في أحدث فصول التصعيد الأمني، الذي تشهده مدينة السويداء جنوبسوريا منذ أسابيع، قُتل أربعة عناصر من الجيش السوري وأُصيب عشرة آخرون، أمس (الاثنين)، خلال مواجهات عنيفة شهدتها المحافظة. ودارت الاشتباكات بين وحدات من الجيش ومجموعات مسلحة، وصفتها الجهات الرسمية ب"خارجة عن القانون"، وذلك أثناء محاولة القوات الحكومية الانتشار وفرض الاستقرار في المنطقة. وبحسب ما نقلته شبكة"تلفزيون سوريا"، فقد تعرّضت وحدات الجيش السوري لهجوم مباشر من قبل مسلحين أثناء انتشارها في محيط المدينة؛ بهدف فض الاشتباكات المتصاعدة، ما أدى إلى سقوط أربعة قتلى وإصابة نحو عشرة آخرين بجروح متفاوتة. وأكدت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) بدورها"مقتل عناصر من الجيش أثناء تنفيذهم مهمة وقف الاشتباكات وحماية السكان المحليين في السويداء، إثر استهداف مباشر من مجموعات مسلحة خارجة عن القانون"، دون الإشارة إلى هوية المهاجمين أو الجهة التي تقف خلفهم. ويشهد جنوبسوريا، وخصوصًا محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، حالة من التوتر الأمني بين الفينة والأخرى، وسط تصاعد النزاعات المسلحة بين الدولة ومجموعات محلية مسلحة. في أول تعليق رسمي، أكدت وزارة الدفاع السورية دعمها لأي مبادرة تهدف إلى" تعزيز السلم الأهلي وترسيخ المواطنة"، مشيرة إلى أن "استعادة الأمن في السويداء مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطنين". وأعلنت الوزارة بدء عملية انتشار عسكري في المدينة، إلى جانب توفير ممرات آمنة للمدنيين في مناطق التوتر، في خطوة تهدف إلى احتواء التصعيد ومنع سقوط مزيد من الضحايا بين المدنيين. وتُعد محافظة السويداء من المناطق القليلة، التي ظلت بمنأى نسبي عن العمليات العسكرية الواسعة خلال السنوات الأولى من الحرب السورية، لكنها شهدت في الآونة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في التوترات الأمنية، وسط اتهامات متبادلة بين الحكومة والمجموعات المحلية بشأن المسؤولية عن الانفلات الأمني. وتتهم دمشق بعض المجموعات المسلحة في الجنوب بمحاولة فرض نفوذها خارج إطار الدولة، بينما تشكو أطراف محلية من التهميش والتردي الاقتصادي والفساد، وهو ما جعل الأوضاع في السويداء أكثر هشاشة، وأرضًا خصبة للتصعيد. وتسعى الحكومة السورية إلى بسط سيادتها على كامل الجغرافيا السورية، بينما تواجه تحدياً متنامياً من مجموعات محلية تتمتع بقاعدة شعبية ومطالب سياسية واقتصادية تراكمت خلال سنوات الحرب. ويخشى مراقبون من أن يؤدي استمرار العنف إلى توسيع فجوة الثقة بين الدولة وأهالي المحافظة، ما قد يُعقّد جهود التهدئة ويجعل من الجنوب السوري بؤرة قابلة للاشتعال في أي لحظة، ما لم تُرافق المعالجات الأمنية بحلول سياسية شاملة.