حقق صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» قفزة نوعية في توظيف السعوديين خلال الربع الأول من عام 2025، إذ ساهم بتوظيف نحو 143 ألف مواطن ومواطنة في منشآت القطاع الخاص، محققًا بذلك نسبة نمو بلغت 93 ٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. والإنجاز الذي يأتي امتدادًا للدور المحوري الذي يؤديه الصندوق في دعم وتحفيز سوق العمل يعزز من مشاركة الكفاءات الوطنية في مختلف القطاعات الاقتصادية، ويتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تضع الإنسان في قلب التنمية، وتعتبره محركًا أساسيًا للنمو المستدام، ويسهم في تحقق برامج تمكين وتأهيل تستند إلى استراتيجية وطنية واضحة. وعلى مستوى برامج التدريب والإرشاد المهني، كشف تقرير الصندوق أن نحو 1.18 مليون مستفيد استفادوا من خدمات التدريب والتمكين خلال الربع الأول من العام، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 4 ٪ عن الربع نفسه من العام الماضي. وتُعد هذه الأرقام دلالة على تزايد وعي المواطنين بأهمية تطوير مهاراتهم، وكذلك على تنوّع البرامج المقدمة التي تشمل التدريب على رأس العمل، وبرامج التوجيه والإرشاد، والدورات المتخصصة في المهارات الرقمية والقيادية، فيما أنفق الصندوق للبرامج المختلفة خلال هذه الفترة نحو 1.83 مليار ريال سعودي، وتركّز هذا الدعم على تمكين الباحثين عن عمل، ومساندتهم في التدريب والارشاد، ما يظهر حجم الاستثمار الحكومي في تنمية الموارد البشرية، باعتبارها أولوية وطنية تهدف لبناء اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة. في الوقت نفسه، استفادت نحو 98 ألف منشأة من برامج الدعم التي يقدمها الصندوق، وهو ما يمثل نموًا بنسبة 37 ٪، ما يجسد نجاح «هدف» في الوصول إلى طيف واسع من المنشآت بمختلف أحجامها، من الصغيرة إلى المتوسطة والكبيرة، كما أن هذا الدعم ساهم في تخفيف الأعباء المالية على المنشآت، وتمكينها من توظيف السعوديين بكفاءة أعلى، ما يخلق دورة اقتصادية محلية قائمة على التمكين والتكامل. تحول فلسفة التوظيف وشدد خبراء اقتصاديون على أن اللافت أن هذه المؤشرات لا تمثل أرقامًا صاعدة فقط، بل تعكس تحولًا في فلسفة التوظيف، إذ بات التركيز على التوظيف النوعي والمستدام، بدلًا من الحلول قصيرة الأجل، كما تعكس تطور العلاقة بين «هدف» والقطاع الخاص، بحيث لم يعد الصندوق جهة تمويل فحسب، بل شريكًا استراتيجيًا في النمو والنجاح، مؤكدين ل»الرياض» أن الشأن الاقتصادي بهذه الطريقة يحقق نموًا ويقلص من حجم البطالة ويعكس التقدم الاقتصادي في هذا النمو، وربطه بمؤشرات أداء حقيقية تضمن جودة التوظيف، وتحقيق الأثر الاقتصادي والاجتماعي المنشود، خاصة في ظل التنافسية المتزايدة في سوق العمل العالمي، والتحول الرقمي السريع الذي يتطلب جاهزية وكفاءة عالية من القوى العاملة. وقال د. محمد القحطاني -أستاذ الإدارة الدولية والموارد البشرية والمشاريع بجامعة الملك فيصل-: «إن هذه الأرقام تعد الأولى من نوعها من ناحية النمو، وهي نتائج مبهرة وإعطاء أرقام بهذه الطريقة لأول مرة منذ إنشاء القوة العاملة تضعنا أمام دقة مهمة للرصد الاقتصادي، ويعزز أن الصندوق بات قادراً على فهم ما يجري في السوق، ونتوقع في قادم الأيام أن تتعزز استراتيجية تبني خلق الفرص الوظيفية، خاصة أن بعض الشركات تكون ضحية لعدم فهم احتياجها الحقيقي لعدد من المؤهلين بما يجعلها تستفيد وتنمو وتسير عملها بشكل يجعلها تنمو اقتصادياً، خاصة تلك الشركات التي لديها نقص فعلي، فالزيادة تدفع لرفع الإنتاجية والجميع يستفيد ضمن هذه المعادلة الذهبية»، مشيراً إلى أن هذه العلاقة الذهبية بدأ يخلقها الصندوق، وقال: «نريد انسجام بين الصندوق وشركات القطاع الخاص ضمن علاقة قائمة على التكامل لتحقيق ما أشرنا له من فائدة». وتابع: «من الآن حتى عام 2030 سيكون لدينا نمو لشركات جديدة خاصة بعد تحقيق الصندوق السيادي الحوكمة بنسبة 100 % وهو مفاصل جوهرية تتصل بعضها ببعض لتشكل نجاحاً اقتصادياً عاماً، فهذه مؤشرات ترسم طريق جدي لنمو حالة التوظيف الفعلية ذي القيمة المضافة». وشدد رجل الأعمال محمد الحماد: «إن الأرقام التي نراها اليوم نتيجة منطقية لسياسات استباقية تبناها الصندوق في الأعوام الماضية. نحن أمام منظومة بدأت تؤتي ثمارها، حيث بات المواطن السعودي ليس موظفًا فقط، بل عنصرًا منتجًا يساهم في رفع كفاءة الاقتصاد الوطني، كما أن دعم المنشآت بهذا الشكل يعزز مناخ الأعمال ويحفز على التوسع وتوليد المزيد من الفرص النوعية». وتابع: «إن التحول الذي نشهده في دعم الموارد البشرية ليس مجرد دعم وظيفي، بل هو تأسيس لثقافة جديدة في سوق العمل السعودي»، مضيفاً: «إن صندوق هدف أصبح شريكًا فعليًا للقطاع الخاص، لا مجرد جهة تمويلية، ويُحسب له هذا التوازن بين دعم الأفراد والمنشآت، بما يصنع استقرارًا اقتصاديًا واجتماعيًا على المدى الطويل».