سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أمل بمفاوضات سورية - إسرائيلية مباشرة وانتقد عدم تعاون إيران في الموضوع النووي . لافروف ل "الحياة": الوضع الحالي لا يدفع إلى التفاؤل بإحراز تقدم في التسوية الفلسطينية - الإسرائيلية
اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن فرص التوصل إلى تسوية في الشرق الأوسط قبل نهاية السنة الحالية ما زالت قائمة. لكنه حذر من التسرع في التوصل إلى استنتاجات محددة مشيرا إلى أن"الأسس متوافرة لمواصلة الحوار حتى بعد انقضاء العام 2008". وعدّد ثلاث مشكلات أساسية تعرقل عملية السلام، ولا تترك مجالا للتفاؤل بإحراز تقدم في مدى قريب، هي: الاستيطان وحصار غزة والانقسام الفلسطيني. وجدد تأكيد الحاجة الى عقد"لقاء بنّاء"دعت إليه موسكو، وسيحدد موعده خلال لقاء الرباعية الدولية الشهر المقبل. وأكد لافروف في مقابلة مع"الحياة"دعم بلاده مسار المفاوضات بين سورية وإسرائيل، داعيا إلى تحولها إلى"مفاوضات مباشرة في أقرب وقت". وجدد دعوة بلاده الى تأسيس نظام أمني جماعي في منطقة الخليج العربي لأنه"حاجة ملحة تلبي متطلبات بلدان المنطقة وغيرها من الأطراف المعنية". وانتقد"عدم التعاون الإيراني مع الوكالة الدولية"لكنه شدد على"عدم وجود طريق آخر غير طاولة الحوار السياسي لحل المشكلة". الآتي نص الحوار: كيف تقوّمون المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية؟ وهل تعتقدون أن فرص التوصل إلى تسوية قبل نهاية ولاية الرئيس جورج بوش ما زالت متوافرة؟ - كما هو معلوم، وضع الطرفان، الفلسطيني والإسرائيلي، في أنابوليس نصب أعينهم مواصلة المفاوضات السلمية حتى نهاية هذه السنة. وكان من الصعب، حتى في ذلك الوقت، توقع أن يكون الطريق المؤدي إلى هذا الهدف خالياً من المعوقات، وألا يتطلب السعي إلى أي تسوية بذل جهود هائلة. وتحديداً، عندما يجري الحديث عن القضايا الحساسة لدى الطرفين، مثل الحدود والقدس واللاجئين. وبغض النظر عن كل الصعوبات، يتواصل الحوار الفلسطيني - الإسرائيلي، وهذا أمر مهم من دون شك. من ناحية أخرى، فإن طبيعة الظروف الحالية تفرض على المفاوضين أطر عمل محددة. وأعتقد أنه لا يجب الاستعجال في التوصل إلى استنتاجات في هذا المجال. فما زالت فرص إحراز نتائج إيجابية هذه السنة قائمةً. وينبغي القيام بكل ما يلزم من أجل استغلالها. على أي حال، فإن الأسس متوافرة لاستكمال المفاوضات حتى بعد نهاية هذه السنة. لكن للأسف أعتقد أن مسألة تحقيق تقدم ما زالت ضعيفة، ولا تدفع على التفاؤل، لأن الوضع القائم يطرح عوامل تعقّد سير الحوار، أبرزها النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، وحصار قطاع غزة والشقاق المتواصل بين الفلسطينيين. ونحن في موسكو نرى وجوب التعامل مع هذه المشكلات الآن وعدم تأجيلها، لأن تركها إلى فترة لاحقة لن يكون خطأ فقط بل ستكون له آثار ضارة ونتائج غير بناءة. في الوقت ذاته، هناك حراك في العلاقات الفلسطينية - الاسرائيلية، وفي المنطقة عموماً، تساعد على تحسين الأجواء المحيطة بالعملية التفاوضية. وفي هذا الصدد، من الضروري الحفاظ على الإجراءات التي تم التوصل إليها في شهر حزيران يونيو في غزة. وقبل ذلك، من الضروري التقدم من أجل التغلب على المشكلات الأخرى التي تبرز. اليوم ثمة ضرورة فعلية لدعم دولي للعملية السلمية، على المسار الفلسطيني أولاً، ومنحها زخماًَ إضافياً. وهذه المسألة واضحة بنظرنا. دعوتم الى مؤتمر في موسكو يشكل الحلقة الثانية لأنابوليس، لكن موعده تأجل أكثر من مرة، ما أسباب التأجيل؟ - ما زلنا نعتقد أن اجتماع موسكو يشكل خطوة إيجابية ومناسبة في توقيتها. يشاطرنا في هذا الرأي شركاؤنا في"الرباعية الدولية". والمبادرة الروسية لقيت تأييدا قويا من جانب الفلسطينيين والدول العربية. وهناك إدراك لأهمية اللقاء من الجانب الإسرائيلي أيضا. أود أن أؤكد، أننا لا نسعى الى عقد لقاء لمجرد اللقاء. نريد التوصل إلى نتائج ملموسة. وبالنسبة الى المواعيد النهائية، تم الاتفاق في إطار"الرباعية"على أن نحدد موعدا نهائيا لعقد اللقاء خلال الاجتماع الوزاري الدوري المقرر عقده في نيويورك في نهاية أيلول سبتمبر المقبل. سعيتم الى وساطة بين سورية وإسرائيل، والآن شرع الطرفان في مفاوضات غير مباشرة عبر تركيا، ما هو تقويمكم لسير المفاوضات؟ وهل يمكن لموسكو أن تلعب دورا في هذا المجال؟ رحبنا منذ البداية بإحياء المفاوضات بين دمشق وتل أبيب في ظل الوساطة التركية. إضافة إلى ذلك، عملت روسيا بفعالية خلال فترة طويلة من خلال اتصالاتها مع الإسرائيليين والسوريين لتمكين الطرفين من الجلوس إلى طاولة حوار. ننظر إلى هذا التقدم باعتباره خطوة جادة نحو تحقيق أهدافنا الأساسية، المتمثلة في أن تكون التسوية السلمية في الشرق الأوسط شاملة وطويلة الأمد. نأمل بأن تتخذ المفاوضات، في أقرب وقت ممكن، شكل اتصالات مباشرة بين الطرفين، ونحن مستعدون دائما لدعم هذا التحرك. وأريد أن أؤكد هنا أن لا مجال للحديث عن منافسة على صعيد الجهود الخارجية لتقريب وجهات النظر بين الطرفين السوري والإسرائيلي، لأن هذا قبل كل شيء خيار الطرفين المعنيين ونحن نحترم هذا الخيار وندعمه. اقترحت روسيا إنشاء نظام أمني في منطقة الخليج العربي بمشاركة كل أطراف المنطقة. أين أصبحت هذه المبادرة الآن؟ - بالفعل بادرنا منذ أواسط التسعينات في القرن الماضي الى طرح اقتراحات عدة، جوهرها إيجاد آليات لضمان الأمن وإعادة الاستقرار في منطقة الخليج. وفي العام الماضي أطلقنا مبادرة شاملة تضمنت تصورات لكيفية بلوغ الهدف المنشود. وهذه الوثيقة تم تسليمها إلى كل الأطراف المعينة لدراستها. وطبيعي أن مبادرتنا تستند إلى قلقنا من التطورات الخطيرة المتواصلة في هذه المنطقة الاستراتيجية. وطبيعة الأوضاع هناك لا تجعل التوقعات اللاحقة تبعث على التفاؤل. ونحن، انطلاقاً من قناعتنا في عدم جدوى فرض قرارات بالقوة في ما يتعلق بمشكلات المنطقة، نركز على وجوب حشد الجهود الجماعية لإيجاد تسويات سياسية تصل في نتيجتها إلى الهدف الأساسي، وهو إقامة نظام أمني إقليمي شامل تشارك فيه كل الأطراف الإقليمية، من دون استثناء أحد، بالإضافة إلى الأطراف المعنية من خارج المنطقة. والمبادرة الروسية تراعي التحرك على شكل خطوات مرحلية للتوصل إلى الأهداف الموضوعة، بدءا من البحث عن تسويات مقبولة للمشكلات الأشد حدة والأكثر إلحاحا، وهي هنا المشكلة العراقية وملف إيران النووي. وفي الوقت ذاته من المهم التحرك بالتدريج نحو تطبيع الوضع عموما في المنطقة، من خلال بناء آليات إعادة الثقة والتعاون، وإيجاد ضمانات الأمن اللازمة لكل الأطراف، والتوصل إلى اتفاقات تنظم مسألة مكافحة الإرهاب العابر للحدود في المنطقة، وأيضا لمواجهة التحديات المشتركة الأخرى. وطبيعي أن التحرك الإيجابي إلى الأمام في هذه المسارات سيوفر مناخا صالحا للدعوة إلى عقد مؤتمر دولي حول الأمن في منطقة الخليج، بأوسع مشاركة ممكنة، من كل الأطراف الإقليمية والدولية المعنية. ومع توضيح الموقف الروسي، أريد أن أؤكد أن اقتراحنا يهدف الى التكامل مع الجهود المبذولة حاليا لحل المشكلة العراقية والمسألة النووية الإيرانية. ونرى أن تحسين المناخ الأمني والسياسي في منطقة الخليج سينعكس إيجابا على الوضع العام في الشرق الأوسط، وسيوفر مناخا صالحا وإيجابيا للتقدم على صعيد العقدة الأساسية في المنطقة، أقصد التسوية العربية الإسرائيلية. وعلى الصعيد الاستراتيجي فإن النظام الأمني الشامل في منطقة الحليج يجب أن يغدو، من وجهة نظرنا، جزءا لا يتجزأ من النظام الإقليمي العام الذي سيرى النور في مرحلة ما بعد الصراع في المنطقة. وإضافة إلى كل ذلك، فإن بناء هذا النظام الأمني سيكون دفعة مهمة نحو استقرار أسواق الطاقة العالمية. وشركاؤنا في منطقة الخليج قوّموا المبادرة الروسية إيجابيا، وفي المرحلة المقبلة سنواصل العمل لدفعها إلى الأمام. ونحن ننطلق من أن اقتراحاتنا ستتقاطع مع اقتراحات وأفكار تقدمها الأطراف المعنية الأخرى. ما هو موقفكم من التطورات في ملف إيران النووي؟ - الوضع العام حول برامج طهران النووية ما زال صعبا ومعقدا، بصرف النظر عن التقدم الذي حصل على صعيد إغلاق بعض الملفات التي كانت عالقة ودفع التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية. طهران لا تلبي كما يجب مطالب مجلس الأمن. ولم توقف تخصيب اليورانيوم. وتواصل بناء مفاعلات المياه الثقيلة. وما زالت تمتنع عن المصادقة على البروتوكول الإضافي حول الضمانات المقدمة للوكالة الدولية المتعلقة بمعاهدة منع انتشار السلاح النووي. وغير ذلك الكثير من النقاط التي ما زالت عالقة ولا تتعاون طهران فيها بالشكل المطلوب. وكل هذه المطالب تم جمعها وبلورتها في النداءات المتكررة الصادرة عن مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي نصت على الخطوات المطلوبة من إيران لإعادة بناء الثقة ببرنامجها النووي. وتمكن"السداسي الدولي"الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن زائداً ألمانيا بفضل جهود كبيرة مارسناها من فتح مجالات محددة لبدء الحوار مع إيران، على أساس اقتراحات الحوافز الهادفة للتوصل إلى حل شامل للمشكلة، والآن نحن نركز الاهتمام على آليات تنفيذ الرؤية التي تم التوصل اليها، وندرس كل الاحتمالات في إطار استراتيجية متفق عليها داخل"السداسي"وقائمة على أساس التعاطي المزدوج مع طهران. ونحن نأمل في أن تقابل الجهود بخطوات إيرانية بناءة. ويجب التنبيه إلى أنه لا يمكن تجاهل حق إيران الشرعي في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، بعد ترسيخ الثقة بالطابع السلمي للبرامج الإيرانية، وهذا يوسع المجالات لإيران لتعزيز تعاونها السياسي والاقتصادي وعلى الصعد المختلفة مع المجتمع الدولي بما في ذلك قطاع الطاقة الذرية السلمية . عموما، روسيا تدعو بثبات لتسوية الوضع حول برنامج إيران بالطرق السياسية الديبلوماسية حصرا، وكل المسائل يجب حلها على طاولة المفاوضات، نحن لا نرى طريقا غير هذا للحل. وفي اتصالاتنا الثنائية دعونا وندعو طهران الى الإفادة من العرض الدولي المقدم لإطلاق عملية الحوار. أما التدريبات العسكرية والمناورات التي قامت بها إيران في المنطقة، فنحن لا نربطها بملف البرنامج النووي ولا نرى علاقة لها بالجهود الدولية المبذولة لتسوية هذه المشكلة.