تساءل الناقد السعودي الدكتور عبدالله الغذامي لماذا النقد، وهل هو بديل فعلي عن النقد الأدبي، وهل في النقد الأدبي ما يعيبه أو ينقصه كي نبحث له عن بديل؟ واضاف الغذامي في محاضرة ألقاها في عمان ضمن "حوار الشهر" الذي تنظمه مؤسسة عبدالحميد شومان، بعنوان"رؤية في النقد والفلسفة": "إذا كان الرابط بين النظرية النقدية وبين الفلسفة أزليا، فإننا هنا أمام منشط تذوقي بلاغي خال من تعقيدات الفلسفة وهرطقاتها". ولفت صاحب "المرأة واللغة"، إلى أن النقد الادبي "يكاد يكون العلم الأكثر امتداداً والأعمق تجربة في الثقافة العربية. ولا شك في انه هو العلم الذي حقق لنفسه استقلالاً نوعياً عن المؤثرات السلطوية". وأوضح استاذ النقد والنظرية في جامعة الملك سعود في الرياض، الالتباسات المتصلة بتلك الأسئلة، لافتاً إلى التأثير الذي تخلفه هذه الانساق المضمرة. وركز بصورة محددة على مفهوم الشعرنة الذي كان أوضحه في كتابه الأخير "النقد الثقافي" الصادر عن "المركز الثقافي العربي" في بيروت والمغرب، وهو مصطلح "يشير إلى مجموع السمات التي انتقلت من كونها الجمالي الخالص إلى كون حضاري ثقافي"، فضلاً عن أنها "سمات تصبغ سلوكنا الثقافي وتتحكم في خطاباتنا الأخرى الفني منها والفكري، وكذا المسلكي". ومضى الناقد السعودي يقول أن "قيماً مثل المجاز، وكون القول منفصلاً عن الفعل، وتقبل الكذب، والاستئناس بالمبالغة، والطرب البليغ، كل هذه قيم شعرية ولا شك، لكنها تحولت مع الزمن لتكون قيما ذهنية ومسلكية في ثقافتنا كلها، حتى صرنا كائنات مجازية". وأوضح: "تشعرنت نظرتنا إلى انفسنا، وإلى العالم من حولنا، مثلما تشعرنت قيمنا، وتشعرنت ذواتنا، ويضاف إلى ذلك ويتلازم معه صورة الفحل الذي هو صياغة شعرية الأصل، ولكنه تحول ليكون نموذجاً ذهنياً اجتماعياً وسياسياً، ولم يعد مجرد قيمة مجازية شعرية". وناقش الغذامي في آرائه كل من الدكتور شكري ماضي والدكتور ابراهيم خليل، فيما ادار اللقاء الدكتور يوسف بكار. يذكر أن الغذامي حاز في العام 1999 جائزة سلطان العويس الثقافية في الدراسات النقدية، وأبرز مؤلفاته: "المرأة واللغة" و"الكتابة ضد الكتابة".