاده الصغار، وسيدمر في عيونهم مرآه الضخم الذي طالما أحسوا في وجوده بالأمان والثقة والطمأنينة.
لا شك أن صغاره يحتفظون له في أعماقهم بأنه أعظم حامي لهم في القطيع برمته، وأنه أكبر مدافع عنهم في الصحراء كلها، وعندما يكتشفون أنه ليس إلا وهماً في حياتهم فإن الأثر المترتب على هذا الاكتشاف سيكون ماحقاً لوجودهم ذاته. وستنتهي أسطورته إلى الأبد، وعندما يموت لأي سبب فإن فكرة البكاء عليه ستكون مثيرة للضحك، كما كانت حياته على هذا الأساس مثيرة للضحك أيضاً. إذاً، لا مفر من بقاء الأمور كما هي. على الزعم ذاته الذي طالما ردده أمامهم: يخشى الذئب مواجهة الكبش خوفاً من قرنيه، ويتجنب مهاجمته من أسفل فرقاً من أظلافه، وأنه يوماً ما، كما وعدهم، سيعلمهم كيف يقتل ذئباً على هذا النحو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.