أصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا حكما بإعدام أخوين غير شقيقين للرئيس الراحل صدام حسين وبالسجن 15 عاما لكل من نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز ووزير الدفاع السابق علي المجيد في قضية إعدام 42 تاجراً ابّان الحظر الدولي في تسعينات القرن الماضي. واعتبر بديع عزت عارف، محامي طارق عزيز، قرار المحكمة بسجن موكله 15 عاما"قاس جداً"، ولم يكن متوقعاً، ووصف الحكم بأنه"غير عادل وجاء سياسيا بالدرجة الاولى". وقال القاضي رؤوف رشيد عبدالرحمن، إن المحكمة"قررت الاعدام شنقا لكل من وطبان ابراهيم الحسن وسبعاوي ابراهيم الحسن، والسجن 15 عاما لطارق عزيز وعلي حسن المجيد ومزبان خضر هادي لارتكابهم جريمة ضد الانسانية". والحكم بالسجن على المجيد هو الاخف مقارنة بثلاثة احكام سابقة بالاعدام في قضايا"الانفال"والانتفاضة الشيعية و"احداث صلاة الجمعة". والتهم الموجهة في قضية"اعدام 42 تاجراً في بغداد بتهمة الغش العام 1992"هي"الاشتراك بالقتل العمد والسجن والحرمان الشديد والتعذيب وجرائم ضد الانسانية". وكان وطبان وزيرا للداخلية ابّان اعدام التجار، اما سبعاوي فكان مديرا للامن العام 1991-1995، كما كان هادي عضوا في مجلس قيادة الثورة، اعلى سلطة في العراق آنذاك. اما سكرتير صدام الشخصي عبد حميد حمود، فنال عقوبة"السجن مدى الحياة لارتكابه جريمة القتل العمد كجريمة ضد الانسانية". كما دانت المحكمة"وزير المالية السابق احمد حسن خضير 1992-1995 بالسجن ست سنوات"لكنها في المقابل قررت الافراج عن عصام رشيد حويش محافظ البنك المركزي السابق 1994-2003 بسبب"عدم كفاية الأدلة". واكد القاضي ان هذه القرارات"قابلة للتمييز خلال مهلة 30 يوما". ولدى صدور الاحكام، قال سبعاوي الحسن"يعيش العراق، يسقط المحتل، انا فداء للعراق والامة العربية افتخر بأن التحق بركب اخي الشهيد صدام حسين"الا ان القاضي اسكته طالبا منه تمييز الحكم. الى ذلك، اصدرت المحكمة قرارا باعتقال 36 شخصا. وقال القاضي:"نظرا لتوفّر الادلة التي تكفي لاجراء تحقيق في قضية اعدام التجار، قررت المحكمة اشعار قاضي التحقيق بتوقيف 36 شخصا بينهم كبار الموظفين في وزارة التجارة السابقة، وضباط في مديرية الامن الاقتصادي". وبدأت جلسات المحاكمة في هذه القضية في 29 نيسان ابريل 2008. وفور صدور الحكم، صرح محامي عزيز ان قرار المحكمة"قاس جداً، وغير عادل"، وقال عارف:"كنت اتوقع ان تتم تبرئته من هذه التهمة ايضا"، واضاف ان"كل المعلومات كانت تشير الى ان المحكمة ستفرج عنه". واضاف ان"عزيز كان وزيرا للخارجية حين اعدم هؤلاء التجار حتى انه كان في زيارة خارج العراق وليس له اي علاقة بالقضية. فهو بريء من هذه التهمة مثلما هو بريء من كل التهم المنسوبة له". وبحسب عزت فإن"القرار اتخذ لاعتبارات سياسية بحتة من اجل تبرير بقاء عزيز كل هذا الوقت في المعتقل، ولاستعماله الحكم كورقة مساومة مع البعثيين والمقاومة العراقية اذا كانوا ذاهبين الى مصالحة حقيقية". ويؤكد عارف ان الحكم جاء ليبرّر اعتقال موكله طارق عزيز لمدة خمس سنوات من دون محاكمة، ووصف عارف محامي الدفاع عن موكله بأنه"متدرب عيّنته المحكمة وهو ليس كفؤا". وذكر عارف انه سيطلب كل اوراق الحكم لأنه ينوي العودة الى بغداد لاستئناف الحكم لكنه قال:"انا غير متفائل لأن القرار متخذ على اعلى المستويات وفي جميع مراحل التقاضي". يذكر ان القضاء العراقي اصدر مذكرة اعتقال بحق المحامي عارف قبل ثلاث سنوات بتهمة اهانة المحكمة اثناء محاكمة صدام حسين، لكن الجيش الاميركي هرّبه الى عمّان حسب قوله. واشار عارف الى ان"موكلي عزيز أبلغني سابقاً بأنه لا ينوي استئناف اي حكم سيصدر ضده، لكنني اقنعته بضرورة الاستئناف والسير في الاجراءات القانونية الى نهايتها". ورفض زياد عزيز، نجل طارق عزيز، التعليق على الحكم بسجن والده وقال ل"الحياة"إن"الحكم لا يستحق التعليق ويدلل على مدى نزاهة القضاء العراقي". وعزيز المسيحي الوحيد بين اعضاء فريق الرئيس الراحل وتولى منصب وزير الاعلام وعمل نائبا لرئيس الوزراء 1991 -2003 بالاضافة لتوليه وزارة الخارجية. ويحاكم عزيز كذلك في قضية قتل وتهجير الاكراد الفيليين الشيعة ابّان ثمانينات القرن الماضي، وفي قضية قتل البارزانيين عام 1983. وكانت المحكمة اعلنت في 2 الشهر الجاري، براءة عزيز في قضية"احداث صلاة الجمعة"نظرا"لعدم تورطه او ثبوت اي شيء ضده"عندما حوكم مع 13 اخرين من اعوان النظام السابق بتهمة الضلوع في مقتل العشرات من انصار المرجع الشيعي الراحل محمد صادق الصدر عام 1999. نشر في العدد: 16778 ت.م: 12-03-2009 ص: 8 ط: الرياض