قدّمت إسرائيل مقترحاً جديداً ضمن مفاوضات غير مباشرة، تُجرى في العاصمة القطرية الدوحة، يتضمن خريطة ثالثة لانتشار قواتها في قطاع غزة، وذلك في محاولة لإحداث اختراق في المحادثات المتعثرة حول وقف إطلاق النار. الخريطة الجديدة تمنح "مرونة أكبر" في التموضع العسكري الإسرائيلي على الحدود الجنوبية، وبخاصة في المنطقة الممتدة بين ممري موراغ وفيلادلفيا على الحدود مع مصر- بحسب ما نقلته صحيفة "جيروزالم بوست" عن مصادر مطلعة. ويقضي المقترح الإسرائيلي بتقليص حجم الوجود العسكري إلى منطقة عازلة بعرض كيلومترين قرب مدينة رفح، بدلاً من الخطة السابقة التي كانت تشمل نطاقاً أوسع بعرض 3 كيلومترات. وتقول مصادر إسرائيلية: إن تل أبيب مستعدة لسحب المزيد من قواتها خلال فترة التهدئة المقترحة البالغة 60 يوماً. ورغم التعديل الجديد، تتمسك حركة حماس بمطلبها الرئيس؛ بانسحاب إسرائيل إلى المواقع التي كانت تتمركز فيها قبل انهيار الهدنة الأخيرة في مارس الماضي. وترى الحركة أن أي اتفاق لا يتضمن هذا الشرط لن يكون مقبولاً، خاصة مع استمرار وجود القوات الإسرائيلية في جنوب القطاع، وممر موراغ، الذي يفصل بين رفح وخان يونس. وترتبط رغبة إسرائيل في البقاء عسكرياً جنوب القطاع بخطط حكومية، أشارت تقارير إعلامية إلى أنها تتضمن إقامة منطقة احتواء تضم مئات الآلاف من الفلسطينيين المهجّرين. ميدانياً، شهد قطاع غزة خلال الساعات الماضية قصفاً جوياً ومدفعياً عنيفاً، أسفرعن سقوط نحو 100 قتيل فلسطيني، في موجة هي الأشد منذ أسابيع. واستهدفت الغارات مختلف مناطق القطاع من شماله إلى جنوبه، بما في ذلك خان يونس ورفح، إضافة إلى حي الشجاعية شرق مدينة غزة. وأكدت مصادر طبية أن سبعة فلسطينيين قُتلوا في ضربات متفرقة جنوب القطاع، بينما أُصيب آخرون في غارة استهدفت سيارة توزيع مياه وسط مخيم النصيرات. كما لقي أربعة أشخاص مصرعهم شرق مدينة غزة، وتم انتشال ثلاث جثث من تحت الأنقاض في خان يونس. وبحسب تقارير محلية، استخدم الجيش الإسرائيلي أسلحة متطورة، بينها روبوتات مفخخة، في العمليات العسكرية داخل الأحياء الشرقية. وفي ظل هذا التصعيد، أطلقت وكالات تابعة للأمم المتحدة تحذيراً جديداً من انهيار وشيك للبنية التحتية في غزة، بفعل نفاد الوقود واشتداد الحصار. وقالت في بيان مشترك: إن المستشفيات بدأت تتوقف عن العمل، والمخابز توقفت عن الإنتاج، في وقت لم تعد فيه سيارات الإسعاف قادرة على التنقل. وأوضحت الوكالات أن الكمية الوحيدة التي دخلت من الوقود مؤخراً – نحو 150 ألف لتر– لا تمثل سوى"جزء ضئيل جداً" مما يحتاجه القطاع يومياً للحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات الإنسانية. ومنذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، تجاوز عدد القتلى في غزة 58 ألف شخص، فيما تخطى عدد الجرحى 138 ألفاً، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع. ورغم الجهود التي تبذلها الأطراف الوسيطة في الدوحة، لا تزال فرص التوصل إلى هدنة شاملة غير واضحة، خصوصاً بعد فشل المحادثات التي عقدها الأسبوع الماضي كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دون الإعلان عن أي تقدم يُذكر.