في مقالة للدكتور عبدالله دحلان، التي نُشرت في جريدة المدينة خلال شهر أغسطس، طرح رؤية عميقة حول أهمية البحث عن حلول عملية وذكية؛ لتوفير الراحة لقاصدي بيت الله الحرام، وحماية الطائفين من حرارة الشمس وأشعتها المباشرة. وقد شكّل هذا الطرح حافزًا ومدخلًا مهمًا لإعادة التفكير في ابتكارات هندسية ومعمارية غير تقليدية، تستجيب لاحتياجات الملايين من المسلمين الذين يؤدون شعيرة الطواف، دون أن تمس بقدسية المكان أو تعيق المشهد الروحاني للكعبة المشرفة. وفي ظل مقترح الدكتور دحلان، وبعد بحث عميق برزت فكرة إنشاء قبة زجاجية، أو كريستالية ذكية تغطي صحن الطواف؛ بحيث توفر الحماية من حرارة الشمس وتقلل من انعكاس الأشعة على أرضية الرخام، وفي الوقت ذاته لا تعيق المشهد الروحاني لرؤية الكعبة ولا تحجب السماء عن أنظار الطائفين. الفكرة تنطلق من مبدأ العمارة المستدامة التي توظف التكنولوجيا لخدمة الإنسان، دون المساس بجوهر المكان وقدسيته. فالقبة يمكن أن تُصمَّم باستخدام مواد حديثة؛ مثل أغشية ETFE، أو الزجاج النانوي الذكي، وهي مواد شفافة وخفيفة الوزن، تسمح بدخول الضوء الطبيعي، لكنها قادرة على عكس الحرارة وتقليل تأثير الأشعة فوق البنفسجية، وبفضل تقنية الزجاج الكهروضوئي، يمكن التحكم بدرجة الشفافية وفقًا لحركة الشمس؛ ما يعني أن القبة تصبح مظللة في ساعات النهار الحارة، وتتحول شفافة في الفجروالمساء والليل. أما من الناحية الهندسية؛ فإن القبة لن تحتاج إلى أعمدة أو قواعد أرضية قد تعيق حركة الطائفين، أو تقلل المساحة بل يمكن تثبيتها عبر حلقات مشدودة إلى الأبنية المحيطة بالحرم. وبهذا يصبح الهيكل شبيهًا بشبكة هندسية معلّقة في الهواء، تمنح ظلًا واسعًا مع الحفاظ على الفضاء المفتوح، الذي يميز صحن الطواف. ومن الابتكارات الممكنة أيضًا أن تكون القبة ذاتية التنظيف من خلال طلاء نانوي يمنع تراكم الأتربة والمياه، إضافة إلى استخدام تقنيات الطائرات المسيّرة، أو الروبوتات الصغيرة للصيانة الدورية. كما يمكن دمج نظام تهوية بيئي لتصريف الهواء الساخن وإدخال تيارات هوائية مبردة. ما يحقق راحة قصوى للطائفين ويخفف من الازدحام والإنهاك الحراري. إن مشروعًا بهذه الضخامة سيكون نقلة نوعية في مجال العمارة الإسلامية والهندسة الذكية، ويمثل صورة حضارية عن المملكة، التي تسعى دائمًا لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن. مثل هذه المبادرات لا تعكس فقط التقدم التقني؛ بل تؤكد أن الحفاظ على قدسية المكان هو الهدف الأول، وأن الابتكار يمكن أن يكون في خدمة الروح قبل أن يكون في خدمة الجسد.