يرجح أن تكون الطبقة الاجتماعية المعيار الفاصل في المجتمع الأميركي، في غضون السنوات المقبلة، وأن تحل محل المعيار العرقي الذي غلب على المراتب السياسية الى حين انتخاب باراك أوباما. وهذا انعطاف في التاريخ الأميركي. وارتقاء أوباما هو مرآة تبلور بورجوازية سوداء اجتمعت من ارتقاء أفراد كثر جراء كفاءتهم، وغدت قوة اجتماعية وانخرطت في صلب النظام العام. وفي أواخر ستينات القرن الماضي كانت الأسر الفقيرة 70 في المئة من جملة الأسر الأفريقية. وهي اليوم 27-37 في المئة. ويبلغ من يجنون دخلاً سنوياً يفوق المئة ألف دولار، ويعرّف الدخل هذا الطبقة الوسطى، 17 في المئة. وكانوا لا يتعدون 3 في المئة قبل نحو نصف قرن. وفي الأثناء، اتسعت الفروق الطبقية الاجتماعية، وتعاظمت الفجوة بين كبار الأغنياء، وبين الطبقة الوسطى. وتتخطى الفجوة هذه العرق. فركود المداخيل، أو ترديها، لا يقتصران على الأميركيين الأفارقة والأميركيين"الاسبان"أو اللاتينيين، ويصيبان الجماعات القومية والعرقية من غير استثناء. فمعظم العاملين في الأعمال المنزلية هم من البيض، شأن عدد من المهن المتواضعة. وهؤلاء عادت عليهم الأزمة بتردي مداخيلهم وعوائدهم عموماً. وبين أربعينات القرن الماضي وسبعيناته، ارتفعت مداخيل الطبقات المتوسطة على نحو منتظم وجلي، وماشت مستوى مداخيل الطبقات العليا أو الثرية. ومنذ نهاية الحقبة هذه وعوائد الطبقات المتوسطة تتردى. والباعث على القلق هو أن الارتقاء من الطبقات"الدنيا"الى الطبقات العليا، تقلص وأصابه الركود والشلل. فليس يسيراً على الفقراء اليوم، على خلاف ما كانت عليه الحال قبل أربعة عقود، التغلب على فقرهم، ولحاق من يعلونهم مستوى اجتماعياً. وبيانات"سيتي غروب بنك"تدل على أن 1 في المئة من الأسر الأميركية الأعلى دخلاً تملك 7 في المئة من جملة الثروة الوطنية. وكانت هذه الحال في 1913، يوم سادت الاحتكارات الصناعية والتجارية الاقتصاد والمجتمع الأميركيين. والقيمة الصافية لأرصدة هذه الفئة وممتلكاتها تفوق قيمة ما يملكه 90 في المئة من أكثر الأسر الأميركية فقراً، مجتمعة. و20 في المئة من فئة المكلفين ومسددي الضرائب العليا جنوا، في 1979 ? 2000، ثلاثة أرباع زيادة المداخيل عموماً في السنوات هذه. ويبطل هذا العقد الأميركي المضمر أو الضمني. وقضى العقد بأن التعليم والعمل المثابر هما مفتاح نجاح اجتماعي وعملي مضمون. ومنذ العام 2000 ومعظم المتخرجين من التعليم العالي تتقلص قيمة مداخيلهم. ويتوقع أن يفاقم الركود الاقتصادي التراجع هذا. فنصف الشركات، بحسب استطلاع يعود الى أواخر 2008، تنوي توظيف عدد أقل من أصحاب الشهادات الجامعية في الأشهر المقبلة. ويتضافر على الحال هذه عاملان: تعاظم عدد أصحاب الشهادات الجامعية وإرجاء أهل طفرة الولادات البالغين الستين اليوم تقاعدهم. وتنافس العمالة الماهرة في الدول النامية أصحاب الكفاءات في المجتمعات الغربية. ومشكلة أوباما الأولى، وهو انتخبه أولاً من لم يبلغوا الثلاثين، هي الوفاء بالوعد الأميركي، وعدم الإخلاف بالتفاؤل التاريخي، وهو ركن من أركان الاستقرار السياسي. * زميل رئاسي في جامعة تشابمان وصاحب "تاريخ المدينة العالمي"، عن "نيوزويك" الأميركية، إعداد و. ش. نشر في العدد: 16770 ت.م: 04-03-2009 ص: 25 ط: الرياض