لطالما اعتُبرت المشاعر أمرًا قلبيًّا، لكن الأبحاث الحديثة في علم النفس والجهاز العصبي أثبتت أن البطن هي الأخرى تحمل نصيبًا كبيرًا من هذا العبء العاطفي؛ فالجهاز الهضمي لا يقوم فقط بوظائفه الحيوية، بل يُعد أيضًا مركزًا حساسًا يتأثر مباشرة بالحالة النفسية للإنسان. يعرف العلماء اليوم أن في البطن ما يُسمى ب "الدماغ الثاني"، وهي شبكة معقّدة من الأعصاب، تُعرف بالجهاز العصبي المعوي، وهذه الشبكة تتصل مباشرة بالدماغ الرئيسي من خلال العصب الحائر، وهذا ما يجعل التوتر أو الخوف أو القلق ينعكس سريعًا على المعدة والأمعاء، مسببًا أعراضًا مثل المغص، والغثيان، أو اضطرابات الهضم. وبلا أدنى شك، تُعد مشاعر البطن رسالة صامتة لما يدور في داخل النفس، ونلاحظ في حياتنا اليومية أن الطفل الذي لا يجد طريقة للتعبير عن حزنه؛ قد يشتكي من ألم في بطنه، والبالغ الذي يُخفي قلقه خلف ابتسامة، قد يشعر بثقل غامض في معدته. إنها الطريقة التي يخبر بها الجسد صاحبه أن هناك شعورًا لم يُعبّر عنه بعد. ومن المهم تربويًا وإنسانيًا، أن نُصغي لما تقوله بطوننا، وليس كل ألم يعدُ ألمًا عضويًّا، وليس كل صمت هو صمتُ صحيّ في كثير من الأحيان، وتحتاج المشاعر المكبوتة إلى مساحة آمنة للخروج والتفريغ قبل أن تختبئ في الأمعاء، وتتحول إلى معاناة صامتة وطويلة. ويجب أن لا نغفل عن الاعتناء بالمعدة، وهذا لا يقتصرعلى الغذاء الصحي فحسب؛ بل يشمل أيضًا العناية بالصحة النفسية؛ فالتنفيس والبوح والتأمل، كلها وسائل لتخفيف عبء المشاعر عن الجسد، كما أن البطن ليست مجرد عضو في أجسادنا، بل كائن حساس يعمل كمرآةٍ للمشاعر، ويتحدث ولكن لمن ينصت، ويحسن التنفيس.