فوجئ علي الظالمي عندما خرج من منزله صباحاً بعبارة «المنزل مطلوب عشائرياً لا يباع ولا يؤجر» وقد خُطت على الحائط، ولم يكن يتوقع أن العشيرة التي تطالب عائلته بدفع دية عن مقتل ابنها في مشاجرة مع أحد أقاربه ستتخذ هذا الإجراء لفرض إقامة جبرية عليه ومنعه من بيع منزله والهروب إلى محافظات أخرى أثناء المهلة المعطاة له لتلبية مطالب الخصم. وقال نائب رئيس مجلس عشائر التحرر والبناء الشيخ محمد الزيداوي ل «الحياة»، إن «العشيرة صاحبة الحق تمنع صاحب العقار (المدان عشائرياً) من التحرك بعيداً من أعينها إذا فكر في بيع بيته أو تأجيره إلى مواطن آخر». وأضاف أن «القانون والجهات الأمنية تعتبر هذه الظاهرة غير قانونية، إلا أنها لا تحاول منع العشائر من التصرف بهذه الطريقة، لأن القضاء العشائري أقوى من أن تسيطر عليه الدولة أو تمنع ضوابطه». وتابع أن»هذه العبارات تكتب على عقارات المدان، وتحديداً المطالَب بدفع دية عن قتل أحد أفراد العشيرة، وهي طريقة فعالة لحصر المذنب في زاوية ضيقة وتلبية مطالب ذوي المقتول. أما في حال كانت القضية بعيدة من القتل، كأن تكون مسالة ديون أو مشاجرات، فغالباً يتم حلها بعيداً من هذه الطريقة». وزاد أن «الناس تتخوف بالفعل من أن تشتري أو تؤجر بيتاً كتبت عليه هذه العبارة، فتتجنب الدخول في مشاكل مع أصحاب الدم، ولكن بعد أن تتم تصفية الحساب بالكامل يقوم أصحاب العقار بإزالة المكتوب وعرض البيت للبيع إذا كان الحكم العشائري يقتضي إجلاء ذوي القاتل، بالإضافة إلى دفع الدية». عبد الرحيم الموسوي صاحب مكتب لبيع العقارات وتأجيرها، قال: «حدث معي الكثير من المشاكل مع بعض العشائر التي تطالبني بشطب أحد البيوت أو المحلات من قائمة العقارات المعروضة للبيع أو الإيجار بعد أن تبلغني بأنها عشيرة ذوي المقتول، وبعد التأكد من صاحب العقار يتبين فعلاً أنه فكر بالهروب بعد بيع منزله». وأضاف: «في حال عرض أحد الأشخاص بيته لدي أذهب إلى المنزل المعروض ليس للتأكد من سلامته الإنشائية فقط، بل من سلامته العشائرية أيضاً، إذا صح التعبير». وأوضح: «غالباً ما تعمد هذه العشيرة بعد معرفة نيات ذوي القاتل إلى كتابة عبارات تحذيرية على جدران المنزل أو الدكان لكل من يرغب بالشراء، من أنه سيواجه الكثير من المتاعب». ويلجأ الأهالي في معظم المدن العراقية إلى العشائر بدلاً من الدولة، لأن العشيرة «تسترد الحقوق أسرع من الإجراءات الروتينية للدوائر القضائية، فضلاً عن الخوف من أن يكون الحكم القضائي غير منصف لذوي القتيل في حال تم دفع الرشاوى لبعض القائمين على دوائر الدولة». وقال مختار حي النصر في محافظة البصرة سعد محمد: «في منطقتي أشاهد مثل هذه العبارات على بعض العقارات، فالعشائر لها قانونها الذي لا أستطيع فعل شيء إزاءه». وأضاف: «أنا أيضاً لي عشيرة، وفي حال التعرض لمن كتبوا هذه العبارات على بعض المنازل في منطقتي، فإن عشيرتي ستستقبل التهديدات من الجهات التي تحاول إجبار ابن منطقتي على تلبية مطالبها».