فخ الوحدة ينافس الأمراض الخطيرة .. هل يقود إلى الموت؟    ما مدى خطورة إصابة كيليان مبابي    فرنسا تهزم النمسا في بطولة أوروبا    مدرب رومانيا: عشت لحظات صعبة    الاتحاد الأوروبي يفتح تحقيقاً ضد صربيا    منهج مُتوارث    خادم الحرمين يتكفل بالهدي على نفقته ل3322 حاجاً وحاجة    أمطار الرحمة تهطل على مكة والمشاعر    يورو 2024 .. فرنسا تهزم النمسا بهدف ومبابي يخرج مصاباً    رئيس مركز الشقيري يتقدم المصلين لأداء صلاة العيد    القبض على إثيوبي في عسير لتهريبه (34) كيلوجراماً من مادة الحشيش المخدر    24 ألف ذبيحة في ثاني أيام العيد بالرياض    الإسباني لابورت يقترب من البقاء في دوري روشن    تخصيص 600 عامل نظافة لمنشأة الجمرات    السجن والغرامة والترحيل ل6 مخالفين لأنظمة الحج    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل مدير عام الدفاع المدني المكلف وقائد قوات أمن المنشآت    وزارة الداخلية تختتم المشاركة في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى إعلام الحج    الأمير خالد الفيصل يهنئ خادم الحرمين وولي العهد بحلول عيد الأضحى المبارك    الرئيس المصري يُغادر جدة بعد أدائه مناسك الحج    ولي العهد: نجدد دعوتنا للاعتراف بدولة فلسطين المستقلة    خادم الحرمين يتكفل بنفقات الهدي ل 3322 حاجاً وحاجة من برنامج الضيوف    نائب أمير مكة يسلم كسوة الكعبة لسدنة بيت الله الحرام    رسالة خاصة من كريستيانو رونالدو لنجله    وزير الصحة يؤكد للحجيج أهمية الوقاية بتجنّب وقت الذروة عند الخروج لأداء ما تبقى من المناسك    د. زينب الخضيري: الشريك الأدبي فكرة أنسنت الثقافة    إنجازات السياحة السعودية    تصادم قطارين في الهند وسفينتين في بحر الصين    «الهدنة التكتيكية» أكذوبة إسرائيلية    2100 رأس نووي في حالة تأهب قصوى    الرئيس الأمريكي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى    نائب أمير مكة المكرمة يطلع على خطط أيام التشريق    نجاح حج هذا العام    الذهب يتراجع ترقبًا للفائدة الأميركية    القبض على إثيوبي في الباحة لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر    ارتدوا الزي الوطني.. الثقافة السعودية تزين عيد الحجاج الصينيين    محمد بن ناصر يستقبل المهنئين بعيد الأضحى    الجوازات تؤكد جاهزيتها لإنهاء إجراءات مغادرة ضيوف الرحمن في جميع المنافذ الدولية    الأمن الصناعي بشركة المياه الوطنية عينُُ ساهرة لاتنام لحراسة اكثر من 3 مليار لتر من المياه    فيلم "ولاد رزق 3" يحطم الأرقام القياسية في السينما المصرية بأكثر من 18 مليون جنيه في يوم واحد    51.8 درجة حرارة المنطقة المركزية بالمسجد الحرام    عروض الدرعية تجذب الزوار بالعيد    هيئة الاتصالات: وصول مكالمات الحجاج إلى 44.8 مليون مكالمة في مكة والمشاعر خلال يوم العيد    "الصحة" للحجاج: تجنبوا الجمرات حتى ال4 عصراً    عيد الأضحى بمخيمات ضيوف الملك ملتقى للثقافات والأعراق والألوان الدولية    نائب أمير مكة يستقبل وزير الحج ووزير النقل والخدمات اللوجستية وقائد قوات أمن الحج    موسكو تحذّر كييف من رفض مقترحات السلام    كاليفورنيا ..حرائق تلتهم الغابات وتتسبب بعمليات إجلاء    «الأرصاد»: «49 درجة مئوية» الحرارة العظمى المتوقعة في منى ومكة.. اليوم    الاحتلال الإسرائيلي يحرق صالة المسافرين بمعبر رفح البري    رئيس "سبل" يهنئ القيادة بمناسبة حلول عيد الأضحى    قتل تمساح ابتلع امرأة !    «الإحصاء»: التضخم يواصل استقراره.. وصعود طفيف للأسعار    «الداخلية» للحجاج: تقيّدوا بالمواعيد والمسارات والاتجاهات المحددة    «السراب» يجمع يسرا اللوزي وخالد النبوي    1 من 6 مصابون به.. هذه المشكلات وراء العقم في العالم    5 فوائد صحية لماء البامية للرجال    ردة الفعل تجاه مستيقظي العقل    أمير منطقة تبوك يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات - كلام جاف في الوادي الخصيب
نشر في الحياة يوم 23 - 08 - 2008


السبت 16/8/2008 : سكان الوادي
الشرفة الواسعة تطلّ على سهل البقاع حيث لا يهنأ الليل بظلمته، فالبدر مسمّر في السماء يضيء الوادي وأهله الساهرين والنيام.
وإذا تضاءل القمر فصار هلالاً، هناك أنوار بديلة من بيوت معلقة على سلسلتي جبال لبنان الغربية والشرقية، جبال تشرف على الوادي، من أوله في الشمال الى لا آخره في الجنوب.
في الليل مشاهد الخصب واضحة. التراب الأحمر بين زرع وزرع، وتلك الكروم مثل جيش يستعرض الورق الأخضر والعناقيد.
الوادي الخصيب من أيام الرومان الى أيام لا ندري من يسود فيها. في هذا الوادي لبنانيون يتقاتلون فوق الخصب، تماماً فوق الخصب العريق، على أفكار جافة لم تقرب الماء ولم يقربها.
الأحد 17/8/2008 : شمس عاجزة
رأيتها واضحة مشبعة بضوء باهر، ورأتني بصعوبة لأنني في الظل أبقى، كما ترى شبحاً، وهي، في سطوع شمسها وظلها نافرة كأنما تخاف الأشياء أن ترافقها.
آتية من الماضي لإنهاض الحب من الذاكرة، حين الأزهار البرية على ضفاف الطريق ونهضة المشي صعوداً وهبوطاً والنسمات تلوّح الشعر والفستان، والعصافير تقترب لا تخاف وتبتعد لتملأ الأجواء بالفرح.
حين كان المشي الى لا مكان والحديث ينساب بلا تخطيط ولا إحالات، كلام القلب يسمونه، يبدو حناناً متبادلاً، فإذا استعدناه نستغرب إحساسنا الأول. ليس الكلام مهماً إنما أجواؤه، حتى إذا افتقدها لا يستعاد.
الكلام على ورق ليس كلاماً. إنه تفسير بطيء وأحياناً مضجر للكلام في ولادته الأولى، في عفويته وفي رنينه المحيي.
صار الحب الأول على ورق فاختفى، ولا يعوّض الورق. والشمس التي أنارت حركتنا وحركة الطبيعة من حولنا كأنها انطفأت وحل محلّها ليل الحقيقة.
لا ينهض الحب من الذاكرة، تأتي الحبيبة نفسها ولا ينهض.
نسكن في مكان واحد ولا ينهض الحب، حين لغتنا واحدة بلهجتين متباعدتين، واللغة لهاث لا تدوين حين تعني الحب لا المعارف ولا المناهج ولا الحسابات.
ذات يوم مضى كان جارنا اقليدس مع أعداده، وكنا نهتم بشجر اللوز في حديقته، نأكل اللوز حامضاً ونعلن الحب على ملأ من الطبيعة عند فم الوادي، تدفعنا الرغبة وعبق الزهر وإلفة العصافير... ذات يوم مضى، ولن تعيده تلك الآتية بوضوحها الباهر وشمسها العاجزة عن كشف غموض تراكم عبر الزمن.
الاثنين 18/8/2008 : بلا عودة
رأيت هذا من قبل
كيف أتنصل وكيف يتنصلون،
كأنني أرى للمرة الأولى
هذا الذي أحببت وليس لي حب إلاّه؟
- أصرّ على اسناني من باب التأكيد انني آت من هذا الذي مضى.
- سافر الى غيابك والأفضل أن لا تعود
لقد تدبرنا هذا العالم من دونك
تدبرناه في غيابك فلا تخربه في حضورك.
يبقى لنا النظام في مقابل أحزانك.
ارجع على غربتك، فمن يرحل لا يعود
ولا تصدق عواطف نعلنها لأهلنا، فإن غادروا يختلف الأمر.
نترك لهم العواطف الصغيرة وحدها... ومن بعيد
الثلثاء 19/8/2008 : حرية
العواطف الفردية والجمعية،
إنها تفيض من أزمنة لا من زمان واحد، من أمكنة لا من مكان واحد، وتصدر تعبيراتها بأساليب متنوعة، فلا تتشابه إلا في نقاط أساسية.
وحين أقول كلام الحب لا أستعيره كأنني عبد حرروه ليرتبط بعبدة حرروها، وكانت خطواتهما الأولى في الحرية كلام الأسياد السابقين.
نكسب الحرية لا نتلقاها هدية، مشروطة أو غير مشروطة.
ولو أن الأحرار يتقدمون كما هم، في حقيقتهم العارية، لتقبلتهم وربما أحببتهم. نقبل معاً على الحوار، حوار الحقيقة لا وهم التكاذب.
الناس كما هم لا كما يتجملون، أو يخضعون لعمليات تجميل، يتناسخون في شكل واحد.
الأربعاء 20/8/2008 : حسن نجمي
يحدّ الشاعر حسن نجمي من رومانسيته ويكثر من الصور ومن حركة الحياة والمقارنات، في ديوانه"على انفراد"الصادر عن دار النهضة العربية في بيروت 2007.
يأخذ الشاعر المغربي قصيدته من الحياة، فالقصيدة رفيقة يومه ومسجلة الوقائع، ومعلية هذه الوقائع الى سجلّ مرشح للبقاء.
من الديوان قصيدتان
الأولى"شمسٌ لا مبالية":
"بدأت شمسنا تنزل خلف المحيط.
في الجهة الأخرى للكرة الأرضية.
بعد قليل سنُظلِم. يلفُّنا ليل صديق.
ويأتي قمرنا كعادته وحيداً.
يوزِّع القُبلات المُفضَّأة.
نقتسم كاسات الرذاذ والزبد.
وقد تغدرُ بي رطوبة الرباط فأعطس كثيراً.
قد يشتد بي مزيد من الحنين.
كما لا يشتد بك هناك.
توزعتنا الضفاف.
ولم أعد أفهم هذا المحيط.
لم تعد ترِد عليَّ الكلمات كما كانت.
كأنَّ القصيدة خاصمتني.
بعد قليل سأصبح نورسة.
أرفرف بين السماء والماء.
وأحرِّكُ جناحيَّ باتجاهك".
والقصيدة الثانية"أظلمتُ كالليل":
"نَفَسي يصّاعد. نَفَسي شبه متضايق.
ساخنٌ مثل لظى الجمر والمطر يدق النوافذ. في منتصف الليل غادرت الفراش لأكمل قراءة الرواية لأدوِّن بضع أفكار طارئة وأهرب قليلاً بمنأى عن رائحة الثوم وأسأل: لماذا أنسى الأحلام وتُخفي ذكريات ذكريات؟
..................
صرت في حاجة الى قليل من أرض لأستريح.
سمائي ممزقة. واصبح لها ظل من حديد
تُذهلني أطرافي أصبحت سريعة الابتراد ويداي اللتان لا تقويان على الإمساك.
بدأت أفقد صفاءاتي ويؤرقني مزاجي. يتهدم بداخلي شيء.
أظلمت كالليل.
أنا الآن ليلٌ في الليل."ليلي تاريخ الليل"!
نفَسي يختنق. وأحلم بكتيبة من ريح.
وتلمع على شفتيّ حافة الكأس.
صِرت أسكر وأفرط في السكر.
وفي طريق العودة الى أهلي أضع حجراً في جيوبي.
وأسقط عند أول جسر.
وأسقط في الماء".
الخميس 21/8/2008 : مدن من رمل
على هذا الشاطئ، في يدي رمل وأصداف صغيرة وحصى متنوعة الألوان.
على هذا الشاطئ في الليل تحت ضوء القمر، يشرب الرمل الضوء ويطلقه شحيحاً.
انه هدوء الليل بين نهار ونهار، بين غزاة وغزاة، من البحر يأتون ومن برّ بعيد. يفاجئوننا.
عند هذا الشاطئ بنينا مدناً وأتى الغزاة فإذا هي مدن من رمل.
ونحن، أهل الشاطئ، نتسرب الى أمكنة أخرى، مثل ماء من سلة قش، تبقى قطرات قليلة وأكثر الماء خارج السلة.
أنا القطرة القليلة
قطرة من شعب كان وتسرّب.
القطرة الشاهدة على مدن محكومة بالإخلاء، مدن من حجر، ثم من رمل.
أنا الشاهد أتكرر بأسماء متعددة، قطرة تشبه قطرة، وعيون ساهرة على ما كان، على إيقاع الغياب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.