أمير المدينة يرعى حفل تخريج الدفعة ال 60 من طلاب الجامعة الإسلامية    أمير الرياض يرعى حفل تخريج الدفعة ال 68 من طلبة «جامعة الإمام»    اللجنة الأولمبية الدولية تستعين بالذكاء الاصطناعي لحماية الرياضيين من الإساءات خلال الأولمبياد    البنتاغون: الولايات المتحدة أنجزت بناء الميناء العائم قبالة غزة    تحقيقات مصرية موسعة في مقتل رجل أعمال إسرائيلي بالإسكندرية    الهلال يطلب التتويج في «المملكة أرينا»    الأول بارك يحتضن مواجهة الأخضر أمام الأردن    بونو: لن نكتفي بنقطة.. سنفوز بالمباريات المتبقية    اختتام دور المجموعات للدوري السعودي الممتاز لكرة قدم الصالات في "الخبر"    أمير الشرقية يهنئ القادسية بالصعود لدوري روشن    أمير جازان يخصص الجلسة الأسبوعية لاستعراض مؤشرات ومنجزات التعليم    بدر الحروف    الإطاحة بثلاثة مروجين للمخدرات    تنظيم لهيئة الصحة العامة وتحويل مؤسسة تحلية المياه إلى هيئة    «سعود الطبية»: زيادة إصابات «الكفة المدورة» مع تقدم العمر    آل شلبي يتلقون التعازي في فقيدهم    مروة محمد: نحن مقبلون على مجد سينمائي    علي عبدالكريم: عبقرية «البدر» في تكوين مشروع الثقافة والفنون    الفوائد الخمس لقول لا    أمطار الشتاء تحوّل حائل إلى واحة خضراء    استعراض الأمن السيبراني السعودي أمام العالم    الاحتلال يتجاهل التحذيرات ويسيطر على معبر رفح    البحث عن المفقودين في ركام مبنى مميت جنوب أفريقيا    "ذهبية" لطالب سعودي لاختراع تبريد بطاريات الليثيوم    10 آلاف ريال عقوبة الحج دون تصريح    14.4 مليار ريال إنفاق نقاط البيع بأسبوع    بدء التسجيل ب"زمالة الأطباء" في 4 دول أوروبية    الحوار الإستراتيجي الثاني للتنمية والمساعدات الإنسانية بين المملكة وبريطانيا يختتم أعماله    بوتين يؤدي اليمين الدستورية لقيادة روسيا لمدة خامسة في مراسم بموسكو    الخارجية: المملكة تدين اعتداء مستوطنين إسرائيليين على قافلة مساعدات متوجهة لغزة    29 ألف م3 مخلفات بناء برفحاء    سلمان للإغاثة يواصل مساعدة سكان قطاع غزة    إمهال المدن الترفيهية حتى 31 يوليو لتصحيح أوضاعها    الآسيوي يوقف لابورت ويحيى وكانتي وحمدالله    أمير تبوك يستقبل مدير الخدمات الصحية بوزارة الدفاع    مالكوم ينثر سحره مع الهلال    انطلاق أعمال مؤتمر المنظمة الدولية للدفاع المدني 2024 بالرياض    مطار الملك خالد الدولي يدشّن مسارا جويا مباشرا إلى بكين بواقع 3 رحلات أسبوعية    أمير الرياض يقلد مدير جوازات المنطقة رتبته الجديدة    4.7 ألف طالب ينضمون ل"فصول موهبة"    إطلاق خدمة "أجير الحج" للعمل الموسمي    الريال وبايرن ميونيخ.. صراع التأهل لنهائي الأبطال    العُلا تنعش سوق السفر العربي بشراكات وإعلانات    تطوير المدينة تستعرض مواقع التاريخ الإسلامي في معرض سوق السفر 2024    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    ولي العهد يعزي رئيس الامارات بوفاة الشيخ طحنون    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    لصان يسرقان مجوهرات امرأة بالتنويم المغناطيسي    مؤتمر لمجمع الملك سلمان في كوريا حول «العربية وآدابها»    استقبل أمين عام مجلس جازان.. أمير تبوك: المرأة السعودية شاركت في دفع عجلة التنمية    هل تتلاشى فعالية لقاح الحصبة ؟    اختتام "ميدياثون الحج والعمرة" وتكريم المشروعات الفائزة والجهات الشريكة    اكتشاف الرابط بين النظام الغذائي والسرطان    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم السيامي الفلبيني «أكيزا وعائشة» إلى الرياض    هيئة الأمر بالمعروف بنجران تفعّل حملة "الدين يسر" التوعوية    في نقد التدين والمتدين: التدين الحقيقي    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اريتريا المستقلة الى أين وأية علاقات ستقيمها مع السودان واثيوبيا ؟
نشر في الحياة يوم 17 - 05 - 1993

الى أين تتجه اريتريا المستقلة الآن؟ اية سياسة ستتبعها تجاه الدول العربية عموماً وتجاه اسرائيل وعدد من الدول المجاورة، وخصوصاً اثيوبيا والسودان؟
يبدو واضحاً، قبل كل شيء، من خلال ما سمعته من بعض المسؤولين في اسمرا، ان القيادة السياسية الاريترية "ليست متحمسة حتى الآن" للتقدم بطلب انضمام اريتريا الى عضوية الجامعة العربية، على رغم انها طلبت الانضمام الى عضوية منظمة الوحدة الافريقية وتنوي الانضمام الى عضوية الامم المتحدة؟
رئيس وفد الجامعة العربية الذي شارك في الاستفتاء الاريتري الدكتور محمد عبدالوهاب الساكت قال لپ"الوسط" ان الحديث عن ان الدول العربية لم تدعم اريتريا في الماضي هو افكار قديمة تخطاها العصر في ظل النظام الدولي الجديد الذي يفترض التعاون بين دول كل منطقة في ظل انخفاض المعونات الدولية وان هناك ثوابت لا يمكن تجاهلها في العلاقات العربية الاريترية، منها الجوار المشترك وعلاقات التجارة عبر البحر الاحمر مع المملكة العربية السعودية واليمن ومصر والسودان، بالاضافة الى حقيقة ان نصف سكان اريتريا الاكثر من مليون هم في دول عربية ويحولون مدخرات مالية كبيرة سنوياً الى بلادهم بالاضافة الى اللغة العربية كوشيجة مهمة ووجود الخبرات التي تحتاجها اريتريا في الغرب". واضاف: "اننا نتوقع ان يشارك رئيس الحكومة الاريترية في اجتماع الجامعة العربية المقبل في القاهرة في حزيران يونيو. ونفى الساكت ان تكون مشاركة الجامعة العربية في الاستفتاء بوفد صغير، وقال ان الجامعة كمنظمة للدول العربية تشكل 50 في المئة من المراقبين في الاستفتاء وفي التمثيل الديبلوماسي داخل اريتريا، واشار الى ان رئيس الحكومة الاريترية افورقي عبر له اثناء لقائه به، عن امله في ان يرى اريتريا ممثلة في الجامعة.
حديث رئيس الحكومة الموقتة اساياس افورقي في اريتريا عن انه لا يستبعد قيام اتحاد كونفيديرالي بين اريتريا واثيوبيا يكون نواة لتكامل اقليمي حسب ما قاله لپ"الوسط" جاء بمثابة مفاجأة للمراقبين، باعتبار ان البلدين دخلا في حرب مريرة استغرقت ثلاثين عاماً وما زالت اجهزة الاعلام في اسمرا تعرض مشاهد المذابح والفضائح التي تقول ان "العدو الاثيوبي" ارتكبها في اريتريا.
"الوسط" التقت وزير الاعلام الاثيوبي الدكتور نقاسو قيدادا وسألته عن تأثير استقلال اريتريا عن اثيوبيا بقومياتها المتعددة والعلاقات الجديدة بين البلدين ومع العالم العربي واسرائيل، فقال: "ان اثيوبيا ايدت حق تقرير المصير لاريتريا ولا تتوقع ان يكون له اي اثر سلبي على القوميات الاخرى في اثيوبيا والتي منحت حق تقرير المصير في مؤتمر دستوري". وقال: "ان العلاقات والتعاون الاقتصادي بين البلدين ستكون اقوى من السابق، واما العلاقات مع اسرائيل فستكون مثل علاقات اثيوبيا مع كل الدول، تقوم على التعايش السلمي". واعرب عن رأيه ان اثيوبيا لن تتأثر بعد ان اصبحت دولة من دون منفذ استراتيجي على البحر اثر استقلال اريتريا، واشار الى ان علاقات بلاده مع العالم العربي والذي ظلت تتهمه بدعم الثورة الاريترية جيدة وتستمر كذلك ما دامت ملتزمة بالسلام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وكانت وجهت اتهامات للحكومة الاثيوبية بالسماح لاسرائيل ببناء مطار عسكري في منطقة نقفة الا ان الحكومة نفت صحة ذلك.
العلاقات مع السودان
العلاقات الاريترية - السودانية ظلت تتسم بطابع الخصوصية، باعتبار ان السودان يأوي نصف مليون لاجئ اريتري يزيدون وينقصون منذ الستينات، وظل معبراً للدعم العربي لاريتريا، وعلى رغم ان رئاسة الحكومة الاريترية قامت اخيراً بمحاولة ارضاء السودانيين، الا ان هذه العلاقات تأثرت اخيراً عبر اتهامات اريترية وجهها وزير الخارجية الاريتري الى دولة عربية مجاورة بمحاولة زعزعة الاستقرار في اريتريا والقرن الافريقي، ومطالبتها بالكف عن ذلك، كما اثيرت اتهامات بمشاركة قوات سودانية في القتال عبر الحدود بين قوات الحكومة الاثيوبية وحركة الجهاد الاسلامي الاريترية.
"الوسط" سألت نائب الرئيس السوداني اللواء الركن الزبير محمد صالح لدى زيارته الاخيرة لاسمرا لافتتاح سفارة السودان كأول سفارة اجنبية في اريتريا، عن حقيقة اتهامات بعض المسؤولين الاريتريين للحكومة السودانية بغض الطرف عن انشطة منظمة الجهاد الاسلامي الاريترية عبر الحدود بين البلدين، فقال: "ربما تكون هناك انفلاتات امنية بسيطة على الحدود تؤثر سلباً على علاقات البلدين ولكننا نعمل باتجاه تحجيمها والحد منها".
كما اوضح سفير السودان في اسمرا السيد جعفر حسن صالح لپ"الوسط" انه تم تكوين لجان مشتركة بين البلدين لمعالجة كل المسائل، ومنها الجانب الامني، وقال "ان هناك صراعات على الحدود بين بعض الفصائل الاريترية نفسها تسبب مشاكل للبلدين".
اللاجئون الاريتريون في السودان وعددهم نصف مليون لاجئ، تعثرت عودتهم بعد رفض الامم المتحدة تمويل خطة الحكومة الاريترية لاعادتهم وتوفير العمل والاغاثة لهم والتي تكلف اكثر من 250 مليون دولار. ولكن بدأ انفراج نسبي في الموقف بعد قرار الامم المتحدة بدخول عدد من منظماتها ووكالاتها المتخصصة مع المفوضية السامية للاجئين للمشاركة في الخطة.
مفوض اللاجئين في السودان الذي زار اسمرا اخيراً مع نائب الرئيس السوداني العميد عبدالرحمن سر الختم اوضح لپ"لوسط" ان مباحثات عودة اللاجئين الاريتريين من السودان الى بلادهم كانت توقفت لفترة ثم استؤنفت في الشهر الماضي في جنيف مع المفوضية السامية للاجئين وتقرر ان تتم في ايار مايو اجراءات تقييم برنامج الحكومة الاريترية بواسطة المفوضية ووكالات الامم المتحدة المعنية بالشؤون الانسانية، ويعقب ذلك اجراء محادثات ثلاثية بين السودان واريتريا والمفوضية لوضع اتفاق ثلاثي لتنظيم عملية العودة الطوعية.
ولكن العميد سر الختم اعرب لپ"الوسط" عن اعتقاده بأن تستغرق عملية العودة الطوعية فترة طويلة، وان هناك شكوكاً حول مدى نجاح مشاركة وكالات الامم المتحدة الاخرى، غير المفوضية السامية، في برنامج العودة، باعتبار ان الاخيرة لها في مثل هذا العمل الذي يعتبر تجربة تطبق للمرة الاولى في الامم المتحدة.
المعارضة في الخارج
على الصعيد الداخلي، شكلت اربع منظمات اريترية معارضة في ايلول سبتمبر الماضي تحالفاً باسم "الميثاق الوطني" تتهم بعضها الحكومة بترجيح كفة التيغراي في السلطة. ويلاحظ انه على رغم تحرير اريتريا منذ ايار مايو 1991 الا ان عدداً من الفصائل الاريترية المعارضة للجبهة الشعبية الحاكمة ظل في الخارج.
وقال محمد سعيد ناوود احد مؤسسي حركة تحرير اريتريا في 1958 في السودان حيث كان عضواً في الحزب الشيوعي السوداني في تصريح لپ"الوسط" ان المعارضة الاريترية في الخارج تشمل حالياً حركة "الجهاد الاسلامي" برئاسة الامير عرفة، وجبهة التحرير الاريترية "المجلس الثوري" برئاسة احمد ناصر، وجبهة التحرير برئاسة عبدالله ادريس وجبهة تحرير اريتريا القيادة المركزية برئاسة تولدي برهان قبروسلاسي، والحركة الديموقراطية لتحرير اريتريا برئاسة قبري برهان زرىء.
واوضح ناوود ان هؤلاء يربطون عودتهم بمفاوضات مع الجبهة الشعبية حول المشاركة في الحكم، وحول امكان استمرار انفراد الجبهة الشعبية بالحكم قال "ان ذلك ممكن لكنها ستواجه مشاكل، وانا لمست عبر مناقشات مع قادتها انهم مستعدون للحوار حول توسيع قاعدة الحكم"، واضاف ناوود الذي عاد الى البلاد بعد اقامة طويلة في الخارج، انه زار اسمرا في كانون الاول ديسمبر الماضي، بعد ان عاد الى البلاد معظم قيادات التنظيم الموحد لجبهة التحرير الاريترية والذي شغل هو رئاسته لبعض الوقت، حيث التقى بقيادات الجبهة الشعبية، وقال انه بحث معهم موضوع مشاركة المعارضة في الحكم والديموقراطية والدستور الجديد حيث تم التوصل الى اتفاق مبدئي "قمت على اثره بجولات في السودان ومصر وسورية للقاء زعماء الجبهات المعارضة للمشاركة في الاستفتاء والعودة الى البلاد حيث قالوا انهم سيدرسون هذا الامر مع قواعدهم".
وأوضح ناوود انه التقى خلال جولته بزعماء حركة الجهاد الاسلامي المعارضة للحكومة الذين قالوا له ان "حقوق المسلمين في اريتريا مهضومة"، فدعاهم الى مراجعة موقفهم باعتبار ان تطبيق الشريعة الاسلامية في بلد متعدد الاديان مثل اريتريا امر صعب، وكذلك الاستيلاء على السلطة، واضاف ناوود ان الحركة اوضحت انها ستعقد مؤتمراً قريباً لمناقشة الوضع والتوجهات المستقبلية.
وعلى رغم ان الجبهة الشعبية الحاكمة انهت معظم ارتباطاتها الماركسية قبل انهيار المعسكر الشرقي، حسبما تقول، ووعدت بمنح المسلمين حقوقهم الدينية التي ظلت ممنوعة خلال حكم نظام منغستو، الا ان بعض زعماء المسلمين الاريتريين يرون ان الحكومة "تحارب اللغة العربية والثقافة الاسلامية وان المسيحيين في البلاد يسيطرون على الجيش والنشاط الاقتصادي وان عطلة الجمعة ما زالت ممنوعة للمسلمين والعطلة هي الاحد".
وترد الحكومة على ذلك بالقول انها اعطت المسلمين حقاً ظل محجوباً عنهم حوالي ربع قرن وذلك بتعيين مفتنٍ للشؤون الاسلامية هو الشيخ الامين عثمان، بعد ان ظل منصب المفتي خالياً منذ وفاة المفتي السابق الشيخ المختار احمد نور الذي عينته ايطاليا في الاربعينات وتوفي في الستينات ورفضت اثيوبيا طلب المسلمين بتعيين خلف له.
ويرجح بعض المصادر ان تحد الجبهة الشعبية من سيطرتها حتى تسقط مبرر وجود الجبهات المعارضة لها.
وزير الاعلام الاريتري الامين محمد سعيد عضو الجبهة الشعبية اصدر اخيراً كتاباً بعنوان "الثورة الاريترية - قصة الانشقاقات الداخلية" قال فيه ان هذه الانشقاقات التي ادت الى عدم تحقيق الوحدة الوطنية والتي بلغت منذ قيام جبهة تحرير اريتريا عام 1961 بين 15 - 18 انشقاقاً نتجت عن اسباب عدة منها عجز قادة معظم الفصائل الاريترية عن تفهم واقع القضية الاريترية ورهنهم قرارهم للقوى الخارجية وتضخيم حجم قدراتهم العسكرية لجلب المساعدات الخارجية الى جانب القيام بدور السمسار او الوسيط مع الجبهات الداعمة للثورة الاريترية والحصول على رشاوى وعمولات مقابل ذلك من الخارج. واستعرض الكتاب الصراع بين الفصائل والذي ادى الى تصفية حركة تحرير اريتريا رائدة الكفاح في 1965 من قبل جبهة تحرير اريتريا، والخلافات في اواسط جبهة تحرير اريتريا بفصائلها المتعددة والوساطات العربية للصلح، وحل الازمات والتي واكبت تفرغ اثيوبيا للجبهة الاريتريا في 1978 بعد انتصارها في الاوغادين على الصومال بدعم من حلفائها الروس والكوريين مما ادى الى استرداد الاثيوبيين لمعظم المدن التي حررها الاريتريون. واتهم الوزير الاريتري في الكتاب عدداً من الجبهات بالتعامل سراً مع الاثيوبيين على رغم اتهامها للجبهة الشعبية بالمثل، وقال ان هذه الخلافات ادت الى اطالة امد التحرير في اكبر حرب منسية في افريقيا استمرت ثلاثين عاماً.
وقال وزير الاعلام الاريتري ان خلافاً وقع بين الجبهات، حول اولوية التركيز على عروبة اريتريا او على اسلاميتها او على وطنيتها حيث حاولت فصائل، مثل "اللجنة الثورية"، تطبيق تجربة منظمة التحرير الفلسطينية على رغم اختلاف واقع الثورتين من حيث وجود التنظيمات والتيارات الايديولوجية المتعارضة وكون ان الثورة الاريترية تحارب انطلاقاً من ارضها وليس من خارجها، مثل المنظمة الفسلطينية. وعزا ظهور تنظيمات اسلامية اصولية في اريتريا، مثل الجبهة الاسلامية الاريترية في 1975 وحركة الرواد الاريتريين في 1981، الى طرح يقول "ان الاسلام هو المخرج الوحيد من مأزق الشيوعية والعلمانية".
ويضيف الامين محمد سعيد ان الجبهة الشعبية ظلت اقوى الجبهات، وهي التي حققت التحرير وانها لا تريد الهيمنة على الحكم في المرحلة المقبلة، وان استمرار وجود جبهات التحرير السابقة اصبح غير مبرر.
الجيش والاسلحة
الجيش الاريتري البالغ عدد 110 الف جندي اصبح جيشاً قوياً بفضل الاسلحة الهائلة التي غنمها من الاثيوبيين وهي تمثل ترسانة ضخمة من الاسلحة الروسية وغيرها، وعلى طول الطريق من اسمرا الى ميناء عصب وكرن وغيرها تتناثر آلاف المعدات والدبابات والآليات المدمرة التي تذكر بحرب العقود الثلاثة. والسؤال الذي يبرز الآن هو ما مصير هذه الاسلحة بعد الحديث عن تسريح الجيش وقلق بعض البلدان المجاورة من احتمالات المستقبل والتوسع؟
ومن المؤكد ان هذه الاسلحة تحتاج الى تجديد وقطع غيار في المستقبل مما قد يحتم استمرار التعاون مع السوفيات في حالة عدم ايجاد مصادر تسليح جديدة.
مسؤول كبير بوزارة الدفاع في اسمرا قال لپ"الوسط" "صحيح ان جيشنا يعتبر من اقوى الجيوش في افريقيا السوداء وله خبرة قتالية طويلة ولكننا قررنا تسريح حوالي 70 في المئة منه، اما السلاح الكبير الذي غنمناه من العدو فقد حصلنا عليه من دون وجود علاقات مباشرة لنا او اتصالات مع السوفيات او الاميركان على عكس ما يحدث لحركات التحرير عادة، ومتاح لنا حالياً استخدام هذه الاسلحة مرة اخرى او تحديثها او شراء غيرها وسوق السلاح العالمي مفتوح لنا ونملك من الموارد ما يسمح لنا بالشراء وفق قدراتنا".
وحول حجم السلاح الذي غنمه الاريتريون من الاثيوبيين قال المسؤول الاريتري: "ان هذا يظل سراً ولكن يمكن تخيل حجمه اذا ما حللنا ما قاله الرئيس الاثيوبي ملس زناوي اخيراً من ان ديون بلاده للسوفيات سابقاً تبلغ 17 مليار دولار، فهذا يعني ان معظمها من الاسلحة التي بحوزتنا، بالاضافة الى التي تم تدميرها. وحالياً نركز على زيادة الكفاءة القتالية للجيش في كل فصائله البرية والبحرية والجوية والحفاظ على روحه المعنوية العالية التي حققت النصر، ولكن ليست لدينا بالطبع اية نيات توسعية".
الجبهة الشعبية اقامت متحفاً حربياً عرضت فيه نماذج من الاسلحة التي غنمتها، والبنادق الاولى التي بدأت بها الثورة في 1961. وقال مدير الاثار والمتاحف في اسمرا تاج الدين نور الدائم لپ"الوسط" ان الجبهة الشعبية حصلت من الاثيوبيين على أسلحة كثيرة، منها الصواريخ المضادة للطائرات والدبابات والقذائف الموجهة وتمكنت خلال فترة الحرب من تعديل كثير من الاسلحة والمعدات الحربية السوفياتية والاميركية وغيرها التي حصلت عليها لحل مشكلة قطع الغيار والذخيرة ومنها راجمات الصواريخ من طراز "ب م 21" ذات الاربعين فوهة حيث حولت هذه المواسير الى مدافع صغيرة تحمل على السيارات والسفن والمدافع الجبلية، وكذلك تم تحويل مدافع طراز 120 من العربات الى اللنشات البحرية ومدافع ب - ام - 14 الروسية الكورية ومدافع الدوشكا وتم استخدام مضخات عربات الفيات العسكرية لتشغيل ماكينات اعادة تعبئة الذخيرة. واشار الى ان الجبهة الشعبية انشأت مصانع كبيرة في الميدان لصناعة المستلزمات العسكرية والادوية والاغذية الى جانب مطابع ضخمة لطباعة الدوريات الخاصة بالتثقيف السياسي والمنشورات الداخلية وحتى الكتب المدرسية والاثاث، وحالياً اصبحت هذه الصناعات قاعدة لتأسيس الصناعة الوطنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.